انضمت العراقية "نجلاء عبدالرحمن" لمجموعة من نساء الموصل العاملات في خط إنتاج بقاعة في مبنى مصنع تهدم أغلبه، حيث يحاولن حياكة ملابس مقابل رواتب ضئيلة.

واضطرت "نجلاء"، وهي أُم لثلاثة أطفال وأرملة منذ مقتل زوجها في الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في الآونة الأخيرة، للخروج من الموصل بعد أن فقدت بيتها، وهي تنفق حاليا نصف الراتب الذي تحصل عليه من عملها في المصنع على المواصلات.

وقالت "نجلاء عبدالرحمن" وفقا "الجزيرة.نت" نقلا عن وكالة "رويترز"، إن زوجها قُتل في المعارك مع تنظيم "الدولة الإسلامية"، ما اضطرها للعمل للحصول على قوت لأسرتها.

وبعد عامين على معركة الموصل وجدت "نجلاء"، مثل كثيرات من زميلاتها في العمل، نفسها العائل الوحيد لأسرتها.

"لا تسد الرمق"

ويقول مدير المصنع، "ناظم رمضان سلطان" الذي يعمل فيه منذ 20 عاما، لذات الموقع، إن "الرواتب التي تقدم للعاملات به لا تكفي لتغطية نفقات أسرهن".

وأضاف أن أغلب العاملين هُدّمت بيوتهم أو تضررت، ومنهم من فقد شخصا عزيزا عليه نتيجة أعمال إرهابية، وهم محتاجون للعمل برواتب ضئيلة لا تسد أحيانا الرمق.

وقالت امرأة أخرى تعمل في المعمل تدعى "رفعت جمعة صالح"، إنها لا تتقاضى إلا 150 ألف دينار عراقي (نحو 125 دولارا أمريكيا) وهي لا تكفي لمصاريف البيت والمدارس وغيرها من الحاجات الأساسية.

ورغم أن معظم المصنع قد دُمر في المعركة، فإن المنظمة الدولية للهجرة تمكنت من ترميم أجزاء منه، ما سمح لنحو 150 شخصا بالعودة لوظائفهم، وهم عدد قليل من 1020 موظفا كانوا يعملون أصلا في المصنع.

وينتج المصنع، الذي تأسس عام 1938 و80% من العاملين فيه من نساء الموصل، حاليا ملابس ومواد أخرى تحتاجها مستشفيات وزارة الصحة.

ويشكو كثير من الموظفين من أن الراتب لا يكفي لسد احتياجاتهم مع معاناة معظم سكان الموصل ماليا.

وتلفت "الجزيرة" إلى أن الأسر التي تُجبر على بناء منازلها الخاصة تتعرض للديون، وتقترض من الأصدقاء وتعيش على مساعدات هيئات خيرية، فيما يُحشر آخرون في منازل مستأجرة بإيجارات مرتفعة.

إلى ذلك أيضا، تتعرض المشاريع الممولة من الخارج لتأخيرات.

إعادة البناء

ويقول مديرو المصنع إنهم يعملون بجد لمواصلة إعادة بناء ورشهم والعودة للإنتاج بكامل طاقتهم.

ويقولون إن منظمات مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ملتزمة أيضا بالمساعدة في إعادة البناء.

ويقول اثنان من نواب الموصل إن ميزانية الدولة لعام 2019 توفر مبلغ 560 مليون دولار لإعادة إعمار المدينة.

وقال مستشار للأمم المتحدة في المدينة، إن التكلفة التقديرية لأعمال إعادة البناء لسنة واحدة تبلغ 1.8 مليار دولار.

وتظهر دراسة مسحية لمنظمة غير حكومية تسمى "ريتش"، أنه لا يزال نحو مليوني عراقي يعانون من التشرد بسبب الحرب ضد تنظيم الدولة.

ويقول كثيرون إنهم غير مستعدين للعودة لديارهم بسبب الدمار ونقص الخدمات.