أيهما أكثر غضبا أثناء الجوع.. المرأة أم الرجل؟

السبت 18 مايو 2019 12:05 م

يتسبب الشعور القاسي بالجوع في تهديد الهدوء والمزاج المعتدل كلما ازداد، ولكن هل صحيح حقا أن المرأة أكثر غضبا عند الجوع من الرجل؟.

في تقرير لـ"بي بي سي"، بعد أسبوعين من بدء نظام غذائي يعتمد على كميات منخفضة من الكربوهيدرات، بدأت الممثلة الكوميدية "جيس فوستكو" الشعور بما يُعرف بـ"الجوع المقترن بالغضب"، وهو مصطلح صيغ حديثا يجمع بين كلمتي "جائع" و"غضبان" في لفظة واحدة في الإنجليزية، وهي "hangry".

وقد أضاف قاموس أوكسفورد هذه الكلمة الجديدة إلى مفرداته في يناير/كانون الثاني عام 2018.

وتقول الممثلة: "لقد مررت بموقف على الطريق أثار غضبي. السيارة التي كانت تسير خلفي، والتي تصادف أن تكون مليئة بعدد من الرجال من ذوي البنية الجسدية الضخمة، ظلت تطلق البوق بحجة أنني لا أسير بالسرعة الكافية".

وبعد أن نزلت عن سيارتها وأظهرت لهم تحديا واستعدادا للمواجهة، قدموا لها التحية المصحوبة بالضحك، فعادت إلى سيارتها مرة أخرى وواصلت طريقها.

وأضافت: "لقد انسحبت وتنهدت بشيء من الغضب، وبعدها تعهدت أنني لن أتخلي عن تناول الكربوهيدرات مرة أخرى".

ما الذي يحدث حقا؟

تقول المحاضرة في علوم التغذية والنظم الغذائية بجامعة كنغز كوليدج لندن، ""صوفي ميدلين": "لقد عرفنا منذ فترة طويلة في العلوم أن الجوع يؤدي إلى سرعة الانفعال، لكن مواقع التواصل الاجتماعي الرائعة أسهمت مؤخرا في ظهور لفظة واحدة تجمع بين كلمتي 'جائع' و'غضبان' في اللغة الانجليزية".

وتضيف: "عندما ينخفض لدينا مستوى السكر في الدم، تزيد مستويات الكورتيزول والأدرينالين في أجسادنا، وهي هرمونات مسؤولة عن استجابة الجسم لما يعرف بـ 'المواجهة أو الهروب'"، ولهذه الهرمونات تأثير على أدمغتنا، وذلك لأن ما يعرف بـ "البيبتيدات العصبية"، وهي مكونات تفرزها الخلايا العصبية وتعد نوعا من أنواع النواقل العصبية، تتحكم في المواد الكيميائية الموجودة في الدماغ.

وتتابع: "وهذه المواد التي تسبب الشعور بالجوع هي نفسها المواد التي تثير لدينا الغضب، والسلوكيات الانفعالية. لذا، تتكون لديك تقريبا نفس الاستجابة".

وكثير من المقالات التي تتحدث عن ارتباط الشعور بالجوع بسرعة الانفعال تستخدم في الغالب صورا للنساء وهي تصيح أو تعبر عن غضبها بسبب الجوع.

وكذلك يشير البعض إلى لاعبة التزلج الأمريكية "تشلو كيم"، صاحبة الميدالية الذهبية، التي كتبت تغريدة على موقع تويتر خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية العام الماضي، قالت فيها: "تمنيت لو أنني تناولت شطيرة الإفطار بالكامل، لكن نفسي العنيدة قررت ألا أفعل ذلك. لكنني الآن أشعر بالجوع المقترن بالغضب".

هل تتأثر النساء أكثر؟

تقول "ميدلين": "ليس الأمر هكذا على الإطلاق. ويمكن أن يحدث لأي شخص، وربما من المرجح في ضوء علوم الأعصاب أن يحدث هذا مع الرجال أكثر من النساء".

وفي الواقع، هناك تقارير تفيد بأن ما يعرف بـ "البيبتيدات العصبية" تكون أكثر لدى الرجال، وهي مواد كيميائية تؤثر على حالة الدماغ، كما تقول "ميدلين".

وتتأثر هذه المواد الكيميائية أيضا بعدة أشياء، مثل التقلبات في إفراز هرمون الاستروجين لذا، قد يحدث أن تشعر بعض النساء بالجوع المقترن بالغضب أو سرعة الانفعال خلال تلك الفترة.

وتتابع ذات الخبيرة: "لكن من الناحية الكيميائية الحيوية، وفيما يتعلق بعلم الأعصاب، الرجال أكثر عرضة لهذا الشعور من النساء، وذلك بسبب المستويات العليا من هرمون التيستوستيرون، المرتبط بمزيد من هذه المستقبلات العصبية".

وتقترن تلك النظرة إلى المرأة فيما يتعلق بالجوع المقترن بسرعة الانفعال، كمجرد جزء من الصور النمطية الشائعة المبنية على التمييز بين الجنسين، والتي تتضمن أيضا تشويه سمعة الرجال الذين يبوحون بمشاعرهم على الملأ، لذا يكون الرجال أقل تعبيرا عن تلك المشاعر.

وتقول "فوستكو": "ربما يكون الأمر أن الرجال لا يرون أن بمقدورهم التحدث عن مشاعرهم وعواطفهم المتعلقة بالطعام والجوع علنا، وربما يكون ذلك هو السبب وراء الافتراض بأن ذلك الأمر مرتبط أكثر بالنساء".

وتقول "ميدلين": "كل شخص لديه علاقة ما أكثر تعقيدا مع الطعام"، مضيفة: "يمكن لذلك الشعور بالجوع المرتبط بالغضب أن يؤثر أيضا على علاقاتك الشخصية. كما أظهرت دراسة أُجريت عام 2014، والتي توصلت إلى أن تراجع مستويات السكر في الدم يرتبط بوجود علاقات أكثر عدوانية بين الأزواج".

وتوصلت بعض التجارب العلمية أيضا إلى أن الأزواج يكونون أسرع غضبا وتعبيرا عن غضبهم تجاه بعضهم البعض من خلال الصوت المرتفع، عندما يزيد لديهم الشعور بالجوع.

جوع الصيام

لا يدخل جسم الإنسان، من الناحية الفنية، في "حالة صيام" إلا بعد 8 ساعات أو نحو ذلك من تناول آخر وجبة، إذ يعد هذا الوقت هو الفترة التي تنتهي فيها الأمعاء من امتصاص العناصر الغذائية من الطعام، وبعد ذلك تستعين أجسامنا بالغلوكوز المُخزن في الكبد والعضلات لتوفير الطاقة.

وبمجرد نفاد مخزون الغلوكوز في وقت لاحق أثناء فترة الصيام، تصبح الدهون المصدر التالي لتوفير الطاقة للجسم.

وعندما يبدأ الجسم في حرق الدهون، يساعد ذلك في إنقاص الوزن، وتقليل مستويات الكوليسترول، فضلا عن تقليل خطر الإصابة بمرض السكري، بيد أن انخفاض مستويات السكر في الدم يسبب ضعفا وحالة خمول، وقد يصاب المرء بالصداع والدوار والغثيان وصعوبة التنفس.

ويحدث ذلك عندما تصل مستويات الجوع إلى أشد درجاتها.

وعندما يبدأ الجسم التعود على الصيام، تتفكك الدهون وتتحول إلى سكر في الدم، ويجب تجديد كمية السوائل التي تنخفض أثناء فترة الصيام، وإلا سيؤدي التعرق إلى حدوث الجفاف.

ويعد شرب الماء ضروريا بعد انتهاء يوم الصيام، لاسيما عندما يوافق شهر رمضان أشهر الصيف، كرمضان الجاري.

ويتعين أن تحتوي وجبات الطعام على مستويات مناسبة من "أغذية الطاقة"، مثل الكربوهيدرات وبعض الدهون.

كما يعد من المهم جدا اتباع نظام غذائي متوازن من حيث المواد الغذائية، بما في ذلك بعض البروتين والأملاح والمياه.

وستشهد تحسنا في الحالة المزاجية، بحلول المرحلة الثالثة، نظرا لتكيف الجسم تماما مع الصيام.

المصدر | الخليج الجديد + بي بي سي

  كلمات مفتاحية