لماذا يريد جون بولتون شن حرب ضد إيران؟

الثلاثاء 7 مايو 2019 06:05 ص

يقوم مستشار الأمن القومي "جون بولتون" -بمساعدة من رفيقه في وزارة الخارجية "مايك بومبيو"- ببذل قصارى جهده للتحريض على الحرب مع إيران عبر محاولة الضغط عليها للقيام بشيء غير مألوف. ولكن حتى الآن مارست إيران ضبطا ملحوظا في وجه العداء المتواصل والمتصاعد من إدارة "ترامب". ولا تزال إيران تمتثل لالتزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة ولم تعلن نيتها تجاوز بعض بنودها إلا مؤخرا وربطت ذلك بمدى نجاح جهود أوروبا في السماح بتصدير النفط الإيراني. غير أن "بولتون" يواصل البحث عن طرق أخرى للضغط.

وكانت أحدث خطوة في الحملة التصعيدية التي يقودهعا "بولتون" هي البيان الذي أصدره الأسبوع الماضي وقال إن الولايات المتحدة سترسل حاملة طائرات وقوة من القاذفات إلى الشرق الأوسط لتبعث بــ"رسالة واضحة لا لبس فيها" إلى إيران. وقال "بولتون" إن هذه الخطوة تعد استجابة "لعدد من المؤشرات والتحذيرات المقلقة والمتصاعدة".وإن "هدف النشر هو إرسال رسالة واضحة لا لبس فيها إلى النظام الإيراني مفادها أن أي هجوم من إيران ووكلائها على مصالح الولايات المتحدة أو على مصالح حلفائها سيقابل بقوة لا هوادة فيها". ولا يوجد ما يشير أن إيران مهتمة بمهاجمة المصالح الأمريكية أو مصالح حلفائها. وجاءت صياغة البيان امتدادا لعبارات الإدارة الغامضة "السلوك الخبيث، الشائن، والمزعزع للاستقرار لإيران" الذي لا تحدد الإدارة تفاصيله مطلقا.

ولا يبدو أن تحرك "بولتون" يأتي استجابة لأي تهديد إيراني محدد. ويشير تقرير واحد، مصدره مسؤولون إسرائيليون، إلى أن (إسرائيل) كانت منشأ المعلومات التي تحركت واشنطن على أساسها، لكن المعلومات "لم تكن محددة للغاية". وينقل تقرير لـ"رويترز" عن مسؤول أمريكي قوله إن نشر القوات الأمريكية، جاء بالنظر إلى التوترات العالية القائمة بالفعل بين واشنطن وطهران، ويأتي في سياق "ردع أي عمل محتمل". وقال المسؤول إن الولايات المتحدة لا تتوقع أي هجوم وشيك ولم يذكر أي أنشطة إيرانية محددة أثارت أي مخاوف جديدة. 

ودائما ما كان خطاب الإدارة حول السلوك الإيراني غير متسق. وعندما يريد "بومبيو" أو الرئيس "ترامب" أن يجادلوا بأن كل تلك العقوبات الأمريكية كانت ناجحة رغم أنها لم تقرب إيران من طاولة المفاوضات، فإنهم يدعون أنهم كبحوا السلوك الإيراني السيء في الشرق الأوسط. لكن عندما يريد "بولتون" تسخين حمى الحرب، فإنه يدعي أن السلوك الإيراني صار أسوأ من أي وقت مضى. في الواقع، لم تتغير طبيعة وتيرة النشاط الإقليمي الإيراني بشكل ملحوظ في العامين الأخيرين. ويقوم الإيرانيون بما يقومون به في المنطقة من أجل ما يعتبرونه أسبابا مهمة لأمنهم، ولا يزيدون هذا النشاط صعودا أو هبوطا استجابة لحالة اقتصاد بلادهم. وما يفعلونه الآن هو في الأساس نفس ما فعلوه منذ وقت طويل.

