لماذا يجب أن تقلق واشنطن من نشاط «الدولة الإسلامية» على الأراضي السعودية؟

السبت 30 مايو 2015 12:05 م

على مدار أسبوعين كان هناك عمليتان انتحاريتان استهدفتا الأفراد الشيعة في أراضي سنية. وعقب كل عملية خرج تنظيم «الدولة السلامية» ليعلن مسؤوليته عن التفجير الذي قتل وأصاب العشرات.

ولن يندهش أي شخص، لكنه سيحزن لسقوط ضحايا، إذا كان ذلك في العراق أو سوريا، لكن ما يثير الدهشة أنها في المملكة العربية السعودية. وتضم المملكة داخل حدودها أكثر المواقع الإسلامية قدسية، ويحكمها عائلة سنية، وبقيت مستقرة بشكل ملحوظ تحت حكم سلطوي لا يرحم، في الوقت الذي يعاني فيه جيرانها من ثورات شعبية وتدخلات «إرهابية».

وهذا كان جل ما تريده الولايات المتحدة، بمعنى أن ما يشغل بال الإدارة الأمريكية هو رؤية الاستقرار والهدوء، بصرف النظر عن الطريقة التي تسعى بها عائلة آل سعود لتحقيق ذلك.

ولكن أمس في الدمام، على الساحل الشرقي السعودي، قام رجل يرتدي زي امرأة بتفجير نفسه خارج مسجد للشيعة ليقتل معه ثلاثة آخرين. (وقد كاد الهجوم أن يكون أكثر تدميرا لولا أن الحراس أوقفوا الانتحاري قبل دخول المسجد ما اضطره إلى الذهاب إلى موقف السيارات). وتتباهى «الدولة الإسلامية» الآن أن رجالها باتوا قريبين من تحقيق أهدافهم على الرغم من تشديد الإجراءات الأمنية بعد الهجوم الأول في تاريخ المملكة قبل ثمانية أيام فقط. وقد كان هناك هجوم وقع على مسجد شيعي الأسبوع الماضي في قرية تدعى القديح، وأودى بحياة ما لا يقل عن 21 شيعيا.

«هذا بالتأكيد له دلالة كبيرة»؛ بحسب «مايك سينج»، مدير سابق بارز في شؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي في عهد إدارة الأمريكي السابق «جورج دبليو بوش». وأضاف «يبدو أن هذه الهجمات تهدف إلى تفاقم الانقسامات الطائفية، وهذا ما تريده الدولة الإسلامية بدقة هنا وتسعى له في أماكن أخرى».

وكلام «سينج» هو جوهر الحقيقة، حيث إن «الدولة الإسلامية» تريد تشجيع العداء بين السنة والشيعة في جميع أنحاء العالم الإسلامي (ربما بقدر ما ترغب في تشجيع العنف بين المسلمين وغير المسلمين في جميع أنحاء العالم) لأنه يناسب أهدافها تحت مسمى الخلافة.

ولكن بالنسبة للولايات المتحدة، فإنها بحاجة بالغة للقراءة في في هذه العمليات الهجومية الناشئة في المملكة العربية السعودية. لأن لها نوع من الأهمية ينبغي أن يكون مقلقا بشدة لصانعي السياسات الأمريكيين في الشرق الأوسط.

ما تقوله هذه الهجمات هو أن الرياض لا تملك السيطرة المطمئنة على أرضها بالطريقة التي يريدها ويتمناها الأمريكيون. وإذا لم تتحكم العائلة المالكة في أراضيها على النحو الذي تريده وتتوقعه واشنطن، فما هي نقاط الضعف الأخرى التي تم إخفاؤها؟ وما هي نقاط الضعف الأخرى التي تظهر في المشهد؟

ولا يحب الأمريكيون التحدث عن المتاعب في المملكة العربية السعودية. وهذا لكونه يزعج الرياض، والسؤال الآن: إلى مدى سيكون ذلك؟ يفعل السعوديون ما فيه الكفاية من العمل القذر الأمريكي، ما يجعلها تطالب بمساحة لها في تصرفاتها. كذلم تفعل ممالك الخليج العربية التي تنتقد فقط في بعض الأحيان تصرفات الولايات المتحدة العسكرية، بينما تتواصل سرا مع إسرائيل حول المصالح المشتركة عند سكون واشنطن.

سيكون من الغباء القول إنه ليس أيضا بسبب النفط، ولكن في الحقيقة، هذا مجرد جزء من السياق، وليس حافزا للتعاون بعد الآن.

السبب الحقيقي هو أن ذلك يلقي كل الأساطير التي خلقتها الولايات المتحدة حول المملكة الاستبدادية المفضلة لها إلى بحر من الشك والارتياب. وتدير العائلة المالكة حكومة استبدادية بالفعل. كما تنتهك حقوق مواطنيها. وهناك تمييز ضد المرأة. ولا تحمي الأقليات لديها. وتقطع الرؤوس. وتخفي قسرا. ولكن، الأمر يبدو هادئًا هناك ولا تذمر قوي. وكلما كانت المملكة هادئة كلما ساعدوا «أوباما» وإدارته على فعل شيء مهم واحد على وجه الخصوص؛ وهو إبقاء إيران تحت السيطرة.

وفي الواقع؛ فإن أحد وجهات النظر الأمريكية بشأن قوة الرياض التي لا نهاية لها تغذي اعتقادا أمريكيا خياليا آخر من شأنه أن طهران لن تجرؤ على مخالفة صفقة مع الولايات المتحدة. هذه الحجة الحالية القادمة من بعض الأوساط أن طهران يمكنها الوفاء بما يوصل إلى اتفاق نووي هي في جزء منها مبنية على ذاك الاعتقاد الذي يقول إن السعودية تتسبب في تهديد حقيقي وقائم لإيران من شأنه ألا يجعل «آية الله» يفعل أي شيء لزعزعة الاستقرار أيضا.

وفي الواقع؛ فإن هذين البلدين مرتبطان بشدة لدرجة أن من يتحدث دائما عن المؤامرة يرون أنف إيران في التفجيرات الانتحارية للدولة الإسلامية في الدمام و القديح. وهذا مثير للاهتمام؛ ولكن حتى واحد من المنتقدين لإيران بحماسة في واشنطن وصفوا ذلك بأنه «درب من العته».

ومع ذلك؛ فإن هذه المرحلة السعودية الجديدة من خطة معركة «الدولة الإسلامية» تهدد بتحطيم الوهم المتعلق بالعملاق السعودي. وهذا مرعب؛ لأنه من دون تهديد سعودي حقيقي قائم لإيران، فإن التفتيش المنتظر على طهران سوف يتحول إلى جواسيس إسرائيليين وقنابل أمريكية.

لسبب أو لآخر، تحتاج واشنطن إلى الالتفات إلى ما يحدث الآن في المملكة العربية السعودية.

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية السعودية الاتفاق النووي تفجيرات القديح

فيديو: 4 قتلي في انفجار سيارة قرب مسجد شيعي بمدينة الدمام شرقي السعودية

«تفجير القطيف» يكشف فشل السعودية في كبح التوترات الطائفية

«ستراتفور»: تفجير القديح يهز الأمن السعودي ويهدد بنشوب صراع طائفي

ما الذي تهدف إليه «الدولة الإسلامية» من هجماتها داخل السعودية؟

«ذي إيكونوميست»: حمى إراقة الدماء تنتقل إلى المملكة الهادئة