لوب لوج: طموحات الإمارات في سقطرى تقوض تحالفها مع السعودية

الأربعاء 15 مايو 2019 01:05 م

طوال الحرب في اليمن، كانت حكومة الرئيس "عبدربه منصور هادي" ودولة الإمارات العربية المتحدة حليفين على الورق.

ومع ذلك، كانت العلاقات بين الاثنين متوترة على أقل تقدير، بسبب الرؤى المتضاربة حول مستقبل اليمن بمجرد استقرار غبار الحرب.

وتدعم الإمارات الانفصاليين الجنوبيين في اليمن، الذين يهددون الوحدة بين الشمال والجنوب القائمة منذ عام 1990، والتي يسعى "هادي" إلى الحفاظ عليها.

وكانت هناك اشتباكات بين الانفصاليين الجنوبيين والقوات الحكومية اليمنية، بالإضافة إلى ذلك، تعاون "هادي" أيضا مع فرع "جماعة الإخوان المسلمين" المحلي، وهو "حزب الإصلاح"، الذي تعتبره أبوظبي منظمة إرهابية وسعت إلى مواجهته بطرق مختلفة، بما في ذلك حملات الاغتيال المستهدفة.

وتعد محافظة سقطرى "الأرخبيل اليمني"، ذات الكثافة السكانية المنخفضة، التي تتكون من 4 جزر مع حياة نباتية فريدة جعلت منها موقعا للتراث الطبيعي العالمي وفق منظمة "اليونسكو"، تعد نقطة تجاذب جيوسياسي بين حكومة اليمن المعترف بها في الأمم المتحدة وأبوظبي.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أدانت إدارة "هادي" الإماراتيين لإرسالهم نحو 100 من الانفصاليين اليمنيين المسلحين إلى "سقطرى" من عدن التي تسيطر عليها الإمارات، وردا على ذلك، وصف وزير الخارجية الإماراتي "أنور قرقاش" الاتهام بأنه "أخبار مزيفة".

وكانت السيادة على "سقطرى" نقطة نزاع بين الطرفين من قبل، وفي العام الماضي، نشرت الإمارات دبابات وقوات إلى "حديبو" عاصمة سقطرى والميناء الرئيسي بها، بينما كان رئيس وزراء اليمن آنذاك "أحمد عبيد بن دغر" يقوم بزيارة إلى "الأرخبيل".

وأدان "بن دغر" تحرك أبوظبي وطالب الجمهور اليمني بالتعبير عن معارضته له أيضا، وردا على ذلك، نظم المواطنون تجمعات على البر الرئيسي في اليمن مطالبين بتأكيد السيادة اليمنية على سقطرى في مواجهة محاولات الإمارات المتصورة لاستعمار الجزر.

وأحالت حكومة "هادي" هذه القضية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ونتيجة لذلك، اضطرت أبوظبي إلى التراجع وإعلان اعترافها بالأرخبيل كإقليم يمني ذي سيادة.

ولإحباط تصاعد التوتر بين قوات الحكومة اليمنية والإماراتيين، نشرت المملكة العربية السعودية قواتها في سقطرى، وغادرت القوات الإماراتية.

وعلى الرغم من أن هذا منع اندلاع العنف، لكن تلك التسوية كانت هشة، وفي الواقع، منذ ذلك الإجراء، بقيت القوات الإماراتية في سقطرى بصفتها أعضاء في التحالف الذي تقوده السعودية.

ووفقا لبعض المصادر، تحتفظ الإمارات بالسيطرة على الميناء والمطار الرئيسي في سقطرى.

الجيوسياسية الإقليمية

وعلى الرغم من أن سقطرى تمكنت حتى الآن من تجنب الفوضى العنيفة التي ابتلي بها معظم أراضي اليمن منذ عام 2014، لكنها لا تزال مصدر خلاف بين القوى المختلفة التي تكافح لتأكيد نفوذها على الجزر.

ويوضح التصعيد الأخير للإماراتيين حول سقطرى كيف أن الأزمة السياسية في اليمن هي محرك آخر للانقسام العميق داخل مجلس التعاون الخليجي المشلول بالفعل.

وليس الأمر فقط أن الإماراتيين والسعوديين لا يوافقون على الحياد الذي تمارسه سلطنة عمان في حرب التحالف العربي ضد المتمردين الحوثيين، ولكن رؤية الإمارات لسقطرى، وغيرها من الأراضي في جنوب اليمن، تتسبب في تحفيز التوترات أيضا بين أبوظبي والرياض.

وفي هذا الصدد، تتفق إدارة "هادي" والمملكة على ضرورة الحفاظ على الوحدة بين الشمال والجنوب، الأمر الذي يتعارض مع أجندة الانفصاليين الجنوبيين الذين ترعاهم أبوظبي.

