ثوار السودان.. إشارة حمراء أمام السعودية والإمارات

السبت 20 أبريل 2019 10:04 ص

"يطلع بره".. بهتافات غير مرحبة، أجبر المعتصمون السودانيون أمام مقر القيادة العامة للجيش شاحنة تحمل مساعدات إماراتية على التراجع والخروج من مقر الاعتصام، في إشارة حمراء رافضة بوضوح للدور الإماراتي وتدخلاته في بلادهم.

وبعد صمت دام يومين، ألقت السعودية والإمارات بثقلهما في دعم المجلس العسكري الانتقالي بالسودان برئاسة "عبدالفتاح البرهان"، في خطوات سريعة متلاحقة، لفتت انتباه الثوار المعتصمين أمام مقر قيادة الجيش بالعاصمة الخرطوم، ولم تلق ترحيبهم، حسب تقرير لـ"الأناضول".

ولم يكن الموقف السعودي والإماراتي واضحا صريحا على مدار يومي 11 و12 أبريل/نيسان، فور الإطاحة بالرئيس السوداني السابق "عمر البشير"، وما تلاه من احتجاجات ضد وزير الدفاع "عوض بن عوف" الذي اضطر لترك رئاسة المجلس العسكري.

لكنه مع الإعلان عن تولي "البرهان" رئاسة المجلس العسكري خلفا لـ"عوف"، أعلنت الرياض وأبوظبي دعمهما للأول ومجلسه وخطواته، السبت الماضي (13 أبريل)، وذلك في أول موقف منذ الإطاحة بـ"البشير".

إذ وجه العاهل السعودي الملك "سلمان بن عبدالعزيز" بتقديم حزمة مساعدات إنسانية إلى السودان تشمل أدوية ومشتقات بترولية وقمح، بعد ساعات من أداء "البرهان" اليمين الدستورية.

وفي اليوم ذاته، وجه رئيس الإمارات "خليفة بن زايد"، بالتواصل مع المجلس العسكري الانتقالي؛ لبحث مساعدة الشعب السوداني.

الخطوة الثانية من الدعم، كانت إجراء قادة السعودية والإمارات، الإثنين (15 أبريل)، اتصالات هاتفية بـ"البرهان".

وكانت الخطوة الثالثة عندما وصل وفد سعودي وإماراتي رفيع المستوى، إلى الخرطوم، الثلاثاء (16 أبريل)، في زيارة استغرقت يومين؛ حيث التقى "البرهان" الأربعاء (17 أبريل)، والذي بدوره أشاد بالعلاقات "المتميزة" بين بلاده والدولتين الخليجيتين.

وتلت هذه الخطوات الثلاثة إعلان "البرهان" ومجلسه، فور توليه المنصب، استمرار قوات بلاده في التحالف العربي باليمن الذي تقوده السعودية والإمارات.

الدعم، والرد المتبادل، رفضه المعتصمون أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم، عبر ترديد هتافات ورفع شعارات ولافتات ضد السعودية والإمارات، مذكرين بعداء الدولتين لثورات الربيع العربي، إضافة إلى دعمهما السابق  اللامحدود لنظام "البشير".

لا تدعمان الشعب

ومن بين الرافضين لخطوات السعودية والإمارات، "الصادق أبوالقاسم" (22 عاما)، وهو أحد هؤلاء المعتصمين الذين يرفضون أيضا مدة العامين، كفترة انتقالية حددها لنفسه المجلس العسكري، ويطالبون بتسلم إدارة البلاد لحكومة مدنية فورا.

وقال "أبو القاسم" إن "كلتا الدولتين كانتا تقدمان دعمها اللامحدود لنظام البشير".

وأضاف: "الدولتان لم تفكرا أبدا في الوقوف مع الشعب السوداني إبان ثورته، أو حتى تدعوان البشير للتوقف عن قمع الشارع السوداني وقتل مواطنيه، بل ساعدتا الرئيس المخلوع خلال الفترة الماضية، حتى يتماسك ويصمد أمام الثورة".

وبالتالي، فإن "الحديث الآن عن دعم الثورة والمساعدة في توفير متطلبات مرحلة الانتقال من سلع حيوية لن يمنع الشعب السوداني من اكتشاف من يقف بجانبه، ومن يريد استغلال جنوده في حروبه بالمنطقة فقط".

تجارب سابقة

وعلى نهج "أبو القاسم"، رأت المتظاهرة "تسنيم فتح الرحمن" (19عاما) أن "مسارعة الثوار لإعلان رفضهم للتقارب المفاجئ بين المجلس العسكري الانتقالي والسعودية والامارات على وجه التحديد، ينبع من تجارب الشعب السوداني مع هذه الدول".

ووفق تسنيم، فإن الرياض وأبوظبي "ظلتا على طول الخط تدعمان البشير وتحرصان على إرضائه وتتجاهلان صوت الشعب السوداني".

واعتبرت أن إعلان كلا من السعودية والإمارات "مباركتهما للمجلس العسكري محاولة لإعادة إنتاج النظام السابق، من أجل ضمان استمرار الأدوار والخدمات التي كان يقدمها لهما".

ما السر؟

وبنبرة غاضبة، تساءل "صلاح محجوب" (25 عاما) عن سر اندفاع الرياض وأبوظبي على الخرطوم وحرصهما على تمتين الصلات مع مجلس عسكري "لم يكتسب شرعيته بعد"، وفي ظل حوار بين المجلس وقوى المعارضة حول "مؤسسات المرحلة المقبلة وخطوات التحول الديمقراطي".

قبل أن يجيب على نفسه قائلا إنهما "تعاونتا مع النظام السابق بشكلا كامل، وسلمتا أكثر من مرة ناشطين كانوا يقيمون على أراضيهما، في انتهاك كبير وواضح لكل الاتفاقيات الدولية".

تلك التصرفات، وفق "محجوب"، "تعزز شكوك الثوار في أن نية هذين البلدين هي حرف مسار الثورة عن التحول الديمقراطي الكامل، وإعادة إنتاج نظام البشير بمعاونة عناصره السابقة في الجيش والقوى الأمنية".

ودعا "محجوب" جماهير الشعب السوداني إلى "اليقظة والتصدي، وإغلاق الباب تماما أمام أي تدخلات أجنبية في الشأن السوداني حتى إنفاذ أهداف الثورة".

مفاصل الدولة أهم

بيد أن بعض الثوار لا يرون أن التدخلات الخارجية تشكل الآن الخطر الأكبر على الثورة، "بل إن الخطر يكمن في عناصر النظام القديم التي لا زالت تسيطر على مفاصل الدولة"، مثلما يقول "سنهوري الشيخ" (24 عاما).

ويلفت إلى أنه رغم مرور 10 أيام على سقوط (البشير) فإن أغلب عناصر نظامه السابق حرة طليقة "وتسيطر على مفاصل أمنية واقتصادية هامة في الدولة في الخفاء".

وشدد على أن "اقتلاع هذا العناصر وتأمين أجهزة الدولة الأمنية والاقتصادية الأهم الآن".

المصدر | الأناضول + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية