كيف ستؤثر العقوبات على إيران على أسعار النفط العالمية؟

الاثنين 27 مايو 2019 02:05 م

يمكن للتوترات بين الولايات المتحدة وإيران أن تفسد سوق الطاقة، ومعها الاقتصاد العالمي.

وفي إطار جهود إدارة "ترامب" لممارسة "أقصى ضغط" على الاقتصاد والحكومة الإيرانيين، توقفت الإدارة عن تقديم إعفاءات من العقوبات على استيراد النفط الإيراني اعتبارا من 2 مايو/أيار 2019.

وبنهاية هذه الاستثناءات، التي كان قد تم منحها لثمانية من عملاء النفط الإيرانيين الرئيسيين في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، من المؤكد أن ذلك سيؤدي إلى مزيد من خفض صادرات النفط الإيرانية، وتعزيز يد المملكة العربية السعودية والمنتجين الآخرين الذين يمكنهم تعويض حصة إيران من السوق.

والسؤال الأكبر هو ما إذا كان الضغط الأمريكي على إيران سيؤدي إلى صراع عسكري في منطقة الخليج يؤثر على أسواق الطاقة العالمية.

 العقوبات النفطية الأمريكية

وكانت عقوبات مايو/أيار قد تم فرضها بموجب قانون يفرض عقوبات على المعاملات مع البنك المركزي الإيراني، الذي يسيطر على أموال النفط الإيرانية.

ويشترط القانون على الرئيس منع البنوك الأجنبية من الوصول إلى الأسواق الأمريكية إذا أجرت هذه البنوك "معاملة مالية كبيرة" مع البنك المركزي الإيراني أو أي بنك إيراني آخر خاضع للعقوبة.

وكان منح فرصة الإعفاءات راجعا إلى المخاطر المحتملة من أن قرار الإدارة قد يعطل سوق النفط العالمي ما لم تتمكن بعض الدول من الاستمرار في الشراء من إيران دون غرامة.

ونتيجة لهذا القانون الأمريكي، انخفضت صادرات النفط الإيرانية من 2.5 مليون برميل يوميا إلى 1.1 مليون برميل يوميا بين عامي 2012 و2015.

وأدى انخفاض الصادرات إلى انخفاض إيرادات إيران من العملة الصعبة، وتسبب في انكماش اقتصادي إجمالي بنحو 20% خلال تلك الفترة الزمنية. ومع ذلك، على الرغم من سحب كميات كبيرة من الخام الإيراني من السوق، بقيت أسعار النفط العالمية متدنية بشكل كبير في عام 2014.

وانتعشت صادرات النفط الإيرانية بعد تخفيف العقوبات عام 2016، بالتزامن مع الاتفاق النووي الإيراني.

ومع ذلك، تراجعت صادرات إيران من النفط مرة أخرى في أعقاب قرار إدارة "ترامب" في مايو/أيار 2018 بالانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة، وإعادة فرض جميع العقوبات الثانوية الأمريكية، بما في ذلك قانون عقوبات النفط.

وتقدر المنظمات الدولية أن الاقتصاد الإيراني سينكمش بنحو 6% خلال الفترة من مارس/آذار 2019 إلى مارس/آذار 2020.

وعادت العقوبات الأمريكية المفروضة على النفط مجددا في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، لكن الإدارة وفرت إعفاءات لثمان دول، هي الصين والهند وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان واليونان وإيطاليا.

وقد تم منح تلك الإعفاءات جزئيا بسبب تباطؤ الاقتصاد الأمريكي في أواخر عام 2018، ويبدو أن الإدارة لم ترغب في زيادة التباطؤ عبر رفع أسعار النفط العالمية.

وأبقت الإعفاءات على إجمالي مبيعات النفط في إيران عند نحو 1.2 مليون برميل، على الرغم من أن أربع من الدول المعفية، وهي تايوان واليونان وإيطاليا وكوريا الجنوبية، لم يشتروا أي نفط خام من إيران بعد أواخر عام 2018. ولم تشتر اليابان أي نفط خام إيراني في أواخر عام 2018، لكنها استأنفت بعض واردات النفط من إيران في أوائل عام 2019.

