بأمر الشرطة.. لافتات دعم تعديل الدستور "إجبارية" في مصر

السبت 20 أبريل 2019 09:04 ص

لن تُقلب وجهك في شوارع المحروسة إلا وتطالعك لافتات متزاحمة تأييدا للتعديلات الدستورية. قد يبدو الأمر لأول نظرة أن هناك إجماعا شعبيا على تعديل دستور لم يمض على إقراره 5 سنوات، لكن الحقيقة أنها لافتات إجبارية علقها أصحاب المحلات بأوامر من الشرطة المصرية.

موقع "ميدل إيست آي" كشف أن أصحاب المحلات التجارية في مصر تعرضوا لتهديدات من قبل الشرطة لإجبارهم على وضع لافتات تدعم حملة يديرها حزب سياسي تابع للمخابرات، وتؤيد التعديلات الدستورية التي تهدف بالأساس لتمديد ولاية الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي".

وينقل الموقع البريطاني في تقريره عن صاحب كشك يبيع فيه السجائر والوجبات الخفيفة، "أحمد"، الذي يعلق منذ 7 سنوات صورة لابنه "محمد" الذي قتلته الشرطة خلال الاحتجاجات في يناير/كانون الثاني 2011؛ حين أطلقوا النيران على المتظاهرين وقتلوا عشرين منهم.

يقول "أحمد" إنه تلقى مكالمة من مركز الشرطة بالمنطقة، في وقت سابق من هذا الشهر، تملي عليه استبدال صورة ابنه بلافتة أخرى مضمونها أنه يدعم التعديلات الدستورية المقترحة.

وقال بائع آخر: "لا نعرف أي شيء عن التعديلات أو الدستور، أتت الشرطة إلى الكشك وأمرتني بمنحهم 1500 جنيه (87 دولارا) حتى يعلقوا لافتة كبيرة".

وتقضي التعديلات الدستورية بمد الفترة الرئاسية من 4 إلى 6 سنوات، وتطبيق المد بأثر فوري على الولاية الحالية لـ"السيسي"؛ بحيث تنتهي في 2024 بدلا من عام 2022، وتسمح له بالترشح مجددا لولاية ثالثة تنتهي في 2030.

كما تتضمن التعديلات إنشاء مجلس أعلى للهيئات القضائية برئاسة "السيسي"، والتوسع في المحاكمات العسكرية للمدنيين، وإضافة "حماية مدنية الدولة" و"صون الدستور والديمقراطية" إلى اختصاصات القوات المسلحة، فضلا عن إمكانية تعيين نائب أو أكثر للرئيس، وعودة الغرفة الثانية للبرلمان.

وبدأ التصويت فبي الاستفتاء الشعبي عليها الجمعة بالنسبة للمصريين في الخارج، بينما بدأ اليوم في داخل البلاد، ويتواصل على مدار 3 أيام. 

يأتي ذلك بينما حجبت السلطات المصرية أكثر من 34 ألف موقع على شبكة الإنترنت في محاولة لتقييد حملة معارضة تلك التعديلات الدستورية، التي تقول المعارضة وجماعات حقوقية إنها ستزيد من تكريس الحكم العسكري في البلاد.

وإضافة إلى إغلاق المواقع والمضي قدما في الاستفتاء بأسرع وقت ممكن، حشدت الدولة أيضا الموارد والأفراد لرشوة الناخبين وترهيبهم لدعم التعديلات، حسب ما قالته مصادر لموقع "ميدل إيست آي".

"أحمد"، على سبيل المثال، الذي يملك كشكا، إلى جانب أصحاب متاجر وأعمال ومطاعم، إضافة إلى أعضاء من النخبة المصرية، من مختلف أنحاء البلاد، أخبروا الموقع أن مسؤولي الأمن أجبروهم على تعليق لافتات تدعم التعديلات، ودفع ثمنها أيضا.

ويختلف عدد اللافتات التي تطلبها الشرطة حسب اختلاف طبيعة الكشك أو المحل؛ فعلى أصحاب أكشاك بيع السجائر الدفع مقابل لافتتين، أما مطاعم المأكولات البحرية، فعليها تعليق خمسة، وفقًا للمقابلات التي أجراها الموقع معهم.

وتعتبر اللافتات جزءًا من حملة صممها حزب "مستقبل وطن"، وهو حزب سياسي يُعتقد على نطاق واسع أنه مرتبط بالمخابرات المصرية، ويحوز ثاني أكبر عدد من المقاعد الحزبية في البرلمان.

ويقول مراقبون إن السلطات المصرية كثفت نشاطها على نطاق واسع في حملة الاستفتاء؛ لأنه يوجد مخاوف جدية بأن الشعب المصري سيقوم بالتصويت ضدها.

وانتشرت في جميع أنحاء البلاد لافتات تقول "اعمل الصح"، كما نشر المطرب "أحمد الحجاج" أغنية عنوانها "اعمل الصح" وغيرها لـ"شعبان عبدالرحيم" بعنوان "عاوزين دستور جديد".

وقال "محمد"، وهو صاحب مقهى، إنه أُجبر على دفع 1000 جنيه مصري (58 دولارا) لتعليق لافتتين. وأوضح: "جاء اثنان من رجال الشرطة في ثياب مدنية وهددوا بتلفيق التهم ضدي وإغلاق المقهى حال لم أدفع المبلغ المطلوب".

وأضاف: "نحن مقهى صغير، لكن هناك شركات ومطاعم فخمة دفعت ما يصل إلى 9000 جنيه مصري (523 دولارا) لتجنب المتاعب أو المضايقات من قبل الحكومة".

وبينما كان على "محمد" دفع ثمن تعليق لافتتين، دفع "حسن"، وهو صاحب مطعم في حي مدينة نصر شرقي القاهرة، تكاليف تعليق 10 لافتات.

وقال "حسن": "اتصل بي مسؤول شرطي، وطلب 5 آلاف جنيه مصري (290 دولارا) مقابل 10 لافتات كبيرة، وإلا فإنه سيعيد فتح قضية ضدي".

وأوضح أن القضية تتعلق بوضع طاولات على الشارع، وهو أمر شائع بين أصحاب المطاعم في القاهرة، لكنها تعتبر توسعا غير قانوني.

ولم تتم إحالة قضيته إلى هيئة قضائية، لكنه كان يخشى أن يتم ذلك إذا لم يعلق اللافتات.

الأوامر كانت مختلفة بالنسبة لـ"سعيد"، الذي يملك متجرا للعصير في حي فقير بالقاهرة؛ إذ كشف أن المسؤولين حضروا إلى متجره، وأمروه "بتوظيف دي جي وإحضار 50 شخصا إلى أقرب مركز اقتراع".

وأضاف أن المسؤولين أخبروه أن "الخمسين فردا يجب أن يهتفوا ويهتفوا للدستور لمدة ثلاثة أيام، وعليهم أن يتواجدوا هناك عندما تنقل المحطات التلفزيونية".

لكنه على النقيض، يبدي عزمه (سرا) على التصويت ضد التعديلات الدستورية: "في العلن قلت إنني سأصوت بنعم، لكن بيني وبين الله، سأقول لا لأن هذا القمع يجب ألا يستمر".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية