ماذا يعني إدراج الحرس الثوري على قوائم الإرهاب الأمريكية؟

الثلاثاء 9 أبريل 2019 03:04 م

أدرجت إدارة "دونالد ترامب"، الإثنين، "الحرس الثوري الإيراني" على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية"؛ لتضيف مزيدا من العقوبات على طهران. وتعد هذه الخطوة غير مسبوقة في العلاقات الخارجية للولايات المتحدة؛ فهي المرة الأولى التي تصنف فيها الحكومة الأمريكية جيش دولة كمنظمة إرهابية، إلى جانب تنظيم "القاعدة" و"الدولة الإسلامية" وفصيل "الجيش الأحمر"، والعديد من المنظمات المحظورة الأخرى. وتجعل هذه الخطوة الحرس الثوري الإيراني يخضع لأوسع آليات الضغط القانوني والمالي من قبل الولايات المتحدة.

لقد أثنى صقور الإدارة الأمريكية المناهضون لإيران على الإجراء؛ فهم يرون أنه مبرر، وخطوة ضرورية ضمن الجهود المبذولة لممارسة أقصى ضغط على النظام الحاكم في إيران. فمن وجهة نظر هؤلاء الصقور، يجب عزل النظام الإيراني وتهميشه وإضعافه بكل التدابير والأدوات المتاحة للقوة الناعمة الأمريكية؛ وذلك لإجبار الجمهورية الإسلامية على تغيير سلوكها على الصعيدين الداخلي والإقليمي.

ولقيت هذه الخطوة ترحيبا من خصوم إيران، خاصة السعودية والإمارات و(إسرائيل)، الذين يضغطون منذ فترة طويلة على واشنطن لاتخاذ موقف أكثر تشددا تجاه طهران. وتنظر هذه الدول إلى الحرس الثوري باعتباره رأس الحربة في تحركات إيران المزعزعة للاستقرار عبر دعم الوكلاء في اليمن وغزة وسوريا ولبنان. كما تعتبر الحرس الثوري تهديدا عسكريا مباشرا، لا سيما بسبب الدور الرائد للمنظمة في بناء برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.

ليست مفاجئة

وفي نواحٍ كثيرة، لا تعد هذه الخطوة مفاجئة. فسابقا، تم استهداف الحرس الثوري عبر العديد من العقوبات الأمريكية، وإن كانت أقل وقعا. ويعود التاريخ الحديث للعقوبات المتعلقة بالحرس الثوري إلى الاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة للعراق، عندما عارضت الجماعات المسلحة الشيعية التي يرعاها الحرس الثوري القوات الأمريكية، وكانت مصدرا رئيسيا للقتلى في صفوف الأمريكيين. وفي 2007، قدم كل من السيناتور "جون كيل" والسيناتور "جوزيف ليبرمان"، تعديلا لقرار مجلس النواب رقم 1585 كان من شأنه توفير دعم قانوني للعمل العسكري المحتمل ضد إيران. ودعا السيناتوران، آنذاك، إلى تصنيف الحرس الثوري كـ"منظمة إرهابية أجنبية". وقد قوبل تعديلهم بمقاومة، لا سيما من السيناتور "جيم ويب"، الذي كان قلقا جزئيا من أن إدراج "الحرس الثوري" كمنظمة إرهابية يعتبر بمثابة دعم من الكونغرس لحرب مع إيران. وتم التوصل إلى حل وسط، وبدلا من تصنيف الوحدة العسكرية بأكملها، لم يتم إدراج سوى جناح قواتها الخاصة، فيلق "القدس".

ومنذ ذلك الحين، فرضت إدارتا الرئيس السابق "باراك أوباما" والحالي "ترامب" العديد من العقوبات على كيانات وموظفي الحرس الثوري. واستهدف معظمها الإمبراطورية التجارية الضخمة للحرس الثوري، بما في ذلك العشرات من الشركات الأمامية، وأنشطة أخرى مرتبطة ببرامج الصواريخ النووية والباليستية الإيرانية، وانتهاكات حقوق الإنسان، والعمليات خارج الحدود. واستمر "فيلق القدس" في الحصول على أكبر قدر من الاهتمام، وتكبد عقوبات لمشاركته في سوريا وأفغانستان ولبنان واليمن. وتم عقاب البنوك وشركات الطيران وشركات الشحن والكيانات التجارية الأخرى، إلى جانب الأفراد، لصلاتهم مع الحرس الثوري وفيلق القدس. وبالمثل، تم إدراج الوكلاء الأجانب للحرس الثوري الإيراني، مثل "حزب الله" اللبناني، ومليشيات عراقية مختلفة في قوائم العقوبات.

