فورين بوليسي: من يحاسب السيسي على خاشقجي الخاص به؟

الثلاثاء 9 أبريل 2019 11:04 ص

على مدى الأشهر الـ6 الماضية، كانت واشنطن مشغولة تماما بمقتل "جمال خاشقجي"، وهو صحفي مقيم في الولايات المتحدة، على أيدي عملاء سعوديين في السفارة السعودية في إسطنبول.

وأدى ذلك إلى نقاش غير مسبوق حول العلاقات السعودية الأمريكية، وقيمة المملكة العربية السعودية كحليف استراتيجي.

وبينما كان الغضب العالمي يدور حول التستر العلني على القتل، عانت أمريكية أخرى لم يتم الكشف عنها في صمت من جروح خطيرة ألحقها بها حليف آخر مهم للولايات المتحدة، وهي مصر، هذه المواطنة الأمريكية هي "أبريل كورلي".

وفي الأسبوع الماضي، أمضيت ساعة مزعجة معها في واشنطن، وبعد أيام، ما زلت أعاني من صعوبة في تصديق أن المرأة التي قابلتها هي التي رأيتها مبتسمة في الصور مع صديقها في 13 سبتمبر/أيلول 2015.

وقد مات صديق "كورلي"، "رافائيل بيجارانو"، الآن، وتعاني "كورلي" من آلام جسدية شديدة من هجوم تركها مليئة بالشظايا والجروح التي أصيبت بها.

وتسير "كورلي" وتتحدث بصعوبة بالغة، وكانت بالكاد تستطيع رفع يدها لتحيتي، يمكنك أن تقول أيضا إنه من الصعب عليها الجلوس، وهي مصابة باضطراب ما بعد الصدمة.

لقد صدمني اللقاء معها حتى النخاع، ويجعلني هذا أتذكر أنه في وقت مبكر من زواجي، قضيت أنا وزوجتي وقتا مبهجا في الصحراء الغربية في مصر، في مكان ليس ببعيد عن المكان الذي تم فيه قتل "بيجارانو" و 11 آخرين، حيث أصيبت "كورلي"، وتزين صور تلك الرحلة الجدار في غرفة نومنا حتى يومنا هذا.

وفي ذلك اليوم من شهر سبتمبر/أيلول 2015، هاجمت مروحية أباتشي مصرية مصنعة من قبل "بوينغ" الأمريكية، مجموعتهم السياحية، وكانت "كورلي" هي الأمريكية الوحيدة بين مجموعة من المواطنين المكسيكيين.

وكما كشف تحقيق لـ"فورين بوليسي"، عقب الهجوم الأولي، عادت الأباتشي واستمرت في ضرب القتلى والجرحى لعدة ساعات، ومن الصعب أن نفهم السبب في ذلك، فلم يكن هناك ما يشير للقوات المسلحة أنها كانت أي شيء آخر غير مجموعة سياحية في رحلة صحراوية، وكانت المركبات التي تقل المجموعة تحمل شعار الشركة السياحية، وكانت ترافقهم حراسة من شرطة السياحة.

وحتى بعد أن نجح سائق ناج، وعضو مرافق له من شرطة السياحة المصرية، في الهروب من الجحيم الذي كان يمطر عليهم لطلب المساعدة عند نقطة تفتيش عسكرية قريبة، استغرق الأمر ساعات حتى أرسلت السلطات المصرية جنودا للمساعدة.

وفي النهاية، قام سكان من قرية في المنطقة المجاورة بإجلاء "كورلي"، التي انتهى بها الأمر في مستشفى بالقرب من القاهرة، وتم نقلها جوا إلى الولايات المتحدة بعد بضعة أيام.

ولن تكون "كورلي" قادرة على العمل مرة أخرى، لقد كانت راقصة ناجحة، ومصممة رقصات، ومتزلجة، عملت مع نجمات مثل "مادونا" و"كاتي بيري"، وكذلك ظهرت في عدد كبير من مقاطع الفيديو الموسيقية والإعلانات التجارية، وقد لا تتعافى أبدا من جروحها الجسدية والصدمة النفسية.

وبعد أن ألقت الحكومة المصرية باللوم على المجموعة السياحية لعدم حصولها على التصاريح المناسبة - رغم أنها فعلت - ووجودها في المكان الخطأ - رغم أنها لم تكن كذلك - عرضت على "كورلي" في النهاية 150 ألف دولار كتعويض.

ويعتقد محاموها أنها يجب أن تحصل على ما يقرب من 100 ضعف هذا المبلغ، بناء على تحليل دخلها المفقود، واحتياجاتها الطبية على مدار عمرها المتوقع.

ولا شك أن مصر تواجه تمردا سيئا في شبه جزيرة سيناء، ولديها مخاوف مشروعة حول أمن حدودها الغربية، ولقد طالبت أنا شخصيا، في هذه المجلة، بتقديم مساعدة عسكرية إضافية لمصر لضمان أمنها.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية تجاه حليفها، لكن عليها واجب التأكد من مسؤولية حلفائها عن الاستخدام الأمثل للأسلحة التي تقدمها واشنطن لهم، بمساعدة سخية من دافعي الضرائب الأمريكيين.

وتقع على عاتق الولايات المتحدة مسؤولية ضمان أنه عندما يتأذى مواطنوها بسبب الأفعال المهينة أو الإجرامية التي يرتكبها حلفاؤها، ضمان أن يتحمل هؤلاء الحلفاء المسؤولية، وحتى الآن، لم يحدث ذلك.

وكانت الحكومة المصرية غير راغبة في التصالح مع "كورلي"، وليس لها حق اللجوء إلى المحاكم الأمريكية، فهي لا تستطيع مقاضاة مصر بسبب قانون الحصانة السيادية الأجنبية الصادر عام 1976، ولا جدوى من محاولة رفع دعوى أمام المحاكم المصرية، والتي قد تستغرق أعواما، وسيتم تسييسها على الفور.

ويترك هذا الحل الوحيد في يد إدارة "ترامب" و"الكونغرس"، وقد لعب الرئيس "دونالد ترامب" دورا رئيسيا في الإفراج عن "آية حجازي"، وهي مواطنة أمريكية كان قد تم احتجازها ظلما في سجن مصري من مايو/أيار 2014 إلى أبريل/نيسان 2017.

وربما، كما فعل مع "حجازي"، يمكنه الضغط في قضية "كورلي" على الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي" عندما يجتمعان في البيت الأبيض اليوم الثلاثاء، لكن لا يمكن لأحد أن يكون متأكدا من ذلك في ظل إدارة تفتقر إلى الانضباط أو الالتزام بنهج سياسي واحد.

ويعرف موظفو مجلس الأمن القومي الأمريكي بإصابات "كورلي"، لكن "ترامب" قد يتجاهل ذلك بسهولة.

وهناك أيضا مشكلة سعي "ترامب" وإدارته إلى التخلي عن إحداث توترات مع مصر حول انتهاكات حقوق الإنسان والإصلاحات، والتركيز بدلا من ذلك على المخاوف المشتركة المتعلقة بالتعافي الاقتصادي في مصر، والقتال ضد المتشددين.

وإذا قرر "ترامب" أنه ينبغي منح هذه القضايا مكانة متميزة في العلاقات الثنائية، فستحتاج "كورلي" إلى الكونغرس.

وفي الماضي، كنت قد جادلت بأن تجميد المساعدات العسكرية لمصر لن يجعل البلاد أكثر استقرارا ولا ديمقراطية، لذا لم يكن هناك سبب لخوض قتال حول المساعدات، ولا أزال أنحاز إلى هذا التقييم.

لكن فيما يتعلق بـ"كورلي"، هناك شيء يجب القيام به، ليس فقط لأن قضيتها مروعة للغاية، ولكن لأن طياري طائرة الأباتشي لا يزالون يتجولون في الجو، ولا تزال وزارة الخارجية غير متأثرة، ويصل الرئيس المصري إلى واشنطن هذا الأسبوع لبحث الحصول على 10 مروحيات أخرى من نفس الطراز.

لذا، يتعين على الكونغرس، الذي يمتلك آخر الأدوات، أن يطرح تعويض "كورلي" بأكثر من 14 مليون دولار، التي يطالب بها محامي "كورلي"، من مخصصات مصر السنوية، البالغة 1.3 مليار دولار كمساعدة عسكرية، وتحويلها إليها.

ولا يمكن للحكومة المصرية أن تطالب دافعي الضرائب الأمريكيين بتمويل ترسانتها أمريكية الصنع، في الوقت الذي تقوم فيه بمحاولة قتل مواطنة أمريكية بقطعة من تلك الترسانة، ثم تتجاهل معاناتها بقسوة.

تستحق "أبريل كورلي" الأفضل، وتستحق الولايات المتحدة حليفا أفضل.

المصدر | ستيفن كوك - فورين بوليسي

  كلمات مفتاحية