الجامعة العربية.. تاريخ من الفشل في معالجة القضية الفلسطينية

الأربعاء 17 أبريل 2019 03:04 م

قبل 6 أشهر من نهاية الحرب العالمية الثانية، أنشأت 7 دول عربية مستقلة تحالفا، حيث اجتمعت مصر والعراق وشرق الأردن (الأردن الآن) ولبنان والمملكة العربية السعودية وسوريا واليمن في القاهرة، في 22 مارس/آذار 1945، وشكلوا جامعة الدول العربية كمنظمة إقليمية جديدة لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية بين الدول الأعضاء فيها.

ومنذ ذلك الحين، أدى فشل الجامعة المستمر في مواجهة التحديات والنزاعات التي واجهها أعضاؤها، البالغ عددهم 22 إلى التشكيك في فاعليتها.

وربما كان أهم فشل للمنظمة العربية هو عجزها عن مساعدة الشعب الفلسطيني على تحقيق حلمه في دولة مستقلة.

وقد أعلن ميثاق جامعة الدول العربية، الوثيقة التأسيسية للمنظمة، أن وجود فلسطين واستقلالها "لا يمكن التشكيك فيهما بحكم القانون"، مثلها مثل أي دولة عربية أخرى.

ومع ذلك، على مدى الأعوام الـ 40 الماضية، أصبح خطاب جامعة الدول العربية حول ضرورة إنشاء دولة فلسطينية غامضا بشكل متزايد.

بداية ونهاية وحدة الجامعة العربية

وخلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، هاجمت (إسرائيل) مصر والأردن وسوريا، ونجحت في احتلال ما تبقى من فلسطين التاريخية، وعلاوة على ذلك، استولت على صحراء سيناء المصرية، ومرتفعات الجولان من سوريا.

وبعد 3 أشهر فقط من انتصار (إسرائيل) السريع، تم عقد قمة جامعة الدول العربية الرابعة، والمعروفة أيضا باسم "قمة اللاءات الثلاثة"، في الخرطوم، للتأكيد على الحاجة إلى التضامن العربي لاستعادة الأراضي التي فقدت خلال الحرب، حيث أكد التجمع التاريخي أنه "لا سلام، ولا مفاوضات، ولا اعتراف بـ (إسرائيل)".

وفي الأعوام التي تلت ذلك، عملت الدول العربية سويا لإعادة بناء قوتها العسكرية، وفي 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973، شنت القوات المصرية والسورية هجوما مفاجئا على (إسرائيل) في "يوم الغفران"، وهو يوم ديني يهودي مهم، ما مثل الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة.

وكانت القوات العربية تأمل في أن يعكس الهجوم الجديد "الهزائم المهينة" لحربهم السابقة مع (إسرائيل).

وفي البداية، تكبدت (إسرائيل) خسائر كبيرة خلال الهجوم العربي على جبهتين، ومع ذلك، بعد أقل من 24 ساعة، حشد الإسرائيليون فرقتين مدرعتين، تقدمتا في عمق الأراضي السورية.

وتوغلت القوات الإسرائيلية، فيما بعد، في خطوط الدفاع المصرية والسورية في 16 أكتوبر/تشرين الأول، وغيرت مجرى الحرب لصالح تل أبيب، الأمر الذي دفع العرب إلى استخدام أسلوب ضغط مختلف.

وردا على الهجوم الإسرائيلي المضاد، أعلن الأعضاء العرب في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" تخفيض إنتاجهم من النفط بنسبة 5%، في 17 أكتوبر/تشرين الأول. كما حظروا بيع النفط إلى الولايات المتحدة وهولندا، للضغط على الدول الغربية لإجبار (إسرائيل) على الانسحاب من الأراضي التي استولت عليها عام 1967.

ومع ذلك، فشل الهجوم العسكري المنسق وحظر النفط في نهاية المطاف.

وفي النهاية، وقع العرب والإسرائيليون اتفاقات فك الارتباط، ورفعت "أوبك" حظرها النفطي في مارس/آذار 1974، وتوفي حلم الوحدة العربية في ساحات القتال في حرب عام 1973، ومهد الطريق لفصل جديد في العلاقات العربية مع (إسرائيل) وفلسطين.

قضية الشرق الأوسط الضائعة

وزار الرئيس المصري "أنور السادات" القدس عام 1977، حيث ألقى خطابا عن السلام أمام "الكنيست".

وبعد ذلك بعام، دعا الرئيس الأمريكي "جيمي كارتر" كلا من "السادات" ورئيس الوزراء الإسرائيلي "مناحيم بيغن" إلى "كامب ديفيد".

