مستقبل النفوذ الصيني في السودان ما بعد البشير

الأربعاء 8 مايو 2019 02:05 م

بدأت العلاقات الدبلوماسية بين الصين والسودان في يناير/كانون الثاني 1959. وفي العقود الأولى من العلاقة، ركزت الدولتان في المقام الأول على شراكتهما عدم الانحياز، وليس على التعاون في مجالات أخرى، مثل الطاقة والتجارة.

ولكن مع تطور الصين أكثر فأكثر، وزيادة عزلة السودان بسبب العقوبات الأمريكية، توسع وجود بكين في الدولة الأفريقية بشكل كبير. وبين عامي 2000 و2011، تم البدء في نحو 65 مشروعا للبنية التحتية الصينية في السودان، بما في ذلك بناء القصر الرئاسي، وبناء خطوط السكك الحديدية بين الخرطوم وبورت سودان، وإنشاء محطات توليد الكهرباء، وتحديث شبكة الكهرباء المحلية.

وتعد الصين المصدر الرئيسي للواردات للسودان، حيث تبلغ حصتها في السوق 24%، أي أكثر من ضعف حصة الإمارات. علاوة على ذلك، كانت الصين واحدة من عدد قليل جدا من الدول التي زودت نظام "البشير" بالأسلحة. ووفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، كانت الصين في عام 2018 هي الدولة الوحيدة التي نقلت أسلحة إلى الجيش السوداني.

وليس من الصعب فهم أسباب اهتمام بكين بالسودان. حيث يقع السودان على طريق تجاري حيوي بين آسيا وأوروبا وأفريقيا. ويعد موقعه من الأمور الأساسية لنجاح مبادرة "الحزام والطريق".

وتركز بكين بدرجة كبيرة على الحفاظ على الاستقرار، وتفضل التعاون مع الدول دون استخدام القوة العسكرية أو التدخل السياسي المباشر. ويهدد عدم الاستقرار في السودان الصين بقدر ما يعطل قدرة بكين على توسيع وجودها في هذا البلد الأفريقي. ويخشى المسؤولون الصينيون من أن يؤدي عدم الاستقرار المحلي إلى إلحاق الضرر بالشركات الصينية العاملة داخل السودان، وقد تتأثر التجارة أيضا بعدم الاستقرار وعدم اليقين. ويقلق الصينيون للغاية بشأن فقدان السيطرة على هذه الدولة الأفريقية، لأنها تشكل ركيزة أساسية لخططهم بعيدة المدى.

وفي بداية المظاهرات ضد نظام "البشير"، امتنعت بكين عن التعليق، رغم أنه من المعقول افتراض أنها تابعت التطورات بعناية. وبعد الإطاحة بالرئيس، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية "لو كانغ": "بغض النظر عن كيفية تغير الوضع، ستظل الصين ملتزمة بالحفاظ على العلاقات الودية والتعاون مع السودان وتطوير تلك العلاقات". ويعرف الكثيرون حقيقة أن الصينيين تعاونوا مباشرة مع "البشير". ولأعوام، لم يقف إلى جانبه سوى الصينيون، لكن لا ينبغي أن تكون استجابتهم مفاجئة، لأن هذه هي طريقة عملهم القياسية في مثل هذه الحالات. فولاء بكين الرئيسي هو لمصالحها الخاصة، وقد نصحت الصحافة الصينية، التي تعبر غالبا بلسان حال النظام، جميع الأطراف بالحفاظ على الاستقرار، وتجنب الأعمال التي قد تعرقله، ودعت المجتمع الدولي إلى عدم التدخل.

وبناء على سابقة استجابة الصين للانتفاضات المماثلة في العالم العربي عام 2011، يمكن توقع من ستقرر بكين دعمه في السودان. وسوف يذهب الدعم الصيني إلى الجهة التي ستكون قادرة على استعادة الاستقرار وحماية المصالح الصينية. وتعزز أحداث العام الماضي في زيمبابوي هذا الافتراض حيث امتنعت الصين عن التدخل، وتم الحفاظ على الشراكة طويلة الأجل بين زيمبابوي والصين. ومن غير المحتمل أن يتخذ الصينيون أي خطوات مهمة في السودان، مثل إرسال المساعدة إلى أي من الجانبين، على الأقل بشكل علني، كما أنه من غير المحتمل أن يقدموا الدعم الشخصي لأي مرشح معين للقيادة.

وفي التحليل النهائي، ليس للسودانيين أي بديل عن الصين، ويفهم الطرفان ذلك. وسيتعين على أي زعيم سوداني أن يحافظ على تعاونه مع بكين، وربما محاولة توسيعه من أجل تعزيز نظامه، شريطة ألا يتدخل الغرب ويدعم زعيما مواليا للغرب ومعاديا له. ويمكن للصراع بين الولايات المتحدة والصين بشأن القضايا التجارية أن يدفع الجانبين لمحاولة إثبات تفوقهما من خلال محاولة حل الأزمة السودانية من أجل تعزيز وتوسيع نفوذهما الدولي.

المصدر | روي يلينيك - مركز بيجن السادات للدراسات الاستراتيجية

  كلمات مفتاحية

السودان: علاقتنا العسكرية مع الصين استراتيجية وتتجه نحو الأفضل

بلد عربي يسعى لصفقة مع الصين تمنحه لقب "أقوى سرب أفريقي"