استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

السعودية والمال الوفير والعرب

السبت 20 أبريل 2019 01:04 م

لم يكن يخطر ببالي أن تنزلق الدولة السعودية برغبتها إلى الهاوية داخلياً وخارجياً. كانت كلمة السعودية في المحافل العربية والدولية، قبل تسلم الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان مقاليد السلطة في المملكة، هي قول الفصل في حل أي خلاف في وجهات النظر في أي شأن من الشؤون.

كانت السعودية صاحبة مبادرات مثل المبادرة العربية لحل النزاع العربي الإسرائيلي "مبادرة السلام" (مبادرة الأمير/الملك فهد عام 1981 في القمة العربية في الرباط، ثم مبادرة الأمير/الملك عبدالله حول ذات الشأن عام 2002 مؤتمر قمة بيروت العرية).

ولما كانت السعودية في صراع مسلح مع مصر في اليمن 1962 ــ 1967 وفي أحلك الظروف المصرية السعودية استقبل الملك فيصل آل سعود الرئيس جمال عبد الناصر في جدة في عام 1965 استقبالا يليق بمكانة عبدالناصر ومصر، وحضر اللقاء إخوان الملك الأمير فهد وسلطان وعبدالله ونايف وسلمان وخالد وآخرون من الأمراء ووجهاء وأعيان البلاد.

كان هدف اللقاء إنهاء القطيعة بين الدولتين المصرية والسعودية وإنهاء الحرب في اليمن، وهكذا يفعل العمالقة رغم المواجهة المسلحة بين الطرفين على صعيد اليمن إلا أنهما التقيا وأنهيا كل الخلافات بينهما.

لم يكن الملك فيصل رحمه الله حاقداً ولا شامتاً بمصر نتيجة لهزيمة - نكسة 1967، كان موقفه إيجابياً تجاه مصر التي خرجت من الحرب 1967 محطمة عسكرياً واقتصادياً ونفسياً، وقدم لها المساعدات المالية وساعد في تحمل جزء كبير من تكاليف المجهود الحربي في مواجهة إسرائيل.

والحق يجب قوله رغم خلاف الكاتب وقطاع عريض من أهل الرأي في المملكة مع سياسة الملك فيصل تجاه القضايا القومية داخلياً وخارجياً إلا أنه كبير في أفعاله ولابد من الاشادة بها، أما انزلاقه في حرب اليمن عام 1962 ـ 1967 مع مصر فكان منزلقا ورثه عن الملك سعود ولم يصنعه هو.

تجدر الإشارة إلى أنه في ذروة الخلافات مع عبدالناصر لم يضع أي عراقيل تجاه حجاج مصر أو المعتمرين، لم يستغن عن أساتذة الجامعات والتعليم العام رغم كل الجراح في اليمن، وزار الملك فيصل القاهرة والجراح في اليمن لم تندمل في تلك الفترة. هذه صفات الزعماء الكبار لا فجر في الخصومة ولا أحقاد، وكما يقول الشاعر:

لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب *** ولا ينال العلى من طبعه الغضب.

*     *     *

ما قصدته أعلاه أن العرب والمسلمين يعولون كثيرا على الدور السعودي في حل الكثير من قضاياهم، وكان القادة السياسيون السعوديون يمارسون دبلوماسية هادئة تجاه القضايا العربية والدولية وكانت دبلوماسية ناجحة في كثير من الأحيان بخلاف الدبلوماسية السعودية اليوم في عهد الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد.

لقد هلل الكثير من العرب بقدوم سلمان إلى قمة هرم السلطة وكانوا يتوقعون أن على يديه سيتم حل كل الخلافات العربية والعمل على إنهاء الصراع في سورية والعراق وليبيا لصالح العرب.

وأن مصر لن تكون فريسة لعسكري جاهل، وأن مجلس التعاون الخليجي سيكون الرافد الحقيقي للأمة العربية والإسلامية بقيادة الملك سلمان، وحتى فرحنا وفرح العرب "بعاصفة الحزم" على أمل أن تكون القوة الضاربة لاستعادة حقوق العرب السليبة على امتداد الوطن العربي لكننا صدمنا بما آل إليه الحال.

