كيف تكسب روسيا من التصعيد الإيراني الأمريكي؟

السبت 18 مايو 2019 05:05 ص

مع تصاعد التوترات بين واشنطن وطهران، تبنت موسكو مقاربة أكثر دقة، حيث انتقد الرئيس الروسي "فلادمير بوتين"، إلى جانب العديد من حلفاء واشنطن الغربيين، انسحاب إدارة "ترامب" من الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه خلال سنوات "أوباما". كما انضمت موسكو إلى الأطراف الموقعة الأخرى - المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا والصين وإيران - في مساعيها للحفاظ على الاتفاقية.

وبعد الإعلان الإيراني الأخير بأن طهران ستتوقف عن الالتزام ببعض أحكام الاتفاق، رداً على العقوبات الأمريكية المتزايدة، حث "بوتين" إيران على الالتزام بالاتفاقية، محذرا من أنه "بمجرد أن تتخذ إيران أولى خطواتها وتنتهك الاتفاق، فسوف ينسى الجميع في اليوم التالي أن الولايات المتحدة كانت هي من تسبب في الانهيار. ستكون إيران مسؤولة، وسيتم تغيير الرأي العام العالمي في هذا الاتجاه".

كما أشار "بوتين" إلى أنه على الرغم من معارضة الحكومات الأوروبية للعقوبات المتزايدة التي فرضتها إدارة "ترامب" على إيران، فقد أثبتت أوروبا أنها عاجزة في هذا الموقف. في إشارة إلى عجز أوروبا عن الاستمرار في التجارة مع إيران رغم رغبتها في ذلك بسبب العقوبات الأمريكية القاسية على الشركات الأوروبية.

ولفت "بوتين" إلى أن موسكو لا تستطيع فعل الكثير حيال هذا الموقف، لأن روسيا ليست "فرقة إطفاء" لإنقاذ كل شيء، على حد قوله.

ويشير عدم قدرة روسيا على منع الضغط الأمريكي المتزايد على إيران، إلى أن موسكو لا يمكنها حل هذه الأزمة أو التأثير فيها، كما يقوض هدف "بوتين" القديم المتمثل في إعادة تأكيد دور موسكو كقوة عظمى مؤثرة.

ومع ذلك، تستفيد موسكو من الأزمة الأمريكية الإيرانية بعدة طرق.

أولاً، تعزز المعارضة الأوروبية للعداء الأمريكي تجاه إيران هدف "بوتين" في تعزيز الانقسامات داخل حلف الناتو، حتى أكثر مما كان عليه الحال في عام 2003، عندما انضمت روسيا إلى بعض الحكومات الأوروبية (ولا سيما فرنسا وألمانيا) في معارضة قرار إدارة "بوش" بغزو العراق، الذي أيدته بعض الحكومات الأوروبية الأخرى (لاسيما المملكة المتحدة وبولندا).

واليوم تنضم روسيا إلى جميع الأوروبيين تقريبًا في معارضة سياسة "ترامب" تجاه إيران. وإذا زادت التوترات الأمريكية الإيرانية، فإن المعارضة الأوروبية للسياسة الأمريكية قد تؤدي إلى استعداد أوروبي أكبر لخفض العقوبات التي تدعمها الولايات المتحدة على روسيا فيما يتعلق بأوكرانيا وقضايا أخرى، وهو هدف روسي رئيسي.

بالإضافة إلى ذلك، من خلال التعبير عن معارضة سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران، وفي نفس الوقت الإشارة إلى أن موسكو لا تستطيع فعل الكثير بشأن هذا الوضع، قد يأمل "بوتين" في الحفاظ على علاقات روسيا أو حتى تحسينها مع حلفاء الولايات المتحدة الأربعة في الشرق الأوسط الذين يعارضون إيران بشكل خاص وهم (إسرائيل)، والسعودية والإمارات والبحرين. وتسعى موسكو إلى زيادة علاقاتها الاقتصادية المربحة مع الدول الثلاثة الأولى على وجه الخصوص.

لا شك أن إيران تفضل المزيد من الدعم من موسكو في صراعها مع الولايات المتحدة، وتفضل ألا تكون لموسكو علاقات جيدة مع خصوم طهران في الشرق الأوسط. لكن طهران ليس لديها خيار سوى الاستمرار في الاعتماد على روسيا، بغض النظر عن خلافاتها مع موسكو، حيث لا يمكنها المخاطرة بتلك العلاقة طالما بقيت علاقاتها بواشنطن متوترة.

والآن بعد أن نجحت كل من روسيا وإيران في تحقيق الاستقرار لنظام "بشار الأسد" وهزيمة خصومه، فقد ظهرت منافسة على النفوذ في سوريا بين موسكو وطهران.

وتتمتع إيران وحزب الله وحلفاؤهما من الميليشيات الشيعية بحضور عسكري أكبر بكثير من روسيا في سوريا، لذلك بالكاد يمكن اعتبار روسيا في وضع يسمح لها بتقليل النفوذ الإيراني هناك (كما تأمل إدارة ترامب وحلفاؤها السعوديون والإسرائيليون على وجه الخصوص). ولكن في الوقت الذي يصعب فيه الضغط الأمريكي مهمة إيران في سوريا، ربما تكون موسكو قادرة على زيادة نفوذها هناك على حساب طهران.

وأيضًا، إذا نجحت عقوبات إدارة "ترامب" في تخفيض صادرات إيران من النفط ، فسيتمكن المنتجون الآخرون - بما في ذلك روسيا - من زيادة صادراتهم على حساب إيران.

أخيرًا، في حين تركز إدارة "ترامب" على نزاعها مع إيران، فإنها تولي اهتمامًا أقل لمختلف نزاعاتها الأخرى مع روسيا، وقد يمنح ذلك موسكو يدًا أكثر حرية فيما يتعلق بأوكرانيا وبيلاروسيا ومناطق أخرى.

مقارنة بالولايات المتحدة، تمتلك روسيا عددا أقل بكثير من السكان واقتصادا أصغر وجيشا أقل كفاءة، ولا تزال لدى الولايات المتحدة شبكة كبيرة من الحلفاء، بينما يوجد لروسيا عدد قليل نسبياً من الحلفاء. لكن ما يتفوق فيه "بوتين" هو أنه يستفيد من الأخطاء التي يرتكبها أعداء روسيا لتعزيز مصالح بلاده. وقد منحت سياسة "ترامب" تجاه إيران "بوتين" الكثير من الفرص للقيام بذلك.

المصدر | مارك كاتز -لوبليغ

  كلمات مفتاحية