وارتفعت أسعار النفط العالمية بشكل طفيف، على الرغم من أن ما لا يقل عن 1.3 مليون برميل من النفط الإيراني قد نقص من السوق. وتمكن المنتجون الآخرون، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والعراق، من الإبقاء على السوق في وضع مستقر، حيث عوضوا صادرات إيران.

الآثار المترتبة

وليس من المستغرب أن تستنكر الدول الثلاث، التي واصلت استيراد النفط الإيراني بكميات كبيرة، وهي الصين والهند وتركيا، انتهاء الإعفاءات في 2 مايو/أيار 2019. وضغطت هذه الدول على الإدارة لتجديد الإعفاءات. ودعما لهذا الطلب، أصدرت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة بيانا مشتركا في 4 مايو/أيار "تأسف" فيها ليس فقط لنهاية الإعفاءات على العقوبات النفطية، ولكن أيضا لقرار الولايات المتحدة في 3 مايو/أيار بإلغاء الإعفاءات الأمريكية على تصدير فوائض إيران من اليورانيوم المخصب والماء الثقيل".

ويعرض هذا القرار الأخير الاتفاق النووي للخطر بشكل مباشر، ويثير التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، بحسب  ما جاء في رد إيران بالإعلان أنها ستتوقف عن تنفيذ عدد قليل من التزاماتها بموجب الاتفاق.

ولم يتسبب إنهاء الإعفاءات في تحرك أسعار النفط العالمية بشكل ملحوظ، لكن من الصعب التنبؤ بالتأثير طويل الأجل على سوق النفط. ومن بين العملاء الثلاثة الكبار للنفط الإيراني، وصفت الصين إنهاء الإعفاءات بأنه ظالم، وأعلنت عزمها مواصلة استيراد النفط الإيراني، واحتجت تركيا في عزمها شراء المزيد من النفط الإيراني بصعوبة ترتيب إمدادات بديلة (بدأت كلتا الدولتين لاحقا في تجهيز نفسها للالتزام بالعقوبات)، في حين أعلنت الهند أنها ستلتزم بالعقوبات الأمريكية وتوقف استيراد النفط الإيراني.

وتترك هذه القرارات إيران مع اثنين فقط من عملاء النفط المحتملين الصين وتركيا، مع احتمال تناقص تدريحي في وارداتهما. كما فقدت إيران كوريا الجنوبية كمشتر لمكثفاتها، وهي مادة خام نفطية خفيفة، رغم أن إمدادات هذا المنتج من قطر، وهي منتج بديل رئيسي، ستكون محدودة خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

وقال نائب وزير النفط الإيراني، "أمير حسين زماني" في أوائل مايو/أيار، إن إيران ستبيع نفطا إضافيا في "السوق السوداء"، لكن من المؤكد تقريبا أن السياسة الأمريكية ستخفض صادرات النفط الإيرانية إلى ما دون مستوى 900 ألف برميل يوميا بنهاية مايو/أيار 2019.

تصاعد التوترات

وتوجد عوامل أخرى في العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران قد تزعج سوق النفط العالمي بشكل كبير. فبالإضافة إلى إنهاء الإعفاءات وكذلك وقف صادرات الأجزاء اللازمة للعملية النووية، أدى تصنيف الولايات المتحدة للحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية أجنبية في أبريل/ نيسان، ونشر القوات الأمريكية الإضافية في الخليج العربي في مايو/أيار، إلى إثارة التوترات بشكل كبير بين الولايات المتحدة وإيران.

وردا على ذلك، أعلن الرئيس الإيراني "حسن روحاني"، في 8 مايو/أيار، أن إيران لن تلتزم ببعض القيود المفروضة على خطة العمل المشتركة.

وقد تتصاعد الإجراءات الأمريكية والإيرانية إلى مواجهة أكبر، وهي نتيجة من المؤكد أنها سترفع أسعار النفط العالمية، وربما بشكل كبير. وستمكّن الأسعار المرتفعة إيران إلى حد ما من التعويض عن انخفاض حجم مبيعات النفط، مما يعني أن إيران قد تكون لها مصلحة في استمرار التوترات، شريطة ألا تتحول الأعمال العدائية إلى حرب مفتوحة مع الولايات المتحدة الأكثر قدرة عسكريا.

المصدر | كينيث كيتزمان - منتدى الخليج الدولي

  كلمات مفتاحية