*     *     *

يعيش العرب اليوم حالة من الاضطراب والتفكك على كل الصعد بفعل المال العربي وبعثرته في غير صالح الأمة، انطلاقاً من المملكة السعودية داخلياً، ليس الو ضع فيها كما يجب أن يكون، تضخم اقتصادي وبطالة وصراع بين الرغبة في الانفتاح المنظم ورفض مطلق لانفتاح منفلت.

قيادات فكرية من كل التوجهات عصف بها النظام القائم وزج برموزها في السجون والمعتقلات، ورجال أعمال مرموقون لم يكن يتصور مواطن سعودي أن يلحق بهم الأذى ويودعوا في السجون بذرائع لا تصدق وكذلك أمراء يشار إليهم بالبنان.

كانت المرأة في السعودية معززة مكرمة وانتهى بالمثقفات منهن الناشطات اجتماعياً وفكرياً إلى ظلام السجون ولم يسلمن من سجانيهن من الإهانة وخدش الحياء واستباحة المحرمات كما تقول التقارير المنشورة من منظمات دولية يعتد برأيها.

لجأت الحكومة الى رفع رسوم الخدمات الحكومية بنسب عالية، وفرضت ضرائب غير مسبوقة على المواطن والمقيم وأصبح المواطن يعيش في ضنك.

خارجيا: في الوقت ذاته تتحمل الدولة مليارات الدولارات في حرب اليمن، إذ تقدر التكاليف الحربية في اليمن بـ 20 ــ 25 مليار دولار خلال السنوات الأربع الماضية، ناهيك عن تكاليف الجيش السعودي على الحدود وشراء السلاح من الخارج والتي زادت عن اكثر من 150 مليار دولار في السنوات الأربع الماضية.

في حصار السعودية على قطر انفقت وما برحت تنفق ملايين الدولارات على مكاتب علاقات عامة في الدول الغربية لتحسين سمعة الدولة السعودية وتشويه سمعة دولة قطر، وكان العائد على ذلك الإنفاق بالسالب.

فسمعة المملكة في الساحة الدولية في أدنى درجاتها، فلا تخلو نشرة أخبار على التلفزيونات العالمية من الحديث سلباً عن المملكة ويكفي برلمانات الغرب دون استثناء التي تصدر إدانات للحكومة السعودية سواء في شأن حقوق الإنسان أو جرائم الحرب في اليمن أو قتل خاشقجي أو اعتقال رئيس وزراء لبنان السيد سعد الحريري أو حصار دولة قطر.

وكذلك كبرى الصحف العالمية لوموند الفرنسية، الواشنطن بوست، نيويورك تايمز، والتايمز البريطانية، والغارديان، والفايننشال تايمز البريطانية، وكذلك المجلات المرموقة مثل مجلة الإيكونومست وكذلك الصحف الألمانية والكندية وغير ذلك.

وأخيرا تتهم السعودية بأنها الممول الأول للجنرال المتقاعد خليفة حفتر في حربه ضد الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً في طرابلس بهدف الإطاحة بها وتولي مقاليد الحكم وإذا صدقت تلك المعلومات فإن السعودية تدخل جحر أزمات كارثية بعيدة عن حدودها.

ولافتات المتظاهرين في الجزائر وصيحات الجماهير تطالب بقطع العلاقات من السعودية وترفض تواجد ممثلين لها في الجزائر، وتونس حدث ولا حرج.

واليوم السودان والغضب الشعبي السوداني من نظامه السياسي ومن محاولات السعودية الاقتراب من حراكهم الذي أطاح بالبشير أو إغراءات المجلس العسكري بالمال وغيره.

آخر القول: والحق إنه لو أنفقت هذه الأموال الطائلة على إعمار جنوب السعودية واليمن لجنت الدولة السعودية فؤائد أمنية واقتصادية وعسكرية وقوة بشرية تنافس بها كل القوى في البحر الأحمر والخليج العربي والقرن الأفريقي.

والحكمة العربية تقول الرجوع عن الباطل فضيلة فهل من عودة إلى طريق الحق تقوده الرياض، أرجو ذلك.

* د. محمد صالح المسفر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر.

المصدر | الشرق القطرية

  كلمات مفتاحية