أوبزرفر: سقوط البشير ترك السودان فريسة للقوى الإقليمية المتصارعة

الأحد 28 أبريل 2019 06:04 ص

في الثورة السودانية الجديدة، ليس فقط الحرس العسكري القديم للدولة، والذي كان مرتبطا بالرئيس المخلوع "عمر البشير"، هو من ينظر إليه المحتجون بتشكك عميق.

ففي الأسبوع الماضي، كانت السفارة المصرية في العاصمة السودانية الخرطوم مسرحا لاحتجاجات، وهتافات استهدفت الرئيس "عبدالفتاح السيسي"، وهتف المحتجون: "قول للسيسي دا السودان انت حدودك بس أسوان".

رسالة المحتجون تم تعزيزها بخطاب صريح وواضح، سُلم للسفارة المصرية، واستهدف أيضا القوى الإقليمية الأخرى ومفاده: لا تتدخلوا في شؤون السودان.

ومع استمرار المحادثات أمس بين حركة الاحتجاجات والمجلس العسكري الانتقالي حول شكل المستقبل السياسي للسودان، كانت المظاهرات دليلا قويا على تزايد المخاوف من أن الاضطرابات السياسية المتواصلة في السودان، عرضة للاستغلال من قبل القوى الإقليمية المتصارعة.

الأكثر إلحاحا هو القلق الذي يتقاسمه الدبلوماسيون الغربيون والمحتجون، في أن السودان قد يجر بشكل أعمق في المواجهات المتنامية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين السعودية والإمارات ومصر من جهة، وإيران وتركيا وقطر من جهة أخرى.

وبالفعل كانت الجهة الأولى سريعة التحرك، ففي أعقاب سقوط "البشير" هذا الشهر، وصل وفد سعودي - إماراتي مشترك إلى الخرطوم، وعرض تقديم مبلغ 3 مليارات دولار كمساعدات، بما في ذلك مبلغ نقدي كبير لتحقيق الاستقرار للعملة السودانية.

كانت تلك المساعدات، وفقا للنقاد، مجرد "تحلية" من أجل أجندة أكثر إثارة للجدل، يهيمن عليها ضمان استمرار الدعم السوداني للحرب في اليمن، حيث قتل المئات من السودانيين في القتال مع التحالف الذي تقوده السعودية.

ويقول محللون إن الثنائي السعودي- الإماراتي يرى في سقوط "البشير" فرصة لتجنيد السودان لدعم الأجندة المعادية للإخوان المسلمين في المنطقة.

ولم يكن الثنائي هو الطرف الوحيد الذي سارع بتقديم المبادرات، فمن جانبه قام "السيسي" (الجنرال السابق في الجيش الذي نصب نفسه كزعيم لمصر بدعم من الجيش) بالتدخل كرئيس للاتحاد الأفريقي، خلال الاجتماع الذي عقده الاتحاد الأفريقي الأخير، وتخفيف مطالب المنظمة الأفريقية بضرورة تسليم السلطة إلى المدنيين.

ويرى الكثيرون أن "السيسي" يرغب باستمرار تأثير الجيش في السودان كما هو حال الجيش في بلده، وهذا يثير مخاوف المتظاهرين الذين لا يريدون استبدال ديكتاتور بديكتاتور جديد.

وفي حديث مع "أوبزرفر" خلال تواجده في الاعتصام المستمر، منذ أسابيع بوسط مدينة الخرطوم، حذر "محمد صالح" الذي ساهم بتنظيم المظاهرة أمام السفارة المصرية من محاولات الدول والتنافس على دعم الفصائل المختلفة.

وقال: "في يوم 24، (وهو اليوم الذي أدلى فيه السيسي بتعليقاته إلى الاتحاد الأفريقي حول الانتقال السياسي في السودان) جلسنا وناقشنا ما يجب القيام به في هذا الشأن".

وأضاف: "لهذا قررنا تسليم رسالة إلى السفارة وطلبنا منهم عدم التدخل في الشؤون السودانية ويبدو واضحا أن هناك مجموعتين في الجيش".

وتابع: "واحدة قوية مرتبطة بالإمارات والسعودية والثانية على علاقة بقطر وتركيا، والجماعة الأولى هي الأقوى وتحظى بدعم مالي من السعودية والإمارات فضلا عن دعم سياسي من مصر".

وفي جريدة "التيار" التي أغلقت مرارا وتكرارا بسبب معارضتها لـ"البشير"، عكست كاتبة العمود البارزة "شمائل النور" مخاوف "صلاح"، مشيرة إلى وجود ارتباط بين الجنرالات البارزين في المجلس العسكري الانتقالي واللاعبين الإقليميين.

وقالت الكاتبة إن سقوط "البشير" ترك وضعا معقدا في السودان وعلاقته بالموضوعات الإقليمية، وكانت مصر والسعودية والإمارات هي آخر تحالفات النظام القديم حتى بالرغم من توقف الدعم السعودي لنظام "البشير" في الأشهر القليلة الأخيرة.

وتابعت: "في تصريحاته (البشير) الأخيرة قال إنه دعم بقاء القوات السودانية في اليمن، وما هو مهم إن قادة الجيش والاستخبارات الذين أطاحوا به لا يزالون على ولائهم للإمارات ومصر والسعودية".

وبدت حساسية الموضوع أكثر من تصريحات "محمد الجزولي"، قائد حزب سياسي إسلامي اعتقل مدة وجيزة قبل الإفراج عنه بعدما انتقد التدخل الإماراتي في السودان، وقال في حديث مع "أوبزرفر": "لا نريد أي تدخل من أي طرف سواء كان تركيا أو قطر من جهة، أو من السعودية ومصر والإمارات من جهة أخرى".

وتابع: "ما حدث هنا هو ثورة سودانية، لكننا نرحب بأي دولة إذا كانت تريد تقديم الدعم الاقتصادي وليس السياسي".

المصدر | الخليج الجديد+ الأوبزرفر

  كلمات مفتاحية