وتعد الشبكة الواسعة من التصنيفات والإدراجات المتعلقة بالحرس الثوري أساس نظام العقوبات الشامل ضد الجمهورية الإسلامية. فالحرس الثوري هو كيان دولة، ومتشابك بالفعل مع اقتصاد الدولة وعلاقاتها الخارجية. والعقوبات المفروضة على الحرس الثوري تصعب تعاملات إيران مع الدول الأخرى. وعلى الرغم من أن الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، أنهى العقوبات المالية الكبيرة التي كانت تفرضها الولايات المتحدة والأمم المتحدة على البلاد، إلا أن العقوبات الموازية للولايات المتحدة على الحرس الثوري ظلت سارية. وواصلت إدارة "ترامب" الاستفادة من تلك العقوبات. وبعد الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني عام 2017، فرضت الإدارة عقوبات أحادية جديدة تهدف إلى تقويض الاقتصاد الإيراني.

سياسات جذرية

قد لا يضيف إدراج الحرس الثوري على القائمة الأمريكية لـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية" إلى حد كبير إلى الضغوط المفروضة بالفعل على إيران، لكنه خطوة جذرية وتصعيدية. وفي البداية، قد يعقد العلاقات الأمريكية مع العراق؛ حيث يعمل الحرس الثوري حاليا بشكل علني إلى جانب شركائه العراقيين. وحاولت الولايات المتحدة بالفعل تشجيع الحكومة العراقية على إنهاء تجارتها مع إيران؛ لجعل بغداد متماشية مع العقوبات المالية الأمريكية، لكنها لم تكن قادرة على فرض الأمر بسبب اعتماد العراق الاقتصادي على إيران. وإذا حاولت الولايات المتحدة إجبار العراق على قطع علاقاته مع الحرس الثوري، فمن المرجح أن تواجه مقاومة شديدة. ويدعم الحرس الثوري الإيراني بقوة قوات "الحشد الشعبي"، وهي منظمة عسكرية عراقية رسمية، ولها علاقات وثيقة مع عدد لا يحصى من السياسيين والمنظمات العراقية القوية.

وانتقد المسؤولون الإيرانيون بالفعل إدراج الحرس الثوري على القائمة الأمريكية لـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية"، وردت طهران بالفعل عن طريق القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) ضمن لائحة التنظيمات الإرهابية. وقد يبدو ذلك سخيفا، لكنه قد يتسبب أيضا في مشاكل حقيقية. وإذا اعتبرت إيران رسميا أن القوات الأمريكية إرهابية، فإن أي فرد أو جهة على صلة بالجيش الأمريكي قد يتعرضوا لهجمات من الوكلاء الإيرانيين. ومن شأن هذا أن يجعل العمليات الأمريكية في العراق أكثر خطورة. وستزداد احتمالية التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران، مع أي هجمات على القوات الأمريكية من قبل الوكلاء الإيرانيين أو المواجهات المتوترة في عرض البحر بين الولايات المتحدة وقوات الحرس الثوري، التي تحمل إمكانات أكبر للتصعيد العسكري.

وعلى نطاق أوسع، سيكون من الصعب على أي إدارة مستقبلية التراجع عن اعتبار الحرس الثوري منظمة إرهابية أجنبية. وستواجه أي إدارة تسعى لإشراك إيران دبلوماسيا صعوبة في الالتفاف على مكانة الحرس الثوري المركزية في الجمهورية الإسلامية. وفي الواقع، يعد تصنيف الحرس الثوري تصنيفا لإيران ككل بالتبعية. ومن الصعب التنبؤ بأن تضغط أي إدارة مستقبلية من أجل موقف أكثر مرونة من الحرس الثوري؛ حيث من المحتمل أن يكون مؤيدو هذه الخطوة قليلين، والمعارضون أكثر. لقد أصبح الاحتمال البعيد بالفعل لتحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران أكثر بعدا.

المصدر | أفشون أستوفار - واشنطن بوست

  كلمات مفتاحية