للمرة الأولى مسلسل كوميدي أمريكي عربي بطله مصري

الأحد 28 أبريل 2019 10:04 ص

تُطلق شبكة هولو الإلكترونية هذا الأسبوع مسلسلا تليفزيونيا كوميديا أمريكيا عربيا للمرة الأولى في الولايات المتحدة.

المسلسل، من تأليف وإخراج وإنتاج وبطولة الكوميدي المصري الأمريكي، "رامي يوسف"، الذي استلهمه عن حياته.

والمسلسل، باسم بطله، "رامي"، الذي ولد في مدينة جيرسي لمهاجرين عرب، أب مصري وأم فلسطينية، ويعيش في صراع يومي بين حضارته الأمريكية العلمانية وجذوره العربية الإسلامية المحافظة.

كما يشاركه بطولة المسلسل نجوم عرب من داخل وخارج الولايات المتحدة، مثل "عمرو واكد" و"هيام عباس"، اللذين يجسدان دوري والديه.

كما وكّل مخرجتين عربيتين، الأمريكية الفلسطينية، "شيرين دعيبس"، والأمريكية المصرية، "جيهان نجيم"، بإخراج عدد من حلقات المسلسل، تتناول قضايا النساء العربيات في الولايات المتحدة.

كما قامت شبكة "هولو"، التي تملكها شركة "ديزني"، بحملة ترويجية ضخمة للمسلسل، حيث رتّبت مقابلات لـ"رامي" مع معظم وسائل الإعلام الأمريكية، تحدث فيها ليس فقط عن المسلسل، بل عن واقع العرب والمسلمين، الذين ما زالوا يواجهون التنميط السلبي في الترفيه والإعلام والأمريكي، فضلا عن عداء الرئيس "دونالد ترامب"، الذي عزز كراهية مناصريه ضدهم من خلال نشر اتهامات كاذبة بأنهم يشجعون الإرهاب ويحتفون بهجمات 11 سبتمبر/أيلول.

وفي حديث مع "رامي" في مقر شبكة "هولو" في لوس أنجلوس، قال إن هوليوود بدأت تدرك أن أفلامها ساهمت في تعزيز كراهية العرب والمسلمين، التي استغلها عدوها "ترامب" لحشد العنصريين لجانبه في حملته الانتخابية لرئاسة الولايات المتحدة.

وأضاف أن "هوليوود تفادت صنع أفلام عن العرب والمسلمين لأنها تخافهم مثل غيرها في المجتمع الأمريكي، لأنه من منظور الأخبار في الولايات المتحدة، العرب والمسلمون لا يبدون بشرا، بل هم وحوش مرعبة. لهذا علينا أن نقدم صورة إيجابية وإنسانية عن أنفسنا".

وتابع: "هذا لا يعني أن نسبغ صورة مثالية، فالهدف ليس عرض صورة مثالية، بل إنسانية، ففي هذا البرنامج أنا أقدم العرب والمسلمين كغيرهم من الناس يعانون من مشاكل وعيوب لأن هذه هي الإنسانية، وإلا سوف يشك المشاهدون بالطرح ولا يصدقونه، نحن نقول إننا نملك العيوب، مثل غيرنا، ولكننا طيبون ونسعى أن نكون أفضل".

المثير أن "رامي" يسعى في المسلسل، أن يكون أفضل من خلال التزامه بدينه الإسلامي، مدركا أن نظرة المشاهد الأمريكي تجاه الإسلام سلبية جدا ويعتبره مصدرا للإرهاب ويخنق حريات النساء ويملي قوانين شريعة متخلفة، كقطع الرؤوس والأيادي والرجم بالحجارة وغيرها.

لكن الإسلام، الذي يطرحه في المسلسل هو دين محبة وخلاص وإخلاق، فهو يصبح أفضل من زملائه، الذين يفضلون تعاطي المخدرات والسكر والحفلات الصاخبة ومشاهدة الأفلام الإباحية، عندما يتركهم ويذهب إلى المسجد للصلاة ويصوم رمضان بالتزام.

"أنا أعتز بعروبتي وأحبها، ولكن لكي تصبح شخصا أفضل عليك أن تلتزم بدينك"، يوضح "رامي": "لهذا ركزت على أنه مسلم، ويريد أن يكون مسلما، لأن في أمريكا أن تكون مسلما هي حاجة وحشة (أمر سيئ)، وسماع شخص ينادي الله أو الله أكبر هو شيء مخيف، لذلك كان مهما لي أن أقدم شخصا ملتزما بإسلامه ويصلي ويصوم وفي الوقت نفسه هو شخص طيب".

الخوف من الإسلام

الخوف من الإسلام والمسلمين في الولايات المتحدة وصل ذروته بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، عندما بات كل المسلمين متهمين بالتورط بها، تلك الأحداث وقعت حين كان "رامي" طفلا.

وفي مشاهد "فلاش باك"، ينقلب زملاؤه في مدرسته الابتدائية ضده ويتهمونه بالإرهاب، كما يتوقفون عن دعوته إلى مناسباتهم، ويرفضون حتى الجلوس معه.

ورغم أن أهله يرفعون العلم الأمريكي أمام بيتهم لكن جيرانهم يقاطعونهم كأنهم كانوا متورطين بالجريمة، و"لكن تدريجيا ذلك الشعور صار يتغير وتدرك أنك عليك أن تفتخر بهويتك بدلا من الخوف منها، وهذا ربما يفسر لماذا أنا من أنا ولماذا قدمت هذا البرنامج بهذه الصورة"، يضيف "يوسف".

وخلافا لمسلسلات وأفلام عرقية أخرى، مثل فيلم آسيويون أغنياء مجانين ومسلسل عزيز أنصاري "ماستر أوف نان"، حيث يفضل أبناء المهاجرين الحضارة الأمريكية على تراث والديهم، "رامي" مرتبط جدا بجذوره، لدرجه أنه يتعرض للسخرية من قبل زملائه عندما يرتدي الجلابية.

كما يقرر أن يتزوج من فتاة مسلمة ويمارس عادات عربية تقليدية مثل الجلوس مع عائلته في أمسيات رمضان لمشاهدة المسلسلات العربية.

وتابع "رامي" قائلا: "الكثيرون يعتقدون أنه إذا أردت أن تعيش في الولايات المتحدة أو تمارس الفن هنا، فعليك أن تتخلص من تراث أهلك، ولكن أنا لا أشعر كذلك".

وأضاف: "أنا في قلبي مصري ومسلم، ورغم أنني ولدت في نيويورك أشعر أن نصفي في مصر، أنا في حياتي الخاصة، أسافر إلى هناك كثيرا لأنني أعرف أنها جذوري لأنها جذور والديّ، وبما أن والدي مهمان لي، بلدهما هو جزء من هويتي، لهذا أردت أن أقدم احترامي لذلك ورغبتي بأن أكون جزءا من ذلك، بدلا من محوها".

وفي الحلقتين الأخيرتين، يسافر "رامي" إلى مصر لتعزيز ارتباطه بتراثه، وعندما يصل إلى هناك، يستغرب من انبهار أقاربه المصريين بالحضارة الأمريكية.

ويصدم ابن عمه، الذي رتب له حفلات ليلية مع زملائه، عندما يطلب منه أن يأخذه الى المسجد لدراسة القرآن والصلاة، ثم يترك القاهرة ويسافر إلى قرية مسقط رأس والديه ليقابل جده الفلاح.

وبدأ "رامي" سيرته المهنية في الكوميديا الاستعراضية منذ بداية الألفية، كما مارس التمثيل وشارك في مسلسل المخرج المصري الأمريكي "سام إسماعيل"، "السيد روبوت"، بجانب "رامي مالك".

لكنه أثار اهتمام هوليوود عند ظهوره في برنامج شبكة "سي بي أس" الشهير "ذي ليت شو" مع "ستيفن كوبير"، حيث قدم عرضا كوميديا، سخر فيه من الإعلام الأمريكي، الذي يثير الخوف في قلوب الأمريكيين من الإسلام والمسلمين، وفي نهاية العرض، يدعو الجمهور لاعتناق الإسلام.

ويقول "رامي": "هناك جهل كبير عن الإسلام، معظم الناس في الولايات المتحدة لا يعرفون شيئا عن المساجد، وفكرتهم عن مسجد تنبع عادة من صور شاهدوها على شاشات التليفزيون أو فيلم عن الإرهاب والإرهابيين. لكن عندما يشاهدون برنامجنا يندهشون من جماله ومن الأحداث، التي تدور هناك، ومن مرح الناس هناك. وأنا شخصيا فوجئت من ردود فعل الجمهور لحكايات غير مألوفة لغير العرب والمسلمين. فبعض أصدقائي الأمريكيين كانوا يضحكون معي على أشياء مثل كوميديات رمضان، التي لم أكن أعتقد أنهم كانوا سيفهمونها".

ونال مسلسل "رامي" الكوميدي مدح النقاد وإعجاب الجمهور في الولايات المتحدة، ما دفع شبكة "إتش بي أو" إلى التعاقد مع "رامي" لصنع برنامج كوميدي جديد، سيبدأ تصويره قريبا في نيويورك.

ومع ذلك، يدرك "رامي" أن هذه بداية والطريق إلى تغيير النظرة السلبية تجاه العرب والمسلمين طويلة وشائكة، لكنه متفائل.

المصدر | الخليج الجديد + القدس العربي

  كلمات مفتاحية