وبعد 13 يوما من المناقشات السرية، وقع "السادات" و"بيغن" على اتفاقيات كامب ديفيد، التي وضعت الشروط الخاصة بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، ووضعت إطارا للسلام الإسرائيلي الفلسطيني، في 17 سبتمبر/أيلول 1978.

وبعد 6 أشهر، وقعت مصر اتفاقية سلام مع (إسرائيل)، في 26 مارس/آذار 1979.

وأدت هذه الخطوة غير المسبوقة إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وبقية العالم العربي، وكذلك تعليق عضوية مصر في جامعة الدول العربية. وقد تم نقل مقر المنظمة من العاصمة المصرية إلى تونس العاصمة.

وبعد 10 أعوام فقط، عام 1989، تم قبول مصر من جديد، وعاد مقر الجامعة إلى القاهرة بعد ذلك بوقت قصير.

ووقعت منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاقات أوسلو في 13 سبتمبر/أيلول 1993.

ونصت الاتفاقات على أن تقبل (إسرائيل) منظمة التحرير الفلسطينية كممثل للفلسطينيين، في مقابل تخلي منظمة التحرير الفلسطينية عن سلاحها، والاعتراف الرسمي بحق (إسرائيل) في الوجود بسلام.

وحذا الأردن حذو المنظمة، ووقع معاهدة سلام لتطبيع العلاقات مع (إسرائيل) في 16 أكتوبر/تشرين الأول عام 1994.

وبالمرور سريعا إلى عام 2002، أعلن ولي العهد السعودي آنذاك، الأمير "عبدالله بن عبدالعزيز"، مبادرة السلام العربية، خلال قمة جامعة الدول العربية الـ 20 في بيروت.

ودعا هذا الاقتراح (إسرائيل) إلى الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

ودعت المبادرة أيضا إلى "حل عادل ومتفق عليه بشأن قضية اللاجئين الفلسطينيين"، وفي مقابل ذلك، يعترف العالم العربي بدولة (إسرائيل)، ويقيم علاقات دبلوماسية مع تل أبيب.

ومن المثير للدهشة أن كل من جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي قد تبنتا المبادرة، آنذاك، مما عكس عقودا من السياسة العربية والإسلامية.

وفي الأعوام الأخيرة، وجهت إدارة "ترامب" ضربات قاتلة متتالية إلى حلم الدولة الفلسطينية.

وشملت هذه الضربات اعترافها بالقدس عاصمة لـ (إسرائيل) عام 2017، وتجميد المساعدات المالية لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عام 2018، ومؤخرا، اعترافها بضم تل أبيب لمرتفعات الجولان.

بقايا الخطاب الموالي للفلسطينيين

وفي قمة جامعة الدول العربية الـ 30، التي استضافتها تونس في 31 مارس/آذار الماضي، رفض الزعماء العرب اعتراف واشنطن بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وجددوا دعوتهم لإقامة دولة فلسطين المستقلة.

وخلال كلمته التي ألقاها أمام الجامعة، قال الرئيس التونسي "الباجي السبسي" إن "القضية الفلسطينية يجب أن تكون أولوية". كما أكد على أن الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين يجب أن يتحققا عبر تسوية عادلة للقضية العربية الإسرائيلية، و"إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس على حدود عام 1967، وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، وحل الدولتين".

وبعد إدانتهم لخطوة واشنطن الأخيرة المؤيدة لـ (إسرائيل) في القمة، تعهد الزعماء العرب بأن "يسعوا للحصول على قرار من مجلس الأمن الدولي ضد القرار الأمريكي".

لكن هل تستأنف دول الجامعة العربية فعليا دعمها الفعال للقضية الفلسطينية كما أعلنت في تونس، أم تعود إلى نفس الخطاب الفارغ القديم الذي يتردد منذ عصور؟ وإذا كان الخيار الأول، فهل يمكنها أن تثني واشنطن عن التقويض المتزايد لتطلعات الفلسطينيين في المستقبل؟

في الواقع، من غير المرجح أن تعود جامعة الدول العربية للدفاع عن القضية بكل إخلاص.

فوفقا لـ "معين رباني"، المحرر في "جدلية"، وهي مجلة للدراسات العربية تابعة لقناة الجزيرة، فإن "العديد من الحكومات العربية اليوم مرهونة فعليا للقوى الأجنبية" مثل الولايات المتحدة. ومن المرجح أن يترك هذا، إلى جانب سجل جامعة الدول العربية غير المؤثر في التعامل مع النزاعات الإقليمية، الفلسطينيين في نفس الوضع المحفوف بالمخاطر الذي كانوا فيه منذ ما قبل إنشاء الجامعة.

المصدر | سكينة رشيدي - إنسايد أرابيا

  كلمات مفتاحية