عالمات أنقذن أطفال العالم من السعال الديكي ولا ينصفهن التاريخ

الاثنين 22 أبريل 2019 03:04 م

غالبا ما تُنسى النساء العالمات على مدار التاريخ بالمقارنة مع العلماء الذكور، رغم قيام العديدات منهن بالتغلب على الكثير من الأمراض الخطيرة والقاتلة.

ولعب العديد من العلماء والباحثين دورا هاما في إنقاذ البشر من أمراض مميتة أنهكت الإنسانية، فبالإضافة للطبيب الأسكتلندي "جيمس ليند" الذي حدّث عن مرض الأسقربوط، والطبيب والعالم الأمريكي "جوناس سولك" الذي خلّص البشرية من شلل الأطفال، والطبيب وعالم البكتريولوجيا الإسكتلندي "ألكسندر فلمنج" مكتشف البنسلين، تبرز شخصيتا العالمتين الأمريركيتين "بيرل كيندريك" و"غريس إلدرينغ" اللتين يعود لهما الفضل في تخليص البشر من مرض فتك سنويا بعدد هائل من الأطفال.

وعلى الرغم من دورهما الإنساني الهام، حظيت هاتان المرأتان بمكانة متدنية مقارنة ببقية العلماء.

صورة للعالمة "غريس إلدرينغ"

وخلال ثلاثينيات القرن الماضي والتي تتصادف مع فترة إجراء "كيندريك" و"إلدرينغ" أبحاثهما، مثّل مرض السعال الديكي تحديا حقيقيا للبشرية في الولايات المتحدة، حيث فتك هذا المرض سنويا بما يزيد عن 6000 شخص، 95% منهم من الأطفال، متخطيا بذلك العديد من الأمراض الأخرى كالسل والديفتيريا والحمى القرمزية من حيث عدد الوفيات.

وعند الإصابة بالسعال الديكي، تظهر على المريض بعض أعراض الزكام وترتفع درجة حرارته بشكل بسيط، كما يعاني أيضا من سعال جاف تزداد حدّته تدريجيا تليه شهقة طويلة شبيهة بصيحة الديك.

وإضافة لكل ذلك، يصاب المريض بحالة من الإعياء والإرهاق الشديد قد تسفر عن ظهور مضاعفات أخرى أكثر خطورة على حياته.

ومنذ سنة 1914، حاول الباحثون التصدي لمرض السعال الديكي بشتى السبل ولكن محاولاتهم باءت بالفشل حيث كان اللقاح الذي طرح في الأسواق دون جدوى تذكر بسبب عدم قدرة العلماء على تحديد خصائص البكتيريا المتسببة فيه.

صورة للطبيب الأسكتلندي "جيمس ليند"

ومع مطلع الثلاثينيات، حملت العالمتان "بيرل كيندريك" و"غريس إلدرينغ" على عاتقهما مهمة وضع حد لمعاناة الأطفال مع مرض السعال الديكي.

فأثناء طفولتهما، أصيبت كل من "كيندريك" و"إلدرينغ" بالسعال الديكي وتماثلتا للشفاء، فضلا عن ذلك عملت كلتاهما لفترة وجيزة في مجال التعليم وتأثرتا لمشاهدة معاناة الأطفال مع هذا المرض.

واستقرت كل من العالمتين بمنطقة "غراند رابيدز" بولاية ميشيغان، وخلال سنة 1932، شهدت هذه المنطقة تزايدا هائلا لحالات الإصابة بمرض السعال ديكي.

ويوميا، عمدت العالمتان، اللتان اشتغلتا بأحد المخابر المحليّة التابعة لإدارة الصحة بميشيغان، للتنقل بين منازل المصابين بهذا المرض للحصول على عينات من البكتيريا المسببة للسعال الديكي عن طريق جمع الرذاذ المتطاير من سعال الأطفال المرضى.

صورة للعالمة "لوني غوردون"

وعملت "كيندريك" و"إلدرينغ" يوميا لساعات طويلة وتزامنت أبحاثهما مع فترة صعبة في تاريخ الولايات المتحدة حيث عانت البلاد حينها من تأثير الكساد العظيم الذي حدّ من الميزانية الممنوحة للأبحاث العلمية.

ولهذا السبب توفرت لهاتين العالمتين ميزانية محدودة جدا لم تخوّل لهما الحصول على فئران تجارب.

صورة للطبيب الأمريكي "جوناس سولك"

ولتعويض هذا النقص لجأت "كيندريك" و"إلدرينغ" لاستقطاب عدد من الباحثين والأطباء والممرضات لمساعدتهم بالمخبر كما تمت دعوة أهالي المنطقة، الذين أقبلوا بكثافة، للحضور واصطحاب أطفالهم لتجربة اللقاح الجديد ضد السعال الديكي.

كما استغلت الباحثتان زيارة السيدة الأولى للولايات المتحدة "إلينور روزفلت"، لغراند رابيدز، فوجهتا إليها دعوة لزيارة المخبر ومتابعة الأبحاث.

وبفضل هذه الزيارة تدخلت "إلينور روزفلت" لتوفر بعض الدعم المادي لمشروع لقاح السعال الديكي.

وفي سنة 1934، حققت أبحاث "كيندريك" و"إلدرينغ" نتائج مذهلة بغراند رابيدز، فمن جملة 1592 طفلا تم تطعيمهم ضد السعال الديكي، أصيب 3 فقط بهذا المرض بينما بلغ عدد الأطفال غير المطعمين والمصابين بالمرض 63 طفلا.

وخلال السنوات الثلاث التالية، أكدت التجارب نجاعة هذا التلقيح الجديد ضد السعال الديكي حيث أثبتت عملية تطعيم مجموعة أطفال بلغ عددهم 5815 طفلا تراجع نسبة الإصابة بهذا المرض بنحو 90%.

وواصلت كل من "كيندريك" و"إلدرينغ" أبحاثهما على هذا اللقاح خلال الأربعينيات وانتدبتا العديد من العلماء المميزين لمساعدتهما، وكانت "لوني غوردون"، من ضمن هؤلاء العلماء، حيث ساهمت الأخيرة في تحسين هذا اللقاح وأسهمت بشكل كبير جدا في ظهور اللقاح الثلاثي "DPT" ضد الخناق والسعال الديكي والكزاز.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية