السعودية ودول أجنبية تستأجر وحدات ببرج ترامب دون موافقة الكونغرس

الخميس 2 مايو 2019 07:05 ص

كشفت وثائق ومصادر مطلعة أن وزارة الخارجية الأمريكية وافقت لسبع حكومات أجنبية على الأقل باستئجار وحدات فاخرة في برج "ترامب" العالمي في نيويورك عام 2017 دون موافقة الكونغرس.

ويمثل ذلك القرار انتهاكا محتملا للبند الخاص بالدخل والمكافآت في الدستور الأمريكي.

وحصلت حكومات في العراق والكويت وماليزيا والسعودية وسلوفاكيا وتايلاند والاتحاد الأوروبي على موافقة على استئجار ثماني وحدات في برج "ترامب" العالمي تبعتها إيجارات فعلية وفقا لوثائق أخرى وأشخاص على علم بالأمر.

وأظهرت سجلات وزارة الخارجية كذلك أن خمسا من هذه الجهات، هي الكويت وماليزيا والسعودية وتايلاند والاتحاد الأوروبي، سعت أيضا لاستئجار وحدات في عامي 2015 و2016.

والبرج المكون من 90 طابقا في مانهاتن جزء من إمبراطورية عقارية يملكها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، وكان محلا لدبلوماسيين ومسؤولين أجانب قبل أن يصبح مالكه رئيسا للبلاد.

ويقول بعض الخبراء القانونيين إنه يتعين الآن بعد أن دخل "ترامب" البيت الأبيض أن تمر مثل هذه التعاملات على المشرعين الاتحاديين، إذ يحظر (بند المكافآت) في الدستور على المسؤولين الأمريكيين قبول أي منح أو مدفوعات من حكومات أجنبية دون موافقة من الكونغرس.

وقد تزيد اتفاقات الإيجار، التي يرجع تاريخها إلى الشهور الأولى من رئاسة "ترامب" من التدقيق المتزايد في تعاملاته التجارية مع حكومات أجنبية والتي تخضع الآن لعدد من الدعاوى القضائية.

وأكد مسؤولون بالكونغرس أن طلبات الإيجار في برج "ترامب" الدولي لم تعرض قط على الكونغرس.

وقال "إيلايجا كامينجز" رئيس لجنة الإشراف والإصلاح بالكونغرس إن جهود لجنته للحصول على معلومات مفصلة عن مدفوعات الحكومات الأجنبية لشركات "ترامب" لقيت "عراقيل" كبيرة.

وأضاف "هذه المعلومات الجديدة تثير أسئلة خطيرة حول الرئيس وحصول شركاته المحتمل على مدفوعات من حكومات أجنبية... الجمهورية الأمريكية تستحق شفافية كاملة".

ويقضي قانون البعثات الأجنبية لعام 1982 بأن تحصل الحكومات الأجنبية على موافقة وزارة الخارجية الأمريكية على أي مشتريات أو إيجارات أو مبيعات أو أي استخدامات للعقارات في الولايات المتحدة.

وبموجب قانون حرية المعلومات الأمريكي حصلت رويترز على مذكرات دبلوماسية أرسلت للوزارة بهذا الخصوص في الفترة من أوائل 2015 إلى أواخر 2017.

وتظهر السجلات أنه في غضون ثمانية أشهر بعد تنصيب "ترامب" يوم 20 يناير/كانون الثاني عام 2017 أرسلت حكومات أجنبية 13 مذكرة لوزارة الخارجية تطلب فيها السماح بتأجير أو تجديد إيجارات في برج "ترامب" العالمي.

ويمثل ذلك زيادة في طلبات الحكومات الأجنبية تأجير أو تجديد إيجارات في المبنى عنها في العامين السابقين مجتمعين.

وقال "هارولد هونججو كوه" الأستاذ بكلية الحقوق بجامعة ييل، المستشار القانوني السابق لوزارة الخارجية الأمريكية "في السماح بمرور هذا دون معرفة الكونغرس تغاض عن خلق مسار ثان غير شفاف للسياسة الخارجية... ما يمكن أن يقود إليه ذلك هو أن تعمل مجموعة من الدول على زيادة ثروات من هم في السلطة ظنا منها أن ذلك سيعزز قدراتها على التواصل".

وتقع ناطحة السحاب الفاخرة التي بنيت قبل 18 عاما إلى جوار مقر الأمم المتحدة قرب النهر الشرقي، وهي ليست برج ترامب الشهير في شارع فيفث أفنيو والذي يضم سكنا خاصا لـ"ترامب".

وتشير السجلات المالية لبرج "ترامب" العالمي إلى أنه تابع لشركة محدودة مملوكة لـ"ترامب" تديرها مؤسسة "ترامب" التي يأتي دخلها من رسوم يدفعها ملاك الوحدات.

