لقاء السيسي ـ حفتر: تصعيد أم هبوط عن الشجرة؟

الاثنين 15 أبريل 2019 11:04 ص

في اليوم الذي كانت الأمم المتحدة قد حدّدته لبدء «الملتقى الوطني الجامع» في ليبيا (14 نيسان/إبريل) اجتمع الجنرال المتقاعد خليفة حفتر (أو المشير حسب المنصب الذي عيّن نفسه فيه) مع الرئيس المصري (وهو مشير أيضاً) عبد الفتاح السيسي، ورئيس استخباراته عباس كامل، في قصر الاتحادية بالقاهرة أمس «لبحث تطوّرات الأوضاع في ليبيا».

اللقاء الذي استغرق عدة ساعات تبعه بيان عن الرئاسة المصرية أكد فيه «دعم بلاده لجهود مكافحة الإرهاب والجماعات والميليشيات المتطرفة لتحقيق الأمن والاستقرار للمواطن الليبي في كافة الأراضي الليبية».

ترجمة «جهود مكافحة الإرهاب» على الساحة الليبية التي تعني ضمنا استمرار دعم إدارة السيسي لحفتر، أتبعها البيان الرئاسي، ومن دون إحساس بالتناقض الجسيم، بإعلان «حرص مصر على وحدة واستقرار وأمن ليبيا».

فإذا كانت حملة حفتر لـ«مكافحة الإرهاب» هي ما نشهده من حرب ضد الحكومة الشرعيّة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة والمنظومة الدوليّة، فهذا يعني أن إدارة السيسي تدعم هجوما غير قانونيّ على حكومة شرعيّة، وهو أمر ينطبق عليه صفة الإرهاب التي يدّعي الطرفان مكافحته.

أما «تحقيق الأمن والاستقرار للمواطن الليبي» الذي يتبجح به البيان الرئاسي المصري فيجري تنفيذه عمليّا بقصف المدنيين في العاصمة طرابلس ودفع عشرات الآلاف منهم للنزوح.

أما «الحرص على وحدة واستقرار وأمن ليبيا» فهو، على أرض الواقع الليبي، عمليّة إجرامية لشقّ البلاد وتدمير استقرارها. مفهوم طبعاً أن السيسي يريد دولة عسكريّة يقودها حفتر وتدور في فلك بلاده!

لكنّ حين يتعلّق الأمر بنظام مشكوك في شرعيّة رئيسه، الذي انتزع السلطة في انقلاب عسكريّ دمويّ على رئيس منتخب ديمقراطيا، يقوم علناً بدعم جنرال مغامر متهم بجرائم حرب ويواجه حكومة معترفا بها من الأمم المتحدة والمنظومة الدوليّة فهذه مخاطرة سياسيّة غير محسوبة.

لا نعلم إن كان حفتر قد وعد قيادات مصر وحلفاءها في السعودية والإمارات والبحرين بـ«حرب خاطفة» يُنهي فيها مقاومة حكومة «الوفاق» خلال أيام ثم قاد التعثّر العسكري «المشير الصغير» إلى طلب العون من «المشير الكبير»!

أم أن الأمر كان بالمقلوب، أي أن مصر وحلفاءها تلقّوا «إشارة» من قوة دولية (فرنسا) يطلب منهم تمويل عملية اجتياح سريعة بناء على تقديرها أن خطة حفتر لإنهاء حكومة «الوفاق» وتجميع كامل السلطات في يديه قابلة للتحقق.

الواضح أن أحلام حفتر وحلفائه العرب بما يشبه «حرب الأيام الستة» الإسرائيلية للقضاء على الحكومة الليبية الشرعيّة قد فشلت وأن آمال الجنرال المهزوم بإعلانه رئيسا عرفيّاً على البلاد قد تراجعت.

وتراجع معها السيناريو المصري لفتح المجال لإرهاب الدولة على طريقة «المشير الكبير» السيسي، مع إضافة «الخلطة» الخاصة بـ«المشير الصغير» حفتر، وإرث أمجاد الزعيم الليبي الأسبق معمر القذافي.

رغم الكلام المعسول الصادر عن بيان الرئاسة المصرية، ورغم إصرار حفتر على إنهاء «عقدة الجنرال الأسير» التي تطارده، فالخيارات أمام الطرفين محدودة:

إما الاستمرار في الحرب الأهلية والمزيد من المآسي الإنسانيّة وبالتالي المزيد من الضغوط على الدول الداعمة لحفتر، أو «الهبوط عن الشجرة» والعودة إلى خيار التسوية السياسية.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية