الدعم الإماراتي لمصر مستمر على المدى البعيد

السبت 19 يوليو 2014 09:07 ص

الخليج الجديد

«الاستقرار في مصر يصب في مصلحة الإمارات العربية المتحدة التي ستستمر بتقديم الدعم غير المشروط للقاهرة حتى بلوغ هذا الهدف». هذا ما يخلص إليه تحليل نشره موقع «المونيتور» عن العلاقات بين مصر والإمارات، للخبير بمعهد بروكينجز «إتش إيه هيلر»، الذي أكد أن العلاقات بين أبوظبى والقاهرة مبنية على أسس جيدة.

ويبيّن الكاتب أنه قد أخذت الثورات العربية الإمارات، على حين غرة. حيث لم تتحمّس أبوظبي لثورة 25 يناير بمصر، متخوفة من أنّ الإطاحة بحسني مبارك ستؤدي لتمكين الإسلاميين في مصر، الأمر الذي سيكون له انعكاسات كبيرة في ما بعد على قوة الجماعات الإسلامية، نظرًا للتأثير الجوهري الذي تتمتّع به مصر في العالم العربي.

وتمثل الخوف من اختراق الإمارات من قبل منظمة سرية عابرة للحدود، وهذا ما تراه أبوظبي في الإخوان، ولم يأت رد أبوظبي على الثورات العربية عبر تغيير نظامها السياسي، بل عبر تذكير شعبها لا فقط بأنّ نظامها ناجح بالنسبة لهم، بل بأنّ أي بديل آخر سيجلب الفوضى، وقد استطاع الإماراتيون لمس ذلك في المنطقة.

ويقول «هيلر» أنه قد انتشر شعور في أوساط بعض الجهات الإماراتية الرفيعة جرى التعبير عنه مرارا وتكرارا في السر، بأنّ منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية ومؤسسات البحث الغربية لم تتمكّن من تقدير التهديد الذي يشكّله الإسلاميون على الإمارات، وبأنه في بعض الحالات، ارتبطت بعض المؤسسات بالفعل بالإسلاميين. ترتبت على ذلك آثار تجارية في أبوظبي: أدّت التطورات إلى فسخ عقد بحث مهم جدًا مع بعض الشركات الغربية. ففي إحدى المرات، أكّدت مصادر رفيعة المستوى في الإمارات أنّ لدى السلطات شكوكًا، مسوّغة أم لا، بأنّ أحد الموظفين البارزين يرتبط بالإخوان، ما أدّى في النهاية إلى الفسخ.

 

أما داخليا، فازداد تخوّف السلطات من أنشطة الإخوان التي ينفّذها المغتربون المصريون ومجموعة «الإصلاح»، وبحسب ما جاء في مقال «المونيتور» الذي أضاف أنّ صحة هذه التخوفات أو عدمها لا يزال موضوع اختلاف. وهو ما وجه الإماراتيون لدعم عزل الجيش المصري للرئيس محمد مرسي بعد انتشار الاحتجاجات في شهر يوليو/تموز العام الماضي.

لينشئ الإماراتيون بعد خلعه، «فريق العمل المصري» الذي يترأسه وزير دولة إماراتي، مع مكاتب في أبوظبي والقاهرة. وتلقّت «المونيتور» ورقة توجيهية من وزارة الخارجية تعطي تفاصيل عن قوة العمل المصرية وعن المساعدة التي أرسلتها الإمارات لمصر.

وبحسب الورقة التوجيهية، جرى التوقيع على اتفاقية مساعدة خاصة في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي بقيمة 7.4 مليارات دولار تقريبًا، بما فيها مبلغ مليار دولار مخصّص للبنك المركزي جرى إرساله بعد إقصاء الرئيس مرسي بوقت قصير. وتم تخصيص 3.2 مليار دولار إضافي لاحتياجات الوقود والهيدروكاربون، و3 مليارات دولار من المفترض أن توجَّه نحو مشاريع إنمائية، مع أنّ هذه الأموال لم تصل فعليًا بالكامل حتى الآن. وجرى تقديم ملياري دولار إضافيين كوديعة بدون فوائد في البنك المركزي المصري للمساعدة على استقرار الجنيه المصري. 

أما من الناحية غير الاقتصادية، يقول الكاتب أن أبوظبي أوضحت حسمها من البداية في دعمها لموقف القاهرة من الإخوان على الساحة الدولية، سواء أكان بعد الإطاحة بالرئيس مرسي مباشرة أم فيما بعد. وبعد أشهر قليلة من تسمية القاهرة للإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية في شهر ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، على خلفية الهجمات التي تبنّتها جماعة أنصار بيت المقدس، أعلنت المملكة المتحدة عن إعادة النظر في مسألة الإخوان المسلمين. ظنّ كثيرون أنّ الرياض كانت المحرّض على عملية إعادة النظر هذه، بما أنّ سفير لندن إلى السعودية ترأس العملية، لكنّ أبوظبي كان لها الحصة الأكبر في ذلك. وبحسب مصادر رفيعة المستوى في أبوظبي، وجدت السلطات من المغضب أن يتمكّن الإخوان المسلمون من اللجوء إلى المملكة المتحدة وحتى من استعمال وسائل الإعلام البريطانية لنشر رسائلهم.

ويرى الكاتب أن أكثر ما يساعد العلاقة الحالية بين السلطات الجديدة في القاهرة وأبوظبي هو المفهوم الذي لا يعتبر فقط أنّ الإخوان هم قوة مزعزعة للاستقرار في المنطقة بشكل عام ومصر بشكل خاص، بل أيضًا أنّ الرئاسة الجديدة قادرة على إيقاف مصر على رجليها مجددًا من الناحية الاقتصادية. أما النقاش فتمحور حول ضرورة أن يكون كلّ من المساعدة والدعم من الإمارات والسعودية للحكومة المصرية الجديدة مشترطا ببعض الإصلاحات التي تتراوح بين إصلاحات اقتصادية وقضائية. وتؤثر هذه الأخيرة مباشرة على الاقتصاد، إذ إنّ سمعة القضاء المصري في الإعلام الدولي مؤخرًا قد تسبّبت بعدول بعض المستثمرين الدوليين المحتملين عن الاستثمار بسبب نظرتهم المستقبلية للبلد.

كما أشار الكاتب أن أبوظبي لا تعتزم المشاركة في تقديم دعم مشروط، إذ لا ترى الإمارات أنّ الشروط الرسمية ستزيد كثيرًا، إن زادت في الأساس، من قدرة القاهرة على تحقيق الاستقرار، على الأقل في المدى القصير أو المتوسط، إلا في حال بعض الإصلاحات الاقتصادية ربما. ويقول الكاتب: «من لحظة تولي عبد الفتاح السيسي سدة الرئاسة وحتى الساعة، لم تقدّم الإمارات أي مساعدة إضافية، وقد يكون السبب هو انتظار أبوظبي لرؤية ما إذا كان الرئيس يعتزم معالجة مسألة نظام الدعم من أجل تقليص العجز. وفي حال جرى ذلك، قد يعني الأمر تدفقًا إضافيًا وشيكًا للمساعدات».

واختتم «هيلر» مقاله بالقول إنّ الروابط بين أبوظبي والقاهرة طويلة وثابتة، و«ما يشجّع أبوظبي هو أنّ العلاقة واضحة: رغبة في تحقيق الاستقرار واستمرار الوضع الراهن، بدلاً من عدم إمكانية التنبؤ بالمستقبل والانقلاب. وإنّ معارضة الإمارات الإيديولوجية للإخوان ترتبط عن كثب بهذا الموضوع. ليس من المتوقع أن تطرأ تغييرات كبيرة على هذا الوضع، وقد أوضح الإماراتيون أنّهم يرون في دعم مصر هدفًا على المدى البعيد».

  كلمات مفتاحية

مصر والإمارات توقعان مذكرتي تفاهم لتمويل المشاريع متناهية الصغر في مصر

«محمد بن زايد» يلتقي رئيس وزراء مصر في دبي

1.125 مليار دولار حجم الصادرات المصرية إلى الإمارات خلال 2016