حروب الشرق الأوسط تدخل عصر الطائرات المسيرة

السبت 4 مايو 2019 11:05 ص

شن الحوثيون في اليمن هجمات مسلحة بالطائرات بدون طيار بدقة أكبر بكثير مما عرفته الولايات المتحدة وحلفاؤها في الخليج، مما يوضح كيف أن التكنولوجيا المتاحة بسهولة تخلق مخاطر جديدة لأمريكا وحلفائها في الشرق الأوسط.

توسع التهديد

وقال مسؤول تنفيذي في شركة ومسؤول خليجي إن طائرة بدون طيار تعود للحوثيين أصابت أحد مصافي نفط أرامكو السعودية خارج العاصمة الرياض في يوليو/تموز، كما قال أشخاص مطلعون على الأمر إن طائرة استطلاع للحوثيين تملصت في ذلك الشهر من الدفاعات الجوية الإماراتية وانفجرت في مطار أبو ظبي الدولي في الإمارات.

أضر هجوم المطار بشاحنة وآخر ببعض الرحلات الجوية، إلا أن مدى انتشاره وطبيعته الجريئة أزعج الحكومة الإماراتية التي أنكرت وقوعه، وهي قصة دعمتها الولايات المتحدة، حسبما قال مسؤولون أمريكيون سابقون، كما نفى الزعماء السعوديون علانية مزاعم الحوثي عن هجوم أرامكو، الذي ألحق أضرارا محدودة أيضا.
أطلق الحوثيون -الذين سخر منهم أعداؤهم باعتبارهم متخلفين وقبليين- ما يقدره المسؤولون السعوديون بأكثر من 140 محاولة طيران بدون طيار تعرضت للإسقاط، وتطورت تقنيتهم بسرعة من طائرات استطلاع صغيرة تعمل بالمروحة إلى طراز أكبر على شكل طائرة يطلق عليها محققو الأمم المتحدة UAV-X، ويمكنها السفر أكثر من 900 ميل بسرعة 150 ميلا في الساعة، وفقا لما قالته الأمم المتحدة، مما وضع الكثير من دول الخليج -بما في ذلك العاصمتان السعودية والإماراتية- من النطاق.

يقول المسؤولون السعوديون وإدارة "ترامب" إن إيران جعلت هذا التقدم السريع ممكنا، على الرغم من أن بعض المسؤولين الأمريكيين يتشككون في مقدار المساعدة المباشرة التي قدمتها طهران، التي ترفض مثل هذه الاتهامات.
وفي ضربة أخرى -اعترفت بها جميع الأطراف- استخدم المقاتلون الحوثيون طائرة بدون طيار في يناير لمهاجمة عرض عسكري للحكومة اليمنية، مما أسفر عن مقتل 6 أشخاص بينهم ضابط كبير، وقال الخبراء حينذاك إنها المرة الأولى التي تستخدم فيها مجموعة مسلحة طائرة بدون طيار لاغتيال مسؤول حكومي.

وقال المسؤولون والمحللون إن الغارات تظهر كيف يصعب مكافحة تكنولوجيا الطائرات بدون طيار -المتاحة تجاريا والقابلة لاستخدامها كسلاح بسهولة- وكيف أن لها القدرة على تحويل النزاعات العالمية.

أصبح الحوثيون من أكثر الجماعات المسلحة براعة في استخدام الطائرات بدون طيار في الحرب، وتقاتل الجماعة -مع ما تقول الولايات المتحدة أنه دعم إيراني كبير- من أجل السيطرة على اليمن في صراع ضد القوات المحلية وحملة جوية بقيادة السعودية بدعم من الولايات المتحدة.

أثارت غارات الطائرات بدون طيار نقاشا في واشنطن حول مقدار المساعدات التي قدمتها إيران -المستهدفة في حملة الضغط الاقتصادي الأمريكية جزئيا بسبب دعمها للجماعات المسلحة في الشرق الأوسط- إلى المتمردين في اليمن.

وقال مسؤول دفاعي أمريكي: "الدعم العسكري الإيراني للحوثيين زاد من فتك ونطاق أنظمتهم، مما أدى إلى تهديد أكبر للقوات السعودية والإماراتية"، بينما قال مسؤول آخر إن وكالات الاستخبارات الأمريكية خلصت إلى أن برنامج الطائرات بدون طيار للحوثيين أصلي إلى حد كبير ولا يحتاج إلى مساعدة خارجية تذكر.

دور الطائرات التجارية

يتراوح حجم الطائرات بدون طيار من الطائرات الكبيرة غير المأهولة التي يستخدمها الجيش الأمريكي إلى الألعاب الموجودة في مراكز التسوق، وتُظهر تجربة الحوثيين أنه يمكن الحصول على التكنولوجيا وتهريبها إلى منطقة متمردة ثم استخدامها كسلاح.

يسعى المسؤولون الأمريكيون والسعوديون والإماراتيون إلى تحييد التهديد، وفي يناير/كانون الثاني؛ بدأ التحالف العسكري بقيادة السعودية حملة منسقة ضد التهديد المتزايد بقصف الكهوف في اليمن المشتبه في أنها تضم طائرات بدون طيار، إلى جانب المواقع التي يتم تجميعها فيها، على حد قول التحالف.

وردت قوات الحوثي بتصعيد هجمات الطائرات بدون طيار، ففي الأسابيع الأخيرة، أسقطت الدفاعات الجوية السعودية ما لا يقل عن 17 طائرة من الطائرات الحوثية في اليمن أو السعودية، على حد قول المسؤولين السعوديين، كما إن قادة الحوثيين يتفاخرون بشكل روتيني بقواتهم الجوية بدون طيار وقدرتهم على ضرب العاصمتين السعودية والإماراتية.

وقال مسؤول أمريكي إن السعوديين والإماراتيين يستثمرون بكثافة في التكنولوجيا المضادة للطائرات دون طيار، لكن السهولة النسبية لبناء الطائرات بدون طيار باستخدام الأجزاء التجارية يمثل تحديا للجهود المبذولة لاحتواء التهديد.

يشكك المسؤولون في الأمم المتحدة والولايات المتحدة في أن المطورين الحوثيين عادة ما يبنون الطائرات بدون طيار في اليمن، وقال خبراء الأسلحة إنهم يحتاجون في المقام الأول إلى تهريب أنظمة التوجيه المتقدمة والمحركات الصغيرة القوية، كما يتهم المسؤولون السعوديون والأمريكيون إيران بتزويد الحوثيين بالتدريب والتصاميم اللازمة لبناء طائراتهم بلا طيار.

وعثر محققو الأمم المتحدة داخل الطائرات بدون طيار العائدة للحوثيين، على محركات صنعت في الولايات المتحدة، والصين وألمانيا واليابان.

مخاوف أمريكية تتصاعد

يرى مسؤولو إدارة "ترامب" أن الحرب في اليمن تزعزع الاستقرار في المنطقة، وهي المخاوف التي استشهد بها الرئيس "ترامب" عندما استخدم حق الفيتو ضد قرار من الحزبين وافق عليه الكونغرس بهدف قطع الدعم العسكري الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية، ويخشى المشرعون الأمريكيون من أن الدعم الأمريكي يطيل الصراع في اليمن، الذي تصفه الأمم المتحدة بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وكتب "ترامب" في رسالة الفيتو الخاصة به في أبريل/نيسان: "يمثل الصراع في اليمن وسيلة رخيصة وغير مكلفة لإيران لإزعاج الولايات المتحدة وحليفنا؛ السعودية".

يشعر المسؤولون الأمريكيون بقلق متزايد من أن الطائرات الحربية بدون طيار قد تشكل تهديدا للسفن التجارية والسفن العسكرية الأمريكية في المنطقة.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية: "إن حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط يفهمون التأثير العنيف المزعزع للاستقرار الذي يمارسه الحوثيون المدعومون من إيران في جميع أنحاء اليمن والدول المجاورة، لكن هناك الكثير ممن لا يأخذون الأمر على محمل الجد".

يأتي هذا الارتفاع في هجمات الطائرات بدون طيار مع انخفاض عدد الهجمات الصاروخية الحوثية الناجحة، وقال مسؤولون سعوديون إن قوات الحوثيين أطلقت أكثر من 225 صاروخا خلال الحرب، بما في ذلك العديد من الصواريخ التي ضربت الرياض. ولكن يبدو أن آخر هجوم صاروخي ناجح للحوثيين كان في أواخر عام 2018، وفقا للبيانات المتاحة، كما قال مسؤولون سعوديون إنهم أسقطوا طائرات بدون طيار أكثر من الصواريخ.

عملت الولايات المتحدة عن كثب مع السعودية والإمارات وسلطنة عمان لخنق طرق تهريب الصواريخ الباليستية، لكن الطائرات بدون طيار - الرخيصة نسبيا والتي غالبا ما تكون مصنوعة من أجزاء متاحة تجاريا -أعطت الحوثيين بديلا.

في بداية الحرب -التي بدأت في عام 2015- استخدم الحوثيون طائرات بدون طيار صغيرة تعمل بالمروحة للمراقبة داخل اليمن، وفي عام 2017، بدؤوا في تحليق طائرات بدون طيار أكبر على هيئة طائرات، إزاء أنظمة رادار الدفاع الجوي السعودي في اليمن. في الوقت نفسه؛ بدأ الحوثيون في استخدام القوارب التي يتم التحكم فيها عن بُعد لاستهداف السفن قبالة ساحل اليمن، مما يخلق مخاطر جديدة في أحد أكثر طرق الشحن ازدحاما في العالم.

وقال "سكوت كرينو"، الرئيس التنفيذي لشركة "ريد سيكس سوليوشنز"، وهي شركة مقرها واشنطن تساعد الوكالات الحكومية الأمريكية وعملاء آخرين على تقييم تهديدات الطائرات بدون طيار: "لقد زادت الكفاءة بسرعة كبيرة".

بالإضافة إلى الهجوم على مطار أبوظبي؛ ادعى الحوثيون أيضا أنهم نفذوا هجومين لطائرات بلا طيار على مطار دبي الأكثر ازدحاما في العالم، ورفض المسؤولون الأمريكيون والإماراتيون القول ما إذا كانت مزاعم الحوثيين صحيحة.

يقول المسؤولون السعوديون إن تصميم الطائرات بدون طيار الجديدة لدى الحوثيين والمسماة بـUAV-X يعكس تصميم الطائرات بدون طيار التي طورتها إيران واستخدمها حزب الله؛ حليف طهران في لبنان، كما إنهم يتهمون طهران وحزب الله بإرسال خبراء إلى اليمن لتدريب مقاتلي الحوثيين على كيفية استخدام الطائرات بدون طيار والصواريخ.

وفي العام الماضي، قال محققو الأمم المتحدة إن لديهم "مؤشرات قوية" على أن إيران هي مصدر تكنولوجيا الحوثيين للصواريخ والطائرات بدون طيار لكنهم لم يؤسسوا صلة مباشرة بين إيران والحوثيين، وخلصوا إلى أن إيران "فشلت في اتخاذ التدابير اللازمة" لمنع بيع أو نقل الصواريخ والطائرات بدون طيار.

يرفض المسؤولون الإيرانيون هذه الاتهامات ويقولون أنهم لم يزودوا مقاتلي الحوثيين بطائرات بدون طيار أو صواريخ أو أن البلاد أرسلت أي قوات إلى اليمن.

المصدر | وول ستريت جورنال

  كلمات مفتاحية