السودان والجزائر.. انتفاضة الربيع العربي في مواجهة الثورة المضادة

الاثنين 13 مايو 2019 06:05 ص

يصمم المحتجون في الجزائر والسودان على منع تكرار تجربة مصر، حيث قام ضابط عسكري مدعوم من الإمارات والسعودية بالسيطرة على إنجازات ثورة شعبية لتثبيت ديكتاتورية وحشية. وهم لا يريدون أيضا تكرار تجربة اليمن وليبيا وسوريا، التي عانت من حروب أهلية تفاقمت بسبب تدخل القوى الأجنبية.

أما في ليبيا، يأمل المشير "خليفة حفتر"، أمير الحرب الذي تدعمه الإمارات ومصر، أن ينهي هجومه على طرابلس -عاصمة ومقر الحكومة المعترف بها في الأمم المتحدة- النزاع عسكريًا أو على الأقل يعطيه نفوذا إضافيا في محادثات السلام.

وفي جميع الدول الثلاث، سعت السعودية والإمارات - الدولتان الخليجيتان الأكثر تصميمًا على الحفاظ على البنية الاستبدادية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بأي ثمن - إما لتعزيز بقاء الجيوش كقوة سياسية حاسمة أو دعم صعود القوى التي تناسب أجنداتهما.

وتعهدت الرياض وأبوظبي مؤخراً بتقديم حزمة مساعدات بقيمة 3 مليارات دولار للسودان، بما في ذلك وديعة نقدية بقيمة 500 مليون دولار وتحويلات من المواد الغذائية والوقود والأدوية الرخيصة.

وساهمت حزمة المساعدات الخليجية في تعميق الانقسامات بين المعارضة، التي تعهدت بمواصلة الاحتجاجات في الشوارع حتى يتم تحقيق حكم مدني كامل. وتستمر التظاهرات في السودان على الرغم من الإطاحة بالرئيس "عمر البشير"، واستقالة كبار الضباط العسكريين، بمن فيهم رئيس المخابرات، واعتقال إخوة "البشير".

في حين طالب بعض السودانيين المجلس العسكري برفض المساعدات الخليجية، سافرت مجموعات معارضة أخرى، بما في ذلك العديد من الفصائل المسلحة، إلى أبوظبي لمناقشة اقتراح تدعمه الإمارات والسعودية لإنشاء مجلس انتقالي بقيادة الجيش يضم مدنيين.

ويأمل السعوديون والإماراتيون أيضًا أن يلعب "طه عثمان الحسين"، الذي كان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه واحد من أكثر الأشخاص نفوذاً في الدائرة الداخلية لـ"البشير"، دورًا رئيسيًا في الحفاظ على موقع الجيش في المعادلة.

وعاد "طه عثمان" إلى الخرطوم الشهر الماضي بعد عامين قضاهما في المنفى في السعودية، حيث عمل مستشارًا للشؤون الأفريقية في السعودية بعد إقالته في عام 2017 للاشتباه في علاقته بالمخابرات السعودية.

علاوة على ذلك، قام قائد قوات الدعم السريع الجنرال "محمد حمدان دوجلو" (المعروف باسم حميدتي) بتطوير علاقات وثيقة مع دول الخليج مستغلا دوره كقائد للميليشيات السعودية التي تقاتل في اليمن لدعم التحالف السعودي الإماراتي.

وكان "حميدتي" قائدا للميليشيات العربية المتهمة بالإبادة الجماعية في دارفور، ويصفه المسؤولون الغربيون سرا بأنه "السيسي المحتمل للسودان".

وقال دبلوماسيون غربيون إن طموحات "حميدتي" تضمن عمليا أن الجيش لن يسلم السلطة بالكامل في أي عملية انتقال يتم التفاوض عليها.

ويقول دبلوماسيون غربيون إن السعودية والإمارات العربية ضغطتا على قائد المجلس العسكري السوداني الجنرال "عبد الفتاح البرهان" لعدم مقابلة وزير الخارجية القطري "محمد بن عبد الرحمن آل ثاني" بعد أيام من استقبال وفد سعودي إماراتي. وقال السودان منذ ذلك الحين إنه يعمل على إعداد ترتيبات لزيارة قطر.

وفي ليبيا، أدى هجوم الجنرال "خليفة حفتر" إلى إرجاء مؤتمر سلام برعاية الأمم المتحدة كان من المتوقع أن يتم الاتفاق خلاله حول الانتخابات وتقاسم السلطة.

ويتهم "حفتر"، مثل مؤيديه الإقليميين الإمارات ومصر والسعودية، حكومة طرابلس بأنها مسيطر عليها من قبل الإسلاميين.

وفي زيارة إلى السعودية قبل أيام من شن هجومه على طرابلس، حصل "حفتر" على وعود بملايين الدولارات في محادثات مع الملك السعودي "سلمان بن عبدالعزيز" وابنه القوي، ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، في تحد لحظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا.

وتُعد المعركة في ليبيا بمثابة تحذير للمحتجين في السودان والجزائر حول نوايا السعودية والإمارات ومصر تجاه التغييرات الجماهيرية.

مع عدم وجود انتصار سريع في الأفق في معركة طرابلس، تخاطر ليبيا بجولة أخرى من الحرب المطولة التي يمكن أن تتفاقم بسبب الصراعات بالوكالة.

ومع تطور المعركة في طرابلس، تبدو ليبيا كمثال حي لما هو على المحك في الجزائر والسودان. ويأمل المحتجون في البلدين اليوم أنه لا تزال هناك فرصة لهم لتفادي مصير ليبيا، أو سوريا واليمن.

المصدر | مركز بيغن - السادات للدراسات

  كلمات مفتاحية