لماذا تهدد إيران باستئناف برنامجها النووي؟

الخميس 9 مايو 2019 03:05 م

أعلنت إيران، مؤخرا، أنها ستمنح فرنسا وألمانيا وروسيا والصين والمملكة المتحدة 60 يوما للوفاء بالالتزامات المتفق عليها للصفقة النووية الإيرانية، مع التركيز بشكل خاص على الأعمال المصرفية وقطاعات النفط.

وإذا فشلت هذه الدول في الوفاء بالتزاماتها، قالت طهران إنها ستوقف التقيد ببعض بنود الاتفاق على تخصيب اليورانيوم وعلى أنشطتها في مفاعل أراك للمياه الثقيلة، بما يشمل حظر إنتاج البلوتونيوم المستخدم في صنع الأسلحة، كما صرحت إيران بأنها مستعدة لاستئناف التزاماتها إذا تم تلبية مطالبها.

بعبارة أخرى، قد تعيد إيران تشغيل برنامجها الأسلحة النووية خلال شهرين، وهي عملية تعتقد المخابرات الإسرائيلية أنها ستستغرق عامين تقريبا للوصول للقنبلة.

في هذه المرحلة، تعتقد إيران أنه ليس لديها خيار آخر، لقد دخلت في الاتفاق بحسن نية، واحترمت جميع التزاماتها وفق تأكيدات وكالة الطاقة الذرية، حتى إن إيران حافظت على التزامها بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق العام الماضي وفرض عقوبات جديدة.

وكانت الحكومة في طهران تأمل أن يتمسك المشاركون الآخرون في الاتفاق بالصفقة، مما يسمح للاقتصاد الإيراني بالانتعاش ولو جزئيا فقط.

لكن الولايات المتحدة جعلت هذا الأمر صعبا أيضا من خلال التهديد بفرض عقوبات على أي دولة تتعامل مع إيران.

وفي 22 أبريل/نيسان، قالت واشنطن إنها ستعلق الإعفاءات للدول التي لا تزال تستورد النفط الإيراني. ويبدو أن فرنسا قررت أن تحذو حذوها، إلى حد تهديدها بفرض عقوبات من تلقاء نفسها إذا لم توافق إيران على الحد من برنامج الصواريخ البالستية.

واجهت الحكومة الإيرانية مخاطر سياسية كبيرة عندما وقعت على الاتفاق النووي. ووافقت الحكومة الإيرانية بقيادة الرئيس "حسن روحاني" على وضع قيود على برنامجها للأسلحة النووية حتى تتمكن من بيع النفط الإيراني دون قيود في الأسواق العالمية وتشجيع الاستثمار الأجنبي. 

وبالنسبة للحكومة التي يقودها "روحاني"، كان تأمين هذا الاستثمار أمرا بالغ الأهمية، ليس فقط لتحسين الاقتصاد الإيراني ولكن أيضا لكبح قوة وتأثير الحرس الثوري الإيراني، الذي يسيطر الآن على ما بين 20 و 60% من الاقتصاد الإيراني.

ولكن بعد أربع سنوات، أصبح الاقتصاد الإيراني في حالة يرثى لها، وخصوم "روحاني" الآن لديهم كل الذخيرة السياسية التي يحتاجون إليها للتحرك ضده.

لم تعد إيران قادرة على تحمل أن تكون البلد الوحيد الذي يلعب وفقا لقواعد الاتفاق النووي. وكان قرار "روحاني" بمتابعة الاتفاق محفوف بالمخاطر حتى مع الفوائد الاقتصادية التي كان من المفترض أن تصاحبه، ولكن الحفاظ على امتثال إيران للاتفاق دون أي من هذه الفوائد سيكون انتحارا سياسيًا.

وفي هذه المرحلة، يتعلق الإنذار الأخير لإيران بالحفاظ على الصورة العالمية للبلاد أكثر من تغيير سلوك المشاركين الآخرين فيه.

وستتمكن إيران على الأقل من القول إنها حافظت على وعودها حتى النهاية، وهي نقطة قد تكون مفيدة في أي مفاوضات مستقبلية تدخل فيها.

من جانبها، أوضحت الولايات المتحدة أن العقوبات ستطبق على أي بلد يتعامل مع إيران اقتصاديا، وبالنسبة للمشاركين في الاتفاق - بما يشمل الصين أحد أهم مشتري النفط الإيرانيين - فإن التعامل مع إيران لا يستحق هذه المخاطرة بكل بساطة. (زعمت المملكة العربية السعودية أنها ستوفر إمدادات إضافية لعملاء إيران السابقين، وقد يكون لديها ما بين 2.0 و 2.5 مليون برميل يوميا من الطاقة الاحتياطية).

ولا يوجد طرف في الاتفاق النووي يوافق على ما تفعله الولايات المتحدة، لكن لا يوجد أي طرف منهم قوي بما يكفي لفعل أي شيء لوقفه، ولا يبدو أن هناك أي طرف على استعداد لتحدي الولايات المتحدة.

وفي هذا السياق، يبدو أن حجة الحرس الثوري الإيراني أن الردع النووي ضروري للأمن القومي لإيران أثببت صحتها.

وحتى إدارة "روحاني" باتت تحمل آمالا في أن يولد برنامج الأسلحة النووية بعض النفوذ التفاوضي اللازم لجعل الولايات المتحدة تتعامل مع إيران على أساس أكثر براغماتية.

ولكن في اللحظة التي دخلت فيها إيران إلى الاتفاق فإنها فقدت فعلياً نفوذها التفاوضي مع الولايات المتحدة. وتعتقد إيران الآن أن برنامج الأسلحة النووية هو ما جلب الحكومة الأمريكية إلى طاولة المفاوضات؛ وربما سيأتي بها إلى الطاولة مرة أخرى.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار مقاربة واشنطن الأخيرة تجاه كوريا الشمالية ومسارعتها للتفاوض معها بعد أن بدأت في اختبار الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، فإن ورقة البرنامج النووي تعد تكتيكا معقولا لاستخدامه.

لكن المشكلة بالنسبة إلى إيران هي هي أنه ليس لديها تكتيكات أخرى متبقية.

وقد خرقت الولايات المتحدة الاتفاقيات وطبقت عقوبات جديدة، والآن قامت بنشر حاملة طائرات ومقاتلات هجومية في المنطقة.

يتعين على إيران أن تبحث عن التوازن بطريقة ما، ولكن التهديد باستئناف برنامج الأسلحة النووية هو كل ما لديها.

المصدر | جيوبوليتيكال فيوتشر

  كلمات مفتاحية