وتعد اللغة الواردة في بيان بولتون حول تحرك الولايات المتحدة لحماية مصالح "حلفائها" دعوة مفتوحة لمنافسي إيران الإقليميين لتوليد بعض الحوادث التي يمكن أن تشعل الحرب. وكما لاحظ وزير الدفاع السابق "روبرت غيتس" ذات مرة، فإن السعوديين "يريدون محاربة الإيرانيين حتى آخر أمريكي. ويمكن قول الأمر نفسه عن حكومة "بنيامين نتنياهو" في (إسرائيل)، الذي جعل العداء تجاه إيران سمة مميزة لرئاسته للوزراء للالهاء عن جميع الأشياء التي لا يفضل الحديث عنها. وستكون الحرب بين إيران والولايات المتحدة ستكون أفضل الهاء على الإطلاق.

وتعد فرص المنافسين الإقليميين لإيران لإشعال شرارة الحرب عديدة وسهلة التخيل، وسوف يستغل "بولتون" ذلك بدلا من أن يحجمه. ولن تتطلب حجة الحرب حتى حادثة مصنّعة، وبدلا من ذلك قد تنطوي على إعادة تعريف معنى "الوكيل الإيراني" أو "الحليف الأمريكي". ويشير "مارك دوبويتز" من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات وهي مؤسسة معادية لإيران أن الاقتتال مؤخرا في قطاع غزة هو طريقة إيرانية لصرف انتباه (إسرائيل) عن الخطط الإيرانية "لشن ضربات ضد الأصول والحلفاء الأمريكيين". وفي الحقيقة فإن القتال في غزة لا يتعلق بشيء سوى بالظروف السائدة في غزة نفسها والصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي لم يحل ولا علاقة له بإيران.

آثار الحرب

ربما سيكون من غير المجدي محاولة الدخول في ذهن "جون بولتون" لمعرفة سبب رغبته في حرب مع إيران. يكفي أن نلاحظ أن "بولتون" حتى يومنا هذا يؤكد أن حرب عام 2003 ضد العراق كانت خطوة جيدة. ومن المحتمل أنه يتوقع أن تؤدي الحرب مع إيران إلى تغيير النظام في إيران، لكنه يتجاهل احتمال أن تؤدي الحرب على الأقل إلى إحداث تأثير قومي حاشد مثلما حدث أثناء الحرب الإيرانية العراقية المدمرة، عندما كانت الجمهورية الإسلامية أكثر ضعفا مما هي عليه اليوم . كما أنه يتجاهل أن أي تغيير للنظام ربما ينتج عنه حكومة أكثر تشددا وأقل ديمقراطية مما تتمتع به إيران الآن.

ويتم التغاضي أيضا عن الآثار المدمرة الأخرى لهذه الحرب، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، التكاليف المادية والمالية المباشرة والآثار الاقتصادية الأوسع نطاقا، خاصة بالنظر إلى تعطل تجارة النفط الذي ستسببه الحرب في منطقة الخليج وحجم العداء تجاه الولايات المتحدة الذي سيتم زرعه بين الأجيال القادمة من الإيرانيين.

ويعد "بولتون" في وضع يسمح له بإنجاز الكثير من هذه الفوضى بنفسه بحكم منصبه كمستشار للأمن القومي وتفرده بصنع السياسات الأمنية للإدارة. ولكن الشخص الذي يجدر تبيهه لمخاطر كل هذا هو "ترامب" نفسه الذي يحتاج أن يدرك كيف يتلاعب "بولتون" به. وقام "ترامب" بالفعل بإقالة اثنين من مستشاري الأمن القومي السابقين، أحدهما، "مايكل فلين"، لسبب وجيه يتعلق بالعلاقة مع روسيا، والآخر "ماكماستر" لأن "ترامب" نفد صبره من فكرة وجود شخص "بالغ" يخبره بما يجب عليه فعله.

وكان تردد "ترامب" في وقت سابق في جلب "بولتون" لإدارته نابع من كرهه لشارب "بولتون". ومن المؤكد أن دفع الولايات المتحدة نحو حرب أخرى في الشرق الأوسط، من شأنها أن تلحق الضرر برئاسة "ترامب" وبالمصالح الأمريكية، هو سبب كاف لإبعاد "بولتون" عن مواقع السلطة في أقرب وقت ممكن.

المصدر | بول بيلار- لوب لوغ

  كلمات مفتاحية