الانقضاض الأمريكي على «فيفا»: حرب من؟

الجمعة 29 مايو 2015 07:05 ص

جاء اعتقال سبعة مسؤولين كبار في الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» بسبب اتهامات بالفساد قبل أيام قليلة من لقاء جمعيتها العمومية الخامس والستين للتصويت على رئيس جديد لها، الأمر الذي وضع ضغوطاً هائلة على الرئيس الحالي والمرشح الرئيسي «جوزيف بلاتر»، فرغم أن اتهاما لم يوجه له (بعد!)، ولكن بعض المقبوض عليهم هم نواب له.

الاعتقالات تمّت في سويسرا حيث سيجتمع مؤتمر «الفيفا» العامّ، لكنها جاءت في هذا التوقيت الحرج بأمر من القضاء الأمريكي ومكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، وهو ما جعل المسألة تتحوّل مباشرة من قضية تتعلّق بالرياضة وقضايا فساد وتبييض أموال الخ .. إلى قضية سياسية كبرى.

بعد دخول أجهزة القضاء والأمن الأمريكية الكاسر على خطّ استهداف زعامة «فيفا»، تصاعدت التصريحات المناهضة لرئيسها من زعماء غربيين مثل «ديفيد كاميرون» و«لوران فابيوس»، إضافة إلى الموقف الواضح لاتحاد كرة القدم الأوروبي (يويفا) الذي ألقى بكل أوراقه حين هدد «بلاتر» بإمكانية مقاطعة الفرق الأوروبية للمباريات التي ينظمها «فيفا» إذا فاز مجددا، والاتحاد الاسترالي الذي أعلن أنه لن يصوت له، ورياضيين مشهورين كبلاتيني ومارادونا ولينيكر، ووسائل إعلام كبيرة كـ«فوربس» الأمريكية و«غارديان» البريطانية و«ليكيب» الفرنسية، واتخذ الرعاة الكبار لـ«فيفا» مثل «فيزا» لبطاقات الائتمان، وشركة «هيونداي» الكورية، وشركة «ماكدونالدز» الأمريكية، مواقف ضاغطة بدورهم.

في المقابل اعتبرت روسيا، في تصريحات لرئيسها «فلاديمير بوتين» اعتقال مسؤولي الاتحاد الدولي لكرة القدم بطلب من الجهات القضائية الأمريكية أمراً «غريباً جداً» ويشير إلى أن الولايات المتحدة «تسعى لمد ولايتها القضائية إلى خارج حدودها».

عربياً، انعكست أحداث «فيفا» على شكل مشاعر متضاربة، فتجارب العرب عبر العقود الماضية مع الأمريكيين بشكل خاص، لا تثير سوى الشكوك والإحساس بالظلم من أجهزة القضاء والأمن الأمريكية التي تسير فيها العدالة باتجاه خدمة مصالح واشنطن وحلفائها، وخصوصاً «إسرائيل».

وقد أحس الفلسطينيون بالقلق نتيجة هذه الأنباء لأنهم كانوا يعلّقون آمالاً على اجتماع كونغرس «فيفا» اليوم للتصويت على المطلب الفلسطيني بتجميد عضوية «إسرائيل»، وهو الأمر الذي اعتبره الرئيس الإسرائيلي «رؤوبين ريفلين» «تهديدا استراتيجياً» لبلاده.

وكانت آخر «مآثر» القضاء الأمريكي المشهودة ضد الفلسطينيين والعرب القضية الشهيرة التي أقيمت ضد «البنك العربي» تحمّله المسؤولية عن هجمات «منظمات إرهابية» (حماس)، بسبب تحويله أموالا لجمعيات خيرية فلسطينية.

كما استغلّت حادثة القبض على مسؤولي «فيفا» الكبار لفتح النيران مجدداً على فوز قطر بتصويت «فيفا» على تنظيم مباريات كأس العالم لكرة القدم لعام 2022، وهو أمر يزيد المرارة العربية والإحساس باستهدافهم والتشكيك بأي نجاح لهم في أي مجال عالمي.

على الجانب الآخر، وجد بعض العرب فيما حصل سبباً للتفاؤل وذلك لأن خصم «جوزيف بلاتر» الرئيسي الذي ينافسه على منصب الرئاسة هو «علي بن الحسين»، الذي وفّرت الضربات الهائلة التي تعرّض لها «بلاتر» فرصة قد لا تتكرّر للفوز بمنصب يمكن اعتباره واحداً من أهم المناصب في العالم، لكن الغريب أن الأمير الأردني يحظى بتأييد الاتحادات الأوروبية وأستراليا لكنّ تأييد أغلبية الاتحادات العربية له غير مضمون بعد.

ما يحصل في «فيفا» حالياً هو صراع معقّد تتداخل فيه مصالح سياسية واقتصادية كبيرة، و»فيفا» ككل مؤسسات العالم الكبرى لا يمكن أن تكون فوق الشبهات لكن دخول الولايات المتحدة الأمريكية بكل قوّتها ضد السويسري «جوزيف بلاتر» هو معركة سياسات ومصالح هائلة، وليست قضية جنائية فحسب، ونحن، العرب، لدينا قائمة لا تنتهي تدعم شكّنا في أهدافها وارتيابنا في وسائلها وخوفنا من حروبها، لكننا بالتأكيد مع فوز الأمير «علي بن الحسين»، بغضّ النظر عن خلفيات الحرب القائمة.

  كلمات مفتاحية

أمريكا فيفا قطر مونديال 2022 بلاتر الأمير علي بن الحسين روسيا كرة القدم