مصر وإيران تتنافسان على التأثير في غزة

الأربعاء 8 مايو 2019 11:05 ص

في بداية شهر أبريل/نيسان، نقلت تقارير وسائل الإعلام العبرية عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين لم تذكر أسماءهم قولهم إن حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية المدعومة من إيران، التي تمتلك ترسانة صاروخية أكبر من ترسانة "حماس"، تخطط لشن هجوم كبير على أهداف إسرائيلية.

ويبدو أن الكشف عن هذه المعلومات قد حقق هدفه المتمثل في تثبيط مرتكبيه، ولم يحدث أي هجوم.

لكن حقيقة أن حركة "الجهاد الإسلامي" كانت تخطط لحادث تعني أنه كان من الممكن إرباك المحاولات المصرية لاستعادة الهدوء إلى قطاع غزة، وهو ما يشير إلى صراع أوسع يجري داخل غزة بين مصر وإيران.

ويبدو تضارب المصالح بين هاتين القوتين الإقليميتين واضحا، وترغب مصر في أن ترى غزة هادئة ومستقرة ومنعزلة عن شبكات العنف التابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" في سيناء، التي تهدد أيضا الأمن المصري؛ بينما ترى إيران غزة كقاعدة أخرى تستطيع من خلالها ممارسة نفوذها الراديكالي، وتهديد أمن (إسرائيل).

وتقوم إيران بتحويل 100 مليون دولار سنويا إلى الأجنحة العسكرية لـ"حماس" وحركة "الجهاد الإسلامي" معا، وفقا للتقديرات الإسرائيلية.

وأشار "بواز غانور"، المدير التنفيذي للمعهد الدولي لمكافحة الإرهاب في "هرتسليا"، إلى أنه مع توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، لم يكن للقاهرة مصلحة في استعادة غزة.

وقال "غانور" إن الرئيس المصري "أنور السادات" "فهم الطبيعة الإشكالية لهذه الأرض، وهي الأكثر ازدحاما في العالم، وتعاني من الفقر وصعوبة الحكم"؛ نتيجة لذلك، لم يطالب "السادات" بعودة الحكم المصري على غزة، على الرغم من سيطرة مصر على القطاع قبل حرب الأيام الـ6 عام 1967.

وأضاف "غانور": "ما فهمه السادات، يفهمه السيسي أيضا، ولكن بطريقة مختلفة"، ويفهم "السيسي" أن القطاع يحتوي على العديد من المخاطر لمصر، وترتبط "حماس" التي تسيطر على غزة بحركتها الأم، جماعة "الإخوان المسلمون"، التي تعد العدو الاستراتيجي لـ"السيسي".

ويدرك "السيسي" المحاولات الإيرانية للتسلل إلى غزة عبر "الجهاد الإسلامي"، وهو يشعر بالقلق إزاء نمو النفوذ الإيراني على الحدود الشمالية لمصر، بحسب ما قال "غانور".

ووفقا لـ"غانور"، هناك مصدر قلق آخر لـ"السيسي" وهو حقيقة أن تنظيم "الدولة الإسلامية" في سيناء مرتبط بعناصر سلفية جهادية أخرى في غزة.

وأدت كل هذه العوامل الأمنية والسياسية، وكذلك قلق مصر من احتمال نشوب صراع مسلح جديد بين (إسرائيل) و"حماس" على الحدود المصرية، إلى "نشاط مصري كبير للتدخل في ما يجري في القطاع"، وتؤيد (إسرائيل)، من جانبها، هذا التدخل.

وأشار "غانور" إلى أن إيران تحاول تحييد النفوذ المصري في غزة، بينما تسعى إلى تشديد علاقاتها مع حلفائها في القطاع، وتحاول طهران تحويل الأموال والأسلحة إلى غزة.

وقال "غانور": "إنها تسعى أيضا إلى تكليف وكلائها بتعطيل أي عملية قد تؤدي إلى الهدوء".

لكن علاقة طهران بـ"حماس" معقدة إلى حد ما، ووفقا لـ"غانور"، "يعد تأثير إيران على حماس كبيرا، لكن حماس أبعد عن أن تكون وكيلا لإيران، حيث تحافظ حماس على استقلالها، ولا تعتبر نفسها ملزمة بالمصالح الإيرانية".

الوكيل الإيراني في غزة

ويصف المحللون الإسرائيليون حركة "الجهاد الإسلامي" بأنها أشبه بـ"فرع إيراني في قطاع غزة".

ومع قيام إيران بتنظيم دورات تدريبية للحركة داخل الجمهورية الإسلامية، تعد حركة "الجهاد الإسلامي" وكيلا صريحا لإيران، على عكس "حماس"، التي لديها علاقات مع إيران، لكن لديها أجندتها الخاصة الأكثر استقلالية.

وتعتبر مصر الأكثر عرضة للخطر من ناحية غزة، التي تعد بابها الخلفي،  حيث "يؤثر كل ما يحدث في سيناء بشكل مباشر على مصر"، وفي الوقت نفسه، تبقى إيران بعيدة، لكنها تحاول تفعيل نفوذها في خدمة مصالحها.

وتتلخص استراتيجية إيران في قطاغ غزة في القاعدة التالية: "كلما زاد نزيف (إسرائيل) داخل حدودها، قلت قدرتها على مواجهة إيران بشكل مباشر".

لذا يعد تسليح المنظمات والوكلاء عنصرا أساسيا في العقيدة الإيرانية، ويتعلق الأمر بالحرب غير المتكافئة، وأصبحت غزة ولبنان وسوريا جزءا من عقيدة الحرب غير المتكافئة في إيران.

واستخدمت "الجهاد الإسلامي" بنادق قنص إيرانية الصنع لإطلاق النار على الجنود الإسرائيليين، وتصنع الحركة الصواريخ باستخدام الخبرة والمعرفة الإيرانية.

وفي حين أن إيران لديها القدرة على تحكريك حركة "الجهاد الإسلامي" لتعطيل جهود الوساطة المصرية، أو إشعال صراع جديد، تواجه الحركة ضغوطا من "حماس"، التي يمكنها فرض إرادتها عليها، بما في ذلك باستخدام القوة بحكم سيطرة "حماس" على قطاع غزة.

المصدر | ياكوف لابين - مركز بيجن السادات للدراسات الاستراتيجية

  كلمات مفتاحية