أنظمة سوريا والسعودية ومصر في حضيض «حرية الصحافة»

الجمعة 19 أبريل 2019 10:04 ص

أنظمة سوريا والسعودية ومصر في حضيض «حرية الصحافة»

خلاصة الارتقاء في تونس ودول أفريقية الارتباط العضويّ بين التغييرات الديمقراطية وحرية الصحافة.

علاقة نكراء بين سلطات دكتاتورية بمختلف أشكالها بالعالم العربي، والعداء الشديد للصحافة والصحافيين.

الأنظمة العربية الديكتاتورية قامت بتغييرات جذريّة عدّلت منظور الرؤية إلى قضية «حرية الصحافة» في العالم.

*     *     *

لم يتفاجأ العرب، والصحافيون منهم على الخصوص، بتأكيد منظمة «مراسلون بلا حدود» غير الحكومية في تقريرها للعام 2019 لوصول بعض الدول العربية كالسعودية والبحرين ومصر وسوريا إلى أقصى الحضيض فيما يتعلّق بـ«حرية الصحافة».

والحقيقة أن تأطير المنظمة للموضوع تحت عنوان «حرّية الصحافة» يبدو، لأمثالنا من الصحافيين، مثيرا حقا، فالأمر لا يتعلّق في نظر قادة تلك البلدان العربية ومسؤوليها الأمنيين والعسكريين بتقييد حرية الصحافيين بل بالتفنن في طرق التخلّص منهم.

وإذا كانت الطريقة المعتادة سابقا هي اعتقالهم من مكاتبهم أو بيوتهم أو من الشارع ثم تلفيق التهم لهم والزج بهم في السجون، فإن الأنظمة العربية المذكورة قامت بتغييرات جذريّة عدّلت منظور الرؤية إلى قضية «حرية الصحافة» في العالم.

ففي السعودية، تابع العالم فضيحة إرسال الرياض لفريق كبير من «المختصّين» لخنق وتقطيع الصحافي جمال خاشقجي، وتمثيل دور خروجه من القنصلية، ثم نقل قطع جثته والتخلّص منها بطرق تشبه أفلام الرعب.

وهو أمر جعل من المملكة، التي هي مهبط الوحي وانتشار الدين الإسلامي ومركز الحج والمدن المقدسة، «علامة تجارية» عالميّة في الموضوع، وصارت صور وليّ عهدها محمد بن سلمان لا تحضر من دون ظلال أدوات تقطيع الصحافيين والتمثيل بجثثهم وإخفائها.

أما في مصر، في ظلال نظام «الرئيس الجيد» عبد الفتاح السيسي (على حد تعبير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب) فتحضر صور الصحافيين المختطفين والمخفيين قسرا، وتحضر سيناريوهات الأمن التي تعلن مقتل سجناء لديها في «اشتباكات» خيالية!

ويحضر طيف الأكاديمي والباحث الإيطالي جوليو ريجيني، الذي اختطفه الأمن المصري عام 2016 ووجدت جثته مشوهة وعليها آثار تعذيب شديد، ويحضر عشرات الصحافيين المحتجزين من دون تهم.

حافظت سوريا نظام بشار الأسد أيضا على مرتبتها في مؤخرة القائمة العربية والدولية كونها واحدة من أخطر دول العالم على حياة الصحافيين، وقد خلّفت عمليات تصفية الإعلاميين من خلال الخطف والاعتقال والتعذيب والقنص والقصف أكثر من 634 صحافيا حتى عام 2017، تحتل سوريا منذ سنوات المرتبة الثانية للدول الأشد فتكا بالصحافيين في العالم.  

وإذا كانت السعودية والبحرين ومصر وسوريا احتلّت مراتب بائسة في قائمة «حرية الصحافة» فمن الضروري التنويه إلى أن بلدا مثل تونس تقدّم 25 مرتبة في التصنيف العالمي بانتقالها هذا العام من 97 إلى 72 (من أصل 180 بلدا)، وهذا يرتبط، كما هو معلوم، بكونها البلد الوحيد الذي يواصل مسار الانتقال نحو الديمقراطية بعد انتفاضات «الربيع العربي».

ملفت للانتباه أيضا أن أفريقيا سجلت أقل تراجع إقليمي هذا العام، وحققت بعض دولها، في المقابل، بعض أهم التطورات، فقد خلت سجون أثيوبيا من الصحافيين مما جعلها تقفز ما لا يقل عن 40 مرتبة، وكذلك غامبيا التي انتقلت 30 مرتبة، بالتناظر مع نجاح عملية التناوب السياسي فيها.

الخلاصة الواضحة والمفهومة من أمثلة الارتقاء في تونس وبعض الدول الأفريقية هو الارتباط العضويّ بين التغييرات الديمقراطية وحرية الصحافة، وكذلك العلاقة النكراء بين السلطات الدكتاتورية، على تعدد أشكالها في العالم العربي، والعداء الشديد للصحافة والصحافيين.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية