إيكونوميست: هل ينتزع ثوار السودان الحكم المدني من العسكر؟

الجمعة 19 أبريل 2019 04:04 ص

ظل "عوض بن عوف" قائدا للسودان ليوم واحد فقط. وكان نائب الرئيس ووزير الدفاع السابق قد أعلن بوصفه رئيسا للدولة، لفترة وجيزة، حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر، وعلق الدستور، واعتقل بعض كبار المسؤولين وأعلن حظر التجول. وقال في خطاب متلفز، بوجه متجهم، في 11 أبريل/نيسان، بعد فترة وجيزة من وضع رئيسه، "عمر البشير"، رهن الإقامة الجبرية في منزله: "لقد طلب منا الناس تولي المسؤولية ... وقد فعلنا ذلك".

وبدا الأمر كما لو أن 4 أشهر من الاحتجاجات على مستوى البلاد ضد "البشير" وحكمه الاستبدادي، البالغ من العمر 30 عاما، قد انتهت بانقلاب عسكري.

ولم يكن المتظاهرون السودانيون، الذين كانوا يقيمون في مخيمات خارج مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في وسط الخرطوم، منذ 6 أبريل/نيسان، قد طلبوا ذلك.

وعلى الرغم من أنهم طالبوا الجيش بالوقوف إلى جانبهم من أجل الإطاحة بـ "البشير"، الذي يحكم منذ عام 1989، إلا أن نائبه، الملطخ بالدماء، كان أبعد ما يكون عن البديل الذي كان يدور في خلدهم.

وقد تعرض "بن عوف" لعقوبات من قبل أمريكا لدوره في جرائم حرب، حيث وجهت المحكمة الجنائية الدولية إليه، مع رئيسه السابق، تهمة الإبادة الجماعية في منطقة دارفور بالسودان. وفي مواجهة عاصفة من الغضب الشعبي، استقال " بن عوف" الذي لم يدم طويلا في 12 أبريل/نيسان. وقد تم استبداله بجنرال آخر، وهو قائد القوات؛ "عبد الفتاح البرهان". ويقال إن "البرهان" يتمتع بشعبية أكبر بين جنود الرتب والصف، الذين يتعاطف الكثيرون منهم مع المتظاهرين.

ولقد حقق "البرهان" دخولا أفضل لهذا المنصب. فقد كان خطابه في 13 أبريل/نيسان أقرب لقلوب الناس من خطاب سلفه. وقد أثنى على الثورة، ولا سيما الدور البارز الذي لعبته النساء في الاحتجاجات التي بدأت في ديسمبر/كانون الأول استجابة لارتفاع أسعار المواد الغذائية. ودعا بالرحمة للمدنيين الذين تم قتلهم على أيدي قوات الأمن خلال الأشهر الـ 4 الماضية. وبشكل أكثر تحديدا، وعد بتسليم السلطة للمدنيين بعد فترة انتقالية لا تزيد عن عامين.

وفي 13 أبريل/نيسان، قامت المعارضة بترشيح مندوبين لبدء التفاوض مع المجلس العسكري برئاسة "البرهان". وفي الاجتماع الأول، وعد المجلس بإلغاء جميع القوانين القمعية، والإشراف على تشكيل إدارة مدنية. إلى جانب ذلك، تحرك المجلس العسكري لإضعاف قوة نظام "البشير".

حيث أطاح بـ "صلاح عبد الله غوش"، رئيس المخابرات الذي كان يعتبر على نطاق واسع أنه ثاني أقوى رجل في البلاد بعد "البشير". وفي 14 أبريل/ نيسان، قال المجلس العسكري إنه ألقى القبض على أعضاء من حزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه "البشير"، وسيبدأ في الاستيلاء على أصول الحزب. كما وعد بإعادة هيكلة وكالة الاستخبارات سيئة السمعة، والسماح للمعارضة باختيار رئيس وزراء جديد.

لكن المحتجين ما زالوا غير راضين. ويقول "حميد مرتضى"، أحد الناشطين: "لا يمكننا أن نثق في الوعود". وقد دعا "تجمع المهنيين السودانيين" إلى الاعتصام خارج وزارة الدفاع إلى أن يتم تفكيك "الدولة العميقة" بالكامل.

ويشعر كثير من الناس بالقلق بشكل خاص من تعيين "محمد حمدان دقلو"، المعروف باسم ""حميدتي"، نائبا لرئيس المجلس العسكري.

و"حميدتي" هو المسؤول عن الوحدة شبه العسكرية المعروفة باسم "قوات الدعم السريع"، التي لها صلات بميليشيا "الجنجويد" سيئة السمعة، التي تورطت في عمليات الاغتصاب الجماعي والمجازر ضد المدنيين في دارفور. ويعد هو وآخرون في أعلى الطغمة العسكرية من المقربين من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، وقد رحب كلا البلدين بالتطورات التي حدثت خلال الأسبوع. ووعدت المملكة بتقديم مساعدات لتخفيف المعاناة الاقتصادية للبلاد.

ويبقى من غير الواضح ما إذا كانت الطغمة العسكرية ستتخلى عن السلطة فعليا. ويقول "محمد عثمان"، وهو محلل في الخرطوم: "من الممكن أن يكون الجيش يقول كل ذلك لإنهاء الاعتصام". وفي الواقع، في صباح يوم 15 أبريل/نيسان، حاول العسكريون مرة أخرى فض الاحتجاج، وهذه المرة، طلبوا من المتظاهرين إزالة حواجز الطرق لكن الجنود سرعان ما تراجعوا أمام رفض المتظاهرين الذين صاحوا والجنود يغادرون المكان، "نظفوا النظام وسننظف الساحة".

المصدر | ذا إيكونوميست

  كلمات مفتاحية