سي.إن.إن: حظر ترامب لـ"الإخوان" يفاقم الفوضى بالمنطقة ويضر بصفقة القرن

الخميس 2 مايو 2019 01:05 م

سلط تحليل نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية الضوء على الأنباء المتداولة عن وجود نية لدى الإدارة الأمريكية لإدراج جماعة "الإخوان المسلمون" على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية.

وحذر كاتب التحليل الأمريكي "ديفين أ. أنديلمان" من أن إقدام واشنطن على حظر جماعة "الإخوان"، نزولا على طلب الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" سيفاقم أزمات الشرق الأوسط المضطرب، كما سيضر بصفقة القرن.

وإلى نص التحليل:

 

يدرس الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" ما يمكن أن يصبح أكثر عنوانا بارزا وخطيرا لفترة رئاسته، وهو إدراج جماعة "الإخوان المسلمون" التي جرى تأسيسها منذ 91 عاما على قائمة المنظمات الإرهابية.

ويبدو أن دوافع "ترامب" في ذلك واضحة وبسيطة للغاية، ولكنها لا تزال تهدد بإغراق أمريكا ومعظم العالم الذي قد لا يزال يتطلع إلى شرق أوسط سلمي وديمقراطي، في دوامة أخرى من الكراهية والانقسام. 

فمن خلال هذه الخطوة العاصفة والمفاجئة للغاية، حال حدوثها، فإن "ترامب" سيكون فضل مرة أخرى التواطؤ بشكل مباشر مع المجموعة الصغيرة نفسها من الطغاة والديكتاتوريين بالشرق الأوسط الذين أقام معهم روابط صداقة قوية.

حتى مجرد تأمل تلك الخطوة باعتبار جماعة "الإخوان المسلمون" تنظيماً إرهابياً من شأنه أن يبعث القشعريرة والخوف إلى أولئك الذين كانوا يأملون في أن تهدأ المنطقة العربية التي مزقتها الصراعات والانقسامات العميقة، ومع ذلك، من الواضح، أننا يمكن أن نرى استمرار حالة الانقسام تلك بصورة أكثر عنفاً في القريب العاجل.

منذ تأسيسها، كان مقر مكتب جماعة "الإخوان" في القاهرة، وجاء الديكتاتور الحالي للبلاد، "عبدالفتاح السيسي"، إلى السلطة في احتجاجات مدعومة عسكرياً للإطاحة بحكومة تدعمها جماعة "الإخوان" المصرية آنذاك، وانتخبها الشعب المصري في عام 2012.

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن قرار إدارة "ترامب" حول جماعة "الإخوان المسلمون" جاء بناء على طلب "السيسي". 

لكن جذور هذه الكراهية تعود إلى الأيام الأولى لتأسيس جماعة "الإخوان المسلمون" في عام 1928 على يد "حسن البنا".

وطوال تاريخها، كانت جماعة "الإخوان المسلمون" تنتمي للمذهب السني، وهو المذهب الأكبر الذي يتبعه غالبية المسلمين في الشرق الأوسط.

لذا فقد اعتقد المرء أنه سيتم تبني جماعة "الإخوان المسلمون" من قبل النظم السنية الحاكمة لاسيما "آل سعود" في المملكة العربية السعودية، التي قضت عقودا تقاتل الأقليات الشيعية في الداخل، ولكن الأمر لم يكن كذلك أبداً.

وأشار لي عدد من العلماء السعوديين، إلى أن الحكام العرب نظروا إلى جماعة "الإخوان" باعتبارها موقع قوة معاكسة، وربما تشكل تحديا مباشراً لحكمهم الفردي؛ الشارع العربي مقابل القصور الحاكمة.

لم يكن أمرا مفاجئا بروز جماعة "الإخوان" باعتبارها قوة رئيسية في موجة ثورات الربيع العربي القوية التي هددت باجتياح الديكتاتوريين من السلطة ابتداء من عام 2010 عبر شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

وليس من المفاجئ أيضا أن هذا الأمر أذهل أولئك الديكتاتوريين الذين تمكنوا من الصمود، والذين أصبح من الواضح الآن أن الرئيس "ترامب" بات يستمع لهم.

وكما كتب "جمال خاشقجي"، الصحفي في "واشنطن بوست"، قبل وقت قصير من مقتله على أيدي عناصر سعودية: "إن القضاء على جماعة الإخوان المسلمون ليس أقل من إلغاء الديمقراطية، وضمان أن العرب سيواصلون العيش في ظل أنظمة استبدادية وفاسدة".

وتعود جذور كراهية "ترامب" للإسلام إلى الأيام الأولى لرئاسته حيث سعى، دون جدوى، إلى منع جميع المسلمين من عدد من البلدان من دخول الولايات المتحدة.

بعد ذلك، لم يمض وقت طويل، إلى أن توجه في أول رحلة خارجية له إلى السعودية حيث سعى الحكام العرب، بنجاح كبير، إلى جذب الرئيس الجديد بعرض فخم من البهجة والاحتفال، بلغت ذروتها في رقصة السيف في القصر الملكي.

وبعد أيام، شنت عدد من الدول التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالسعودية هجوما عنيفاً وحصارا على إحدى جيرانها، قطر التي لا تعادي جماعة "الإخوان المسلمون".

حظر "الإخوان" وتصنيف الحرس الثوري الإيراني (IRGC)، كمنظمات إرهابية، مع فرض كل العقوبات الاقتصادية والسياسية المصاحبة، كان موضوعا رئيسيا لـ"ترامب" منذ زيارته الأولى للشرق الأوسط.

وقد نجح في 8 أبريل/نيسان الماضي في إعلان الحرس الثوري الإيراني تنظيما إرهابيا، لكن تكرار الموقف نفسه مع جماعة "الإخوان المسلمون" بإعلانها منظمة إرهابية هو موقف مختلف تماما.

في معظم أنحاء الشرق الأوسط، تمثل جماعة "الإخوان" جزءاً رئيسياً من القوة الفاعلة في الشارع العربي، وهي القوى التي ينبغي أن تدعمها أمريكا إذا كانت المنطقة ترغب في أن تتجه نحو الحكومات التي تحبذ الديمقراطية وحرية التعبير والحريات المدنية.

جماعة "الإخوان المسلمون" ليست تنظيم "الدولة الإسلامية"، لكن حقيقة كونها متجذرة بعمق في المجتمعات التي سعى تنظيم الدولة أو غيره من المنظمات للسيطرة عليها، يمكن أن تكون ذات أهمية قصوى إذا أردنا أن نتمكن في النهاية من السيطرة على تنظيم الدولة أينما قد يرتفع التنظيم الإرهابي مرة أخرى.

علاوة على ذلك، قامت منظمات حقوق الإنسان بتوثيق بعض المخالفات العنيفة لحقوق الإنسان من قبل جماعة "الإخوان" أو المنتسبين لها، خاصة خلال الفترة التي كان فيها أنصارها يسيطرون فيها على مصر قبل تولي "السيسي" للسلطة.

جماعة "الإخوان المسلمون" لديها فروع في حوالي 70 دولة، لكن جميع الفروع لا تعمل تحت نفس الهوية، وهذا ما يجعل إعلان "ترامب" ينطوي على إشكاليات قانونية بالنظر إلى أن القانون الأمريكي ينص على تحديد جماعة واحدة، ويجب أن تكون تهدد الولايات المتحدة بشكل مباشر 

يجب أن نأمل أن يتمتع "ترامب" بالحس السليم بعدم اتباع "السيسي" والآخرين في الشرق الأوسط نحو منحدر آخر من شأنه أن يساهم في إغراق المنطقة بالفوضى مرة أخرى.

فبالفعل، قدم "ترامب" شخصياً دعمه للجنرال الليبي المتمرد "خليفة حفتر"، المدعوم من مصر والسعودية، الذي يضع أنظاره على الإطاحة بالحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس.

يجب على "ترامب" أن يبدأ في التفكير بنفسه، خاصة أن مستشار الأمن القومي "جون بولتون"، الذي يؤمن بسياسة خارجية أكثر قوة مما هو مناسب أو آمن في هذه الأوقات الصعبة، يبدو مصمماً على دفع الولايات المتحدة نحو النزاع المسلح إلى جانب طاغية أو آخر.

ويجب على الرئيس أن يدرك أن خطة السلام في الشرق الأوسط التي صممها صهره، "جاريد كوشنر"، منذ عامين ونصف العام، في طور الإعداد، وعلى وشك أن يتم الكشف عنها بعد رمضان في أوائل يونيو/حزيران المقبل، وإن تحويل ملايين الشوارع العربية المؤيدة لـ"الإخوان المسلمون" للاحتشاد ضد الولايات المتحدة في هذه اللحظة المحورية لا يمكن أن يكون تكتيكا مفيدا للفوز بقبول خطة "كوشنر - ترامب".

وبدلا من ذلك، فقد حان الوقت لنعترف بأنه يجب علينا الانتقال إلى الصفحة التالية، إذا أردنا أن نتحرك في اتجاه شرق أوسط خال من أنواع التحديات التي تتطلب حلا عسكريا خطيرا.

المصدر | الخليج الجديد+متابعات

  كلمات مفتاحية