استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الأردن ينتفض!

الاثنين 22 أبريل 2019 11:04 ص

الأردن ينتفض!

السعودية تنتهج مقاربة إقليمية يراها الأردن تهديدا مباشرا لمصالحه ورؤيته لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

خطة "صفقة القرن" لا يمكن عمليا للأردن أن يوافق عليها ويحافظ على مصالحه الحيوية في الوقت ذاته.

حصار الأردن اقتصاديا ومنع المساعدات الكافية لإخراجه من الضائقة يهدف لإخضاعه لخطة جاريد كوشنر وبعض العرب لتصفية قضية فلسطين.

*     *     *

لا يمكن فهم التحركات الأردنية الأخيرة والاتصالات المكثفة مع دولة قطر إلا في سياق شعور عمان بأنها باتت تفقد عمقها التقليدي المتمثل بالمملكة العربية السعودية، فالأخيرة تنتهج مقاربة إقليمية تراها نخب عمان بأنها تشكل تهديدا مباشرا لمصالح الأردن ورؤيته في كيفية حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

عمان ترى بأن حل الدولتين هو الحل الوحيد الذي يحمي مصالحها ويقدم للفلسطينيين الحد الأدنى الذي يمكن أن يكون أساسا لحل الصراع.

والحق أن الملك عبد الله الثاني توجس كثيرا من تحركات بعض العواصم العربية وتماهيها مع ما ينوي جاريد كوشنر أن يقدمه كخطة عرفت بصفقة القرن، وهي خطة لا يمكن عمليا للأردن أن يوافق عليها ويحافظ على مصالحه الحيوية في الوقت ذاته.

ترى نخب عَمّان بأن الحصار الاقتصادي الذي تعاني منه والمماطلة في تقديم مساعدات عربية كافية لإخراجه من عنق الزجاجة إنما لتحقيق هدف واحد وهو دفع الأردن للامتثال لمنطق جاريد كوشنر الذي يسعى مع بعض زعماء العرب لتصفية القضية الفلسطينية مرة وللأبد.

صرخات الملك عبد الله الثاني التي جاءت على شكل لاءات ثلاث تشكل جوهر الموقف الأردني لم تأت من فراغ، فهناك ما يشير إلى أنه سئم من الإدارة الأمريكية واصرارها فقط على كشف الجانب الاقتصادي لصفقة القرن على اعتبار أن مشكلة الأردن هي اقتصادية وأن الموافقة على الصفقة - بل الصفعة - من شأنه أن يخرج الأردن من أزمته. الأردن معني بالدرجة الأولى بالشق السياسي.

فإي حل يأتي على حسابه سيكون مرفوضا حتى لو غلف بماء الذهب. فلا يعقل أن يقبل الأردن بفكرة الوطن البديل مقابل بضعة مليارات من الدولارات لأن الوطن وهويته أهم من أي اعتبار آخر.

انتفاضة الأردن على التخاذل العربي والتواطؤ الأمريكي دفعه لإعادة حساباته الإقليمية وإن على خجل، ففي وقت تثمن فيه عمان مواقف السعودية في الدعم في سنوات خلت إلا أنها بدأت تشعر أن السعودية تغيرت تحت قيادة بن سلمان.

بمعنى آخر، تشعر نخب عمان بأن الرياض لم تعد سندا للأردن في مواجهاته الصعبة مع الكيان الصهيوني بخصوص معركة القدس، والأنكى أن الرياض تحاول تجريد الأردن الوصاية الهاشمية وهو أمر اعتبره الملك عبدالله خطا أحمر.

التوجه الأردني نحو قطر لا يأتي في سياق الانحياز لهذا الطرف أو ذاك وانما لسعي عمان لتحرير سياستها الخارجية من تبعية للرياض باتت مقلقة. فالأردن الرسمي يستمع أخيرا إلى الرأي العام الأردني الذي رفض بشدة قرار عمان تخفيض العلاقات الدبلوماسية مع قطر إرضاء للسعودية والإمارات.

والمطالبات الشعبية باعادة العلاقات مع قطر واضحة من خلال متابعة وسائل التواصل الاجتماعي والتي يعبر من خلالها الأردنيون عن شعورهم بحالة من الاستياء من السياسة السعودية ومن امتثال الأردن للسعودية بشأن الأزمة الخليجية.

وعلى نحو لافت، تفهمت الدوحة مواقف عمان خلال الأزمة، وعلاوة على ذلك سارعت الدوحة في تقديم مساعدات للأردن رغم قرار الأردن الأحادي في تخفيض العلاقات مع الدوحة.

وشكل موقف الدوحة المرن تجاه عمان حافزا للأردن ليعيد حساباته الإقليمية، وعلى أثر ذلك تبادلت الدولتان الزيارات الرسمية على مستويات رفيعة ما يمهد لعودة السفير القطري إلى عمان.

بكلمة، لن تكتمل انتفاضة الأردن على المحور العربي المساير لإسرائيل وسياساتها التوسعية إلا بعودة العلاقات مع قطر ليكون ذلك توطئة لتنويع خيارات التحالفات الإقليمية ما يرفع الكلفة على كل من تسول له نفسه بأن يقدم الأردن والفلسطينيين قرابين لمغامرات طائشة ومتهورة وطموحات سياسية أٌقرب إلى الانقلاب من أي شيء آخر.

 د. حسن البراري استاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأردنية

 

المصدر | الشرق القطرية

  كلمات مفتاحية