وعندما يجري تأجير وحدات يملكها أفراد يستخدم ملاكها دخل الإيجار في سداد هذه الرسوم وفقا لما ذكره مالكو وحدات وخبراء في أسواق العقارات أجرت رويترز مقابلات معهم. ولم توضح سجلات وزارة الخارجية من الذي يملك الوحدات المعنية.

وأثار دخل "ترامب" من تعاملات مع حكومات أجنبية في عقاراته، مثل فندق "ترامب" العالمي في العاصمة واشنطن الذي افتتح حديثا، دعاوى قضائية رفعها ممثلا الادعاء الاتحادي في ماريلاند ومنطقة كولومبيا قائلين إن هذه الدخول تنتهك بند المكافآت في الدستور.

ودفع محامو "ترامب" في المحكمة بأن الدستور يطالبه فقط بالحصول على موافقة الكونغرس على المكافآت الأجنبية المقدمة فيما يتعلق بدوره كرئيس.

وأبقى "ترامب" على ملكيته لمصالحه التجارية العالمية بعد توليه الرئاسة لكنه سلم إدارتها اليومية لأبنائه ومسؤول تنفيذي يعمل لديه منذ فترة طويلة.

ورفض قاض اتحادي أمريكي الثلاثاء إجراء اتخذه "ترامب" لرفض واحدة من قضايا المكافآت المرفوعة ضده قائلا إن "تعريف ترامب المحدود للمكافآت غير مقنع وغير متماسك". 

وستقرر المحاكم في نهاية الأمر ما إذا كانت بعض تعاملات "ترامب" تنتهك الدستور.

وقال "باتريك كنيدي" الذي كان في الفترة من 2007 إلى 2017 أكبر مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية مختص بشؤون الإدارة الداخلية إن إصدار مثل هذه الأحكام ليس مسؤولية مكتب وزارة الخارجية المسؤول عن مراجعة الطلبات العقارية للحكومات الأجنبية.

وقال إن تفويض المكتب يتعلق بمراجعة الاعتبارات المتعلقة بالأمن القومي والقضايا الدبلوماسية وليس ما يتعلق بالانتهاكات المحتملة لبند المكافآت في الدستور.

وقال إنه إذا بدأت وزارة الخارجية الأمريكية في تعطيل طلبات الحكومات الأجنبية بتأجير وحدات في عقارات تابعة لـ"ترامب" فقد يدفع ذلك هذه الحكومات للرد بالمثل على الدبلوماسيين الأمريكيين الذين يسعون للسكن على أراضيها.

وتفيد سجلات وزارة الخارجية، وتغطي الفترة من يناير/ كانون الثاني 2015 إلى سبتمبر/ أيلول 2017 بأن برج "ترامب" العالمي كان المبنى الوحيد التابع لـ"ترامب" في الولايات المتحدة الذي سعت حكومات أجنبية لاستئجار أو شراء وحدات فيه. 

وفي 2017 بلغ متوسط الإيجار الشهري المطلوب في وحدات البرج 8500 دولار وفقا لموقع ستريت إيزي العقاري، أي بزيادة مرتين ونصف عن متوسط الإيجارات في حي ترتل باي المجاور.

وكانت حكومات أجنبية، منها السعودية، قد اشترت في السابق عقارات بالمبنى حيث يبلغ متوسط سعر الوحدة حاليا نحو سبعة ملايين دولار وفقا لموقع ستريت إيزي.

وقال المتحدث باسم البعثة السعودية لدى الأمم المتحدة "محمد القاضي" إن موقع برج "ترامب" الدولي المتميز بجوار مقر الأمم المتحدة كان السبب الذي دفع المملكة للتأجير فيه.

وأضاف "الحكومات تدفع لهذه الوحدات في المبنى ليس للحصول على امتيازات من ترامب أو أي شيء من هذا القبيل، بل لمجرد موقعه المناسب والمريح بالنسبة لنا". 

وقال إنه انتقل لوحدته الخاصة في برج "ترامب" العالمي في نهاية عام 2017.

وارتبطت إدارة "ترامب" عن كثب بالسعودية في عدة قضايا رغم تقييم من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية يفيد بأن ولي العهد السعودي أمر بقتل "جمال خاشقجي" الكاتب بصحيفة واشنطن بوست ورغم معارضة الكونغرس للتدخل الأمريكي في الحرب التي تقودها السعودية في اليمن والتي دفعت ملايين اليمنيين إلى شفا المجاعة.

وفي عام 2017، حقق "ترامب" أكثر من 15 مليون دولار من إدارة العقارات التي تديرها مؤسسته ومن الرسوم المتعلقة بها وذلك وفقا لتقارير الإفصاح المالي الخاصة بـ"ترامب". 

المصدر | الخليج الجديد + رويترز

  كلمات مفتاحية