استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الجولان بين شرعية دولية وشرعية أمريكية

الأحد 7 أبريل 2019 07:04 ص

  • هل سيحقق قرار ترامب هدفه؟ الأمر يتوقف على الغلبة ولمن تكون: للشرعية الدولية أم لـ"الشرعية الأمريكية"!
  • تراهن إسرائيل وواشنطن على فرض وقائع على الأرض وتغيير "الحقائق" والواقع بالقوة والتفوق العسكري إلى ما لا نهاية.
  • الاستغلال الأمريكي الإسرائيلي للتحولات العربية وسيولة "النظام العربي الرسمي" أغراهما بتغيير وضع القدس والجولان وربما الضفة.
  • تلبية تطلعات الأجيال الشبابية تتطلب تحقيق نمو اقتصادي لا يقل عن 6% بينما هي حاليا أقل من نصف ذلك.
  • استمرار إهمال التنمية والعجز عن مواجهة تحديات القضايا الكبرى يشكلان وصفة لتعميم اليأس والإحباط.

لم يكن هناك خلاف بين الدول العربية في قمة تونس على القضيتين الرئيستين، الجولان والقدس، وكلاهما أسهم قراران للرئيس الأمريكي في تعقيدهما ودفعهما في مسارات خطيرة بالمنظور المستقبلي للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط.

إذ لا يمكن إسرائيل أن تطمئن إلى "سلام" وهي تُخضع رمزية مدينة القدس لمستوطنيها وعساكرها ولا تبدي أي أهلية حضارية حقيقية للإشراف على مقدسات غير يهودية، بل تتحدى وجدان العرب ومشاعر المسلمين كما المسيحيين.

وفي الوقت نفسه لا يمكن لإسرائيل أن تدعي مساهمة في استقرار إقليمي ما، فيما هي تعمل على تكريس احتلالها لمنطقة الجولان وبالتالي تعديل الحدود مع سوريا، بالاستناد فقط إلى "إعلان تنفيذي" يصدره رئيس أمريكي يعتنق الانحياز لإسرائيل كإيديولوجيا سياسية ووسيلة لتبادل الخدمات الانتخابية.

كان السؤال في القمة أي موقف "عملي"، عدا الموقف المبدئي، يمكن العرب أن يتبنوه نصرة للقدس ودحضا للتلاعب بوضع الجولان. غداة اعتراف دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، في التاسع من ديسمبر 2017، شكل وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ في القاهرة "لجنة متابعة" للاتصال بحكومات العالم، ولم يدم نشاط هذه اللجنة طويلا.

تبين أن مواقف كل العواصم مطابقة للموقف العربي، وهو الرفض التام للقرار وللعمل بموجبه، بل كان التطابق في الموقفين الدولي والعربي سابقا للقرار نفسه لأن العديد من رؤساء الدول حاولوا مسبقا إقناع ترامب بعدم الإقدام على خطوة "مؤذية" ولا فائدة منها، بل يمكن أن تثير توترات جديدة.

ثم استمر التطابق بعد القرار في كون العرب والأوروبيين والروس وغيرهم لا يريدون ولا يستطيعون الذهاب بعيدا في مخاصمة أمريكا. ولذلك جرى الاستماع في مجلس الأمن الدولي كما في الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية للدعوة الفلسطينية إلى "مؤتمر دولي" من دون تبنيها، فالجميع يعرف أن الدور الأمريكي لم يعد وسيطا نزيها إلا أن أحدا لا يريد أن يتورط في البحث عن بديل من هذا الدور.

كان من الطبيعي أن ترتسم الصعوبات نفسها في مقاربة قمة تونس لمسألة الجولان: يمكن اتخاذ مواقف الرفض لقرار ترامب، ويتعذر الاتفاق على موقف "عملي" ضد الولايات المتحدة حتى لو توفرت رغبة ضمنية قوية في التلويح بإجراءات معينة.

هل يعني ذلك أن قرار ترامب سيحقق هدفه؟ هذا يتوقف على الغلبة ولمن تكون: للشرعية الدولية أم لـ "الشرعية الأمريكية". هناك وقائع كثيرة في السياسة الدولية وفي نزاعات عديدة عانت وتعاني من تداخل هاتين الشرعيتين أو من تصارعهما أو تعطيل إحداهما الأخرى.

ما يصنع الفارق في هذه الحال هو الوقائع التي تفرض على الأرض بهدف تغيير "الحقائق" والواقع وحراسة ذلك بالقوة والتفوق العسكري إلى ما لا نهاية، وهذا ما تراهن عليه إسرائيل وواشنطن.

لكنهما تدركان أن خمسين عاما من الاحتلال والقمع لم تغير انتماء أهل الجولان، كذلك لم تغير هوية القدس، وهذان فارقان يعولان على القانون الدولي وخصوصا على إرادة السكان والحقيقة الحضارية التاريخية اللتين لا تفلح القوة العسكرية في تغييرهما.

لا شك في أن الاستغلال الأمريكي - الإسرائيلي للتحولات العربية وعدم تماسك "النظام العربي الرسمي" هو ما سهل الاعتقاد بإمكان التصرف بوضعي القدس والجولان وربما الضفة الغربية لاحقا، وفقا لـ"صفقة القرن" كما يعتقد كثيرون.

لكن المؤكد أن لا أمريكا ولا إسرائيل تعملان من أجل سلام دائم في المنطقة، وهذا ما ينبغي أن يكون محور التفكير العربي، إذ لا مصلحة عربية إلا في ظل استقرار ثابت. لكن هذا الاستقرار بات مهددا من الداخل قبل الخارج، ولذلك ربما يجدر السعي إليه بتوجهين مستقبليين حتميين:

أولا، إعادة إنهاض الدولة حيثما تعرضت للإضعاف والتفكيك، وتعزيز وجودها وسلطتها على أساس إصلاحات حقيقية تعالج الاختلالات التي انتابت الشأن الوطني واستطرادا القومي.

ثانيا، تفعيل مسارات تنموية داخلية قائمة على متطلبات الشعوب والمجتمعات، وعدم رهنها بتطورات النزاعات الإقليمية التي باتت مرتبطة بتدخلات خارجية متفاوتة الأهداف والمطامع...

وقد حان الوقت لتحديد نقطة انطلاق جديدة ربما اختصرها أحد الوزراء العرب بأن تلبية تطلعات الأجيال الشبابية تتطلب تحقيق نسبة نمو اقتصادي لا تقل عن 6% في حين أنها حاليا أقل من 3%.

ذاك أن استمرار إهمال هذا الاستحقاق التنموي الملح واستمرار العجز عن مواجهة التحديات الدولية في القضايا الكبرى يشكلان وصفة غير مجدية إلا في تعميم اليأس والإحباط.

  • عبدالوهاب بدرخان - كاتب وصحفي لبناني

المصدر | الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية