غلاس.. خوارق قدرات البشر تتحدى أوهام العلم

الأحد 5 مايو 2019 12:05 م

كواحد من أكثر الأفلام تخييبا للآمال وإهدارا للتوقعات برأي نقاد.. وجمعا للأموال أيضا في آن واحد وفقا للإحصاءات، طرحت شركة الإنتاج الشهيرة Universal Pictures فيلمها الجديد Glass أوائل عام 2019 كجزء ثالث لفيلمي  Unbreakable الذي صدر عام 2000 وفيلم Split الذي صدر في 2016.

ربما جاء تخييب الآمال من التوقعات المرتفعة إزاء مستوى الفيلم، فالفيلم توفرت له عناصر نجاح خارقة، أبرزها أنه من إخراج المميز "إم. نايت شيامالان"، ومن بطولة كل من "جيمس مكافوي"  و"بروس ويلس" و"صامويل جاكسون".

أحد أسباب التوقعات المرتفعة أيضا هو أن الفيلم جاء بعد نجاح كبير حققه الفيلمان السابقان (دون معرفة أي ترابط بينهما) Unbreakable الذي صدر عام 2000 وفيلم Split الذي صدر في 2016.

بداية أسطورية.. وتنفيذ مخيب

لكن الأهم هو بداية الفيلم الأسطورية التي نجحت باقتدار في ربط أحداث الفيلمين السابقين بسلاسة واقتدار، وبدا الجمهور بعد نحو 20 دقيقة من الفيلم على أهبة الاستعداد لمشاهدة فيلم أسطوري.. لكن كل هذه الأحلام تبخرت، وهو ما تسبب في ردة فعل نفسية شديدة إزاء الفيلم الذي لم يكن بذلك السوء.

أسوأ ما في الفيلم هو بنية الفيلم الدرامية واهتمامه بالجانب العاطفي، وكذلك قفزاته على بعض الأحداث التي بدت غير منطقية.

لكن الأداء التمثيلي لأبطاله، (خاصة "جيمس مكافوي" و"صامويل جاكسون") أنقذ (أو حاول) خروقات الفيلم الكبيرة.

تبدأ أحداث الفيلم بعد 3 أسابيع من فيلم "سبليت" ونحو 16 عاما من فيلم "أن بريك آبل"، عندما يبدأ "بروس ويلز" (كيفين دن) في تعقب "The Horde" أو "جيمس ماكافوي" بعد أن سمع بجرائمه.. ليستعرض الفيلم سريعا تطورات الشخصيات الرئيسية ويمزج بينها في اقتدار.

مرضى نفسيون

هكذا يجد "دن" و"ذا هورد" و"غلاس" أنفسهم في مصحة بعدما جرى القبض على ثلاثتهم، في محاولة لإقناعهم علميا بأنهم ليسوا ذوي قدرات خارقة، وأنها أوهام يمكن تفسيرها عن طريق العلم، وأن قدراتهم هذه ما هي إلا بنات تخيلاتهم، بينما هم في الحقيقة أناس عاديون مزجوا في عقولهم قدرات قرؤوها أو سمعوا عنها من أبطال المجلات الخارقين.

هكذا يقتنع "دن" أنه لم يكن يوما قابلا للكسر، وإنما نجاته من حادث القطار، وبعض الذكاء في تحليل المواقف أوهماه بأنه قوي يقرأ العقول، ويبدأ "ذا هورد" يقتنع أن قواه لم تكن إلا مصادفات لقضبان صدئة وأوهام عابرة.

ونتيجة لذلك، يبدأ أبطالنا يبدون مشوشين، أقل من عاديين، كأشخاص مرضى نفسيين سولت لهم أوهامهم أنهم كانوا أبطالا خارقين، بينما هم في حاجة للمساعدة والعلاج.

لكن "صامويل جاكسون" أو "إلايجا" الشهير بـ"غلاس" كانت له قراءة معاكسة، وهي أن أبطال المجلات الخارقين لم يكونوا إلا انعكاسا لشخصيات حقيقية عاشت بيننا، وأنه إذا آمن الناس بقدراتهم فإننا سنجد أشخاصا خارقين أكثر لم يكونوا يعرفون عن قدراتهم شيئا.

هنا تظهر براعة أو موهبة "غلاس"، فـ"إلايجا" يعيد الإيمان لأبطالنا في قدراتهم، بل يستخدم إمكانات المشفى في إثبات وتوثيق القدرات الخارقة لكل من "دن" و"ذا هورد"، ويضحي بهما وبنفسه في إثبات أوهام العلم بعدم وجود أبطال خارقين.

تعترف الطبيبة "أنيا تايلور جوي" قبيل مقتل الأبطال جميعا بأنها حاولت زعزعة ثقتهم في نفسهم، ليس لأنهم طيبون أو أشرار، ولكن لأنه إذا ظهر البطل الخارق فسيدفع ذلك آخرين للظهور.. إما أخيار أو أشرار، لذلك يجب أن يظل جميع الناس يعيشون بقدراتهم البشرية العادية لا يعلمون أي شيء عن قدراتهم التي لا يؤمنون بوجودها.

أرباح رغم الانتقادات

صدر الفيلم في 18 يناير/كانون الثاني 2019 ليحقق إجمالي أرباح 247 مليون دولار في جميع أنحاء العالم ، مقابل ميزانية إنتاج بقيمة 20 مليون دولار، ليصبح من أكثر 10 أفلام ربحا خلال العام.

لكن الكثير من النقاد اعتبروه رغم ذلك مخيبا للآمال، مشيرين إلى أن مقدمته الواعدة تغيرت بمجرد الدخول في مجريات القصة الجديدة، وتباطأت وتيرة الأحداث لتدفع المشاهدين للملل، بينما ذخرت نهاية الفيلم بقفزات سريعة تتجاوز المنطق.

وكعادة أعمال المخرج الشهير "إم. نايت شيامالان" في الأحداث المفاجئة عند النهاية، للوصول بالإثارة إلى أعلى مستوى، يأتي فيلم "غلاس" كذلك متضمنا أكثر من مفاجأة متميزة من حيث الفكرة، لكنها سيئة من حيث التنفيذ، برأي النقاد.

ويأتي سوء التنفيذ بسبب ضعف البناء الدرامي، ما جعل التمهيد لتلك المفاجأة مبتورا، وأخرج المفاجأة كأنها قفزة غير منطقية يصعب تقبلها.

أبطال.. أم أوهام

ورغم أن تمثيل أبطال الفيلم كان أهم عوامل التميز، فإنه لم يسلم من النقد أيضا، حيث إنهم رأوا أن تقديم "مكافوي" تقديم العديد من الشخصيات الكامنة في "كيفين" (ذا هورد)، بما في ذلك شخصيات لم يكن لها أي تأثير على سير الأحداث، جعله يبدو كاستعراض هزلي لقدرات تمثيلية خارج سياق الفيلم.

كما أن "بروس ويلز" (دن) لم يجد فرصته الملائمة لإظهار براعته، وخرج "جاكسون" (إلايجا) خاليا من مظاهر التطور أو الاختلاف عما قدمه في فيلم Unbreakable.

لكن تبقى أسطورة الفيلم في مناقشة حقيقة الأبطال الخارقين، ما بين أنهم مجرد أشخاص عاديين، استغلوا ظروفا أو أحداثا يمكن تفسيرها علميا ليظهروا كما لو كانوا خارقين متمثلين بأبطال الأفلام والمجلات.. أو أن الحقيقة أنهم أبطال بالفعل، وأن كثيرا منهم يعيشون بيننا ولا يعرفون عن قدراتهم شيئا، وأن عليهم أن يؤمنوا بها ويتخلوا عن أوهام المتعالمين الذين يخشون تطور القدارت.

ينتصر الفيلم إلى أن خيال الأفلام لم يكن إلا انعكاسا لأبطال خارقين عاشوا بيننا فعلا، وينجح العبقري "إلايجا" في خداع الطبيبة وبث مقاطع فيديو تثبت قدرات الأبطال، رغم موتهم جميعا.

أردت أن يؤمن الناس بقدراتهم.. لأن ذلك سيجعل آخرين مثلنا يظهرون.

 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية