خطيبة خاشقجي: عقوبات مرتقبة من الكونغرس بحق السعودية

الخميس 23 مايو 2019 01:05 م

قالت "خديجة جنكيز"، خطيبة الصحفي السعودي الراحل "جمال خاشقجي"، إنه لو كان هناك رئيس أمريكي غير "دونالد ترامب"، لكان موقف واشنطن أكثر حزما تجاه السعودية بعد اغتيال "خاشقجي". وتوقعت صدور مشاريع قوانين وعقوبات من الكونغرس بحق السعودية قريبا.

وأضافت، في حوار مع "الأناضول" من واشنطن، أنها "لاحظت نوعا من الخجل لدى أعضاء الكونغرس الأمريكي حيال جريمة قتل خاشقجي؛ بسبب عدم صدور مواقف حازمة من بلدهم بهذا الشأن".

وأوضحت "خديجة" أن "ترامب" كان أبدى موقفا قاسيا نوعا ما في الأيام الأولى بعد مقتل "خاشقجي" بفعل الردود العالمية، لكن تلك اللغة تغيّرت، وحاول أن يخرج هذه الجريمة من السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

وردا على سؤال حول رفضها تلبية دعوة "ترامب" لزيارة البيت الأبيض في تلك الفترة، قالت "خديجة": "لم أرد على الإطلاق أن تتحول هذه القضية إلى قضية إعلامية، وكما تعلمون فإن الإجراءات القضائية والسياسية جرت بشكل جيد في تركيا".

وأشارت إلى أن "الشخص الذي قُتل هو خاشقجي، أي أنه لم يتعرض للقتل لأنه خطيبي، وإنما بسبب اسمه؛ لذلك حرصت على عدم استغلال القضية للحصول على شيء ما من ورائها".

كانت "خديجة" قد انتقدت إدارة "ترامب"، في اجتماع مع صحفيين بصحيفة "واشنطن بوست"، وقالت إنها فشلت في التمسك بالقيم الأمريكية من خلال السماح للسعودية بالإفلات من العواقب المترتبة على اغتيال خطيبها.

وأضافت: "لم أفكر بأن لقائي مع ترامب سيكون خطوة إيجابية في ما يتعلق بفرض العقوبات (على السعودية)، وإذا كانت هناك خطوة ما ستتخذ، فلقد كان ينبغي اتخاذها بالفعل قبل هذا اللقاء.. وتساءلت في نفسي عمّا إن كانت هذه الدعوة وجهت لي لأنه لن يتم اتخاذ أي شيء.. كنت متيقنة أن اللقاء لن يأتي بشيء جديد يخدم القضية".

وتابعت: "لو كان هناك غير ترامب لكان الموقف الأمريكي أقوى".

وشكك "ترامب" في التقييم النهائي لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية "CIA"، الذي قال إن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" هو مَن أذِن بعملية الاغتيال، وقاومت إدارته فرض عقوبات كبيرة على حليفها القديم بالشرق الأوسط.

موقف الكونغرس

وحول الاختلاف الموجود بين البيت الأبيض والكونغرس والإعلام بشأن جريمة "خاشقجي"، قالت "خديجة": "لو كان هناك رئيس آخر غير ترامب، لربما صدر موقف أكثر حزما.. لأن موقف الأخير كان يهدف لحماية السعودية".

وفيما يتعلق بأعضاء الكونغرس، قالت "خديجة" إن شخصيات كثيرة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لم تكن راضية عن موقف الإدارة.

وأكدت أن "جميع من في الكونغرس يشعرون بالخجل في هذا الصدد بسبب عدم صدور الردود اللازمة، وشعرت بذلك شخصيا".

وعن مستقبل القضية من الجانب الأمريكي، قالت "خديجة" إنه "يمكن أن تطرح في الأيام القادمة خطوات جديدة في الكونغرس، من قبيل مشاريع قوانين أو عقوبات".

وقبل أيام، قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، التي كان يكتب لها "خاشقجي"، إن الكونغرس لا يزال بإمكانه إفشال محاولات "ترامب" دفن قضية الصحفي السعودي.

وأضافت "خديجة": "تلقيت بعض الإشارات في هذا الاتجاه أثناء المباحثات الأخيرة التي أجريتها في الكونغرس؛ حيث أكدت لي شخصيات كثيرة فيه أن الموقف الأمريكي حيال الجريمة غير كاف، لأن الأمر يتعلق بتقويض القيم الرئيسية للبلاد، وعليه فإنه ينبغي إصلاح هذا الأمر".

وبخصوص الجلسة التي شاركت فيها في الكونغرس، شدّدت "خديجة" على ضرورة التركيز بعد اليوم على الخطوات المقبلة بشأن الجريمة.

واعتبرت أنه "بإمكان الولايات المتحدة فتح تحقيق دولي داخل الكونغرس، ولقد كان ذلك مطلبنا، والمسار القضائي في تركيا وصل إلى مستوى معين وأصبح مسدودا، إذ لم يعد هناك إمكانية للتقدم، وأعتقد أنه يمكن التوصل إلى نتيجة أكثر تاثيرا إذا أصبح التحقيق دوليا".

يشار إلى أنه خلال جلسة الكونغرس، طالبت "خديجة" الولايات المتحدة والدول الغربية بفتح تحقيق دولي في اغتيال "خاشقجي".

ملهم للشباب

"خديجة"، أكدت أنه من حقها الطبيعي معرفة الحقيقة بشأن مصير "خاشقجي"، الذي كان يحب كثيرا قضاء الوقت مع الشباب، وتنفيذ مشاريع كثيرة معهم.

وتابعت: "عندما سألته ذات مرة عن سبب اهتمامه إلى هذه الدرجة بالشباب، أجابني بأنه يشعر نفسه شابا عندما يعمل معهم، وكان يحرص على ألا يزعج أو يكسر قلب أحد، ويسكت حتى لو كانت معنوياته سيئة، وكان صمته عميقا في بعض الأحيان".

وأشارت إلى أن "خاشقجي" لم يكن يتصل بأحد عندما يكون حزينا، ولم يكن يفرط في التفاؤل، وكان مرحا عندما يتحدث، لكن في نفس الوقت كان يفكر ويتفكر بعمق ويقرأ كثيرا.

وأضافت "خديجة": "خاشقجي لم يكن يعتقد أبدا أن بلاده تضمر له أي تهديد، بل كان يتحدث عن قضاياها بطريقة سلمية، حتى أنه أكّد في أكثر من مرة أنه ليس معارضا للرياض".

ولفتت إلى أن خشية السعودية من "خاشقجي" جاءت باعتباره "شخصا مثقفا ومحبوبا".

وتابعت: "كان إنسانا هادئا لا يحب الشجار والضجة، ويتحدث بلطف، وكان يلتقي العديد من الشخصيات الرفيعة في السعودية، وهذا ما جعلني أستغرب مقتله".

وزادت: "يبدو أنهم انزعجوا من القوة والمكانة التي يمثلها أو التي امتلكها جمال بمفرده؛ لأن قوته كانت تتزايد، وبالتالي كان من الواضح أن تصاعد مكانة وقوة جمال الاستراتيجية أزعجت البعض بالفعل.. والمؤسف أن جمال نفسه لم يكن يدرك مدى قوته".

ذكريات

كانت "خديجة" تحب كثيرا جدا طبيعة "خاشقجي" المثقفة خلال الحديث معه، على حد قولها، وعندما كانا يخططان لشيء ما، كان سؤاله الأول هو "هل سيكون هناك شاي تركي أيضا؟"؛ لأنه كان يحب الشاي التركي كثيرا ويشربه دائما، بعكس القهوة التي لم يكن يتناولها بكثرة.

ولفتت إلى وجود ذكريات جميلة جدا لها مع "خاشقجي" في فترة الخطبة؛ حيث كان يتصل بها عادة بطريقة مرئية عندما يكون في الولايات المتحدة ويستشيرها حين يعتزم شراء غرض ما.

ومستعرضة ذكرياتها معه، قالت: "كان ذات مرة يعتزم شراء نظارة لنفسه، وعندما ذهب للشراء أرسل لي صورة النظارة التي كان يجربها ليسأل ما إن كانت جميلة أم لا، وفي النهاية تحدثنا واختار واحدة منها.. كان هدفه من ذلك هو ألا يشعر بأنه وحيد هناك".

وأكّدت أن "جمال" كان صاحب قلب أبيض وحنون، ويتمتع بطبيعة عاطفية ولطيفة للغاية، وأن الكشف عن ملابسات مقتله، مهمة إنسانية وأخلاقية باعتبار الحادثة تستدعي الدفاع عن حق إنسان مثله.

وأشارت إلى أن "خاشقجي" كان إنسانا فريدا جدا وشجاعا، وعاش من أجل مبادئه تاركا كل ما يرغب الإنسان في امتلاكه، وهذا هو السبب وراء مغادرته السعودية والاستقرار في الولايات المتحدة.

وختمت: "كان بإمكانه أن يختار التقاعد مثل الكثير من زملائه، وأن لا يتخلى عما يملك، لكنه اختار مبادئه، وأعتقد أن الإنسان يجب أن يكون مثله".

وقتل "خاشقجي"، في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، داخل القنصلية السعودية بمدينة إسطنبول التركية، في قضية هزت الرأي العام الدولي. وبعد 18 يوما من الإنكار والتفسيرات المتضاربة، اعترفت الرياض بمقتله، إثر ما قالت إنه "شجار" مع أشخاص سعوديين، وأوقفت 18 مواطنا ضمن التحقيقات، دون كشف المسؤولين عن الجريمة أو مكان الجثة.

المصدر | الخليج الجديد + الأناضول

  كلمات مفتاحية

تشريع أمريكي يفرض عقوبات على الأسرة المالكة بالسعودية