وحرضت قضية سقطرى اليمنيين ضد بعضهم البعض، وعلى الرغم من أن "هادي" واجه مشاكل مع حكام سقطرى السابقين، الذين رحبوا بفكرة الشراكة مع الإمارات، لكن حاكم سقطرى الحالي، "رمزي محروس"، يشارك "هادي" المعارضة القوية لتشكيل ودعم الإمارات للجماعات المسلحة في الجزر.

وعلى الرغم من أن "محروس" قد تعهد بمواجهة الإماراتيين في سقطرى، لكنه ليس من الواضح ما الذي سيترتب على ذلك.

ويحاول المسؤولون حول "هادي" حاليا إقناع الإمارات بالتركيز على محاربة المتمردين الحوثيين، بدلا من احتلال أو ضم الأرخبيل، حيث لا يوجد هناك وجود حوثي أو تهديد متصور.

ولم يتدخل السعوديون هذه المرة لمنع أي تصعيد للتوترات بين أبوظبي وإدارة "هادي"، ولم تتدخل أنقرة أيضا لإدانة "أبوظبي" حتى الآن، على الرغم من أن التنافس بين تركيا والإمارات آخذ في التزايد.

مقاومة سلوك الإمارات "التوسعي"

وفي مايو/أيار 2017، اتهم "هادي" الإمارات بأنها "قوة احتلال" في اليمن، ويعكس هذا كيف يرى عدد كبير من اليمنيين الدور الإماراتي في حربهم الأهلية.

وفي الواقع، قبل اندلاع النزاع الحالي، كان لدى اليمن مخاوف من سعي أبوظبي المتصور للسيطرة على طرق الشحن عبر عدن وباب المندب.

ومن المحتمل أن تفسر هذه المخاوف السبب الحقيقي لإلغاء اليمن لصفقة "موانئ دبي العالمية" لتشغيل الميناء في عدن عام 2012، على الرغم من أن الفساد كان هو السبب المعلن.

ويشتبه العديد من اليمنيين في أن الإماراتيين أرادوا إضعاف إمكانات عدن باعتبارها مدينة ساحلية كبرى في شبه الجزيرة العربية قد تتنافس مع دبي في يوم من الأيام.

واليوم، مع سيطرة الإمارات بحكم الأمر الواقع على أجزاء من اليمن، بما في ذلك عدن، ازدادت حدة هذه المخاوف.

وتكشف الإجراءات الإماراتية تجاه سقطرى كيف يمكن أن تتسبب استراتيجيات أبوظبي في إدخالها في مواجهة مع حليفها الوثيق، السعودية.

ويبدو أن أبوظبي على استعداد لاتخاذ إجراءات جريئة تقوض مواقف الرياض، دون النظر إلى رغبة السعودية في الحفاظ على وحدة اليمن.

وسوف يجعل هذا الصراع على النفوذ، الذي يدور أيضا في محافظة "المهرة" في أقصى شرق اليمن، من الصعب على المملكة الحفاظ على ما التحالف موحدا.

وعلى الرغم من العمل مع كل من المملكة وحكومة "هادي" ابتداء من عام 2015 لمحاربة تمرد الحوثيين، تمتد مصالح القيادة الإماراتية في اليمن إلى أبعد من جهود سحق الحوثيين المتحالفين مع إيران.

وتتعلق هذه المصالح بأهداف أبوظبي الجيوسياسية طويلة المدى فيما يتعلق بباب المندب وشرق أفريقيا والمحيط الهندي الأكبر.

ويتطلب تعزيز هذه المصالح من الإمارات، التي ليس لديها وصول للبحر الأحمر أو بحر العرب أو خليج عدن أو ساحل المحيط الهندي، تأمين موطئ قدم استراتيجية في جنوب اليمن، بما في ذلك سقطرى، وكذلك القرن الأفريقي.

وتقع "سقطرى" في موقع أقرب منه إلى أفريقيا من شبه الجزيرة العربية، وقد انعزلت إلى حد ما عن الحرب الأهلية في اليمن على مدى الأعوام القليلة الماضية.

ومع ذلك، تتفاقم التوترات بين القوى القومية اليمنية ودولة الإمارات في أنحاء أخرى من البلاد بشأن سيادة سقطرى.

ومع استمرار أجندة السياسة الخارجية "التوسعية" لأبوظبي في اليمن، فسوف يضع صراع النفوذ هذا المزيد من الضغوط على اليمنيين للاختيار بين أبناء جلدتهم، الذين يقاومون سلوك الإمارات في اليمن، والميليشيات المتحالفة مع أبوظبي، التي تقاتل من أجل إعادة تأسيس جنوب اليمن كدولة قومية.

المصدر | جورجيو كافييرو - لوب لوج

  كلمات مفتاحية

بطلب سعودي.. الحكومة اليمنية تسلم آليات إماراتية بسقطرى للانتقالي الجنوبي

إعلام بريطاني: الإمارات سرقت أشجارا نادرة من سقطرى اليمنية