داخل القبو السري.. صيادو الوثائق يلاحقون نظام الأسد

الثلاثاء 28 مايو 2019 02:05 م

حصلت شبكة "CNN" على فرصة نادرة للتعرف على تفاصيل عملية سرية قادها مجموعة من المحققين لجمع أدلة على جرائم حرب ارتكبها نظام "بشار الأسد".

وبثت الشبكة فيلما وثائقيا تحدثت فيه عن مبنى في أوروبا لا يمكن الكشف عن مكانه تحديدا توجد به غرفة تعرف باسم "القبو" بها صناديق تضم قرابة 800 ألف وثيقة تم تهريبها من سوريا ليتم تسجيلها وترجمتها وحفظها.

ويترأس "كريس أنغلز" وحدة جرائم النظام في "لجنة العدالة والمساءلة الدولية" المعروفة باسم "سيجا"، وهي منظمة غير ربحية تمولها حكومات غربية.

وتضم هذه الصناديق أدلة محتملة لجرائم حرب مزعومة قد تستخدم يوما ضد نظام "الأسد".

وتغطي الوثائق مدى واسعا من المعلومات في مستويات مختلفة من القيادة.

تبدأ من أعلى مستويات القيادة وتتضمن معلومات عن رئيس النظام ومشرعي القوانين على المستوى الوطني.

وتمكنت "CNN" من معرفة كيفية تنقل الأوامر في سلسلة القيادة، وكيف أن المسؤولية في المستويات العليا للسياسات تطبق بطريقة نتمكن فيها من رؤية حدوث جرائم.

وأفادت بأنه لم توجد وثيقة وحيدة هنا تكون بمثابة دليل قاطع، لكن في العدالة الجنائية الدولية فإن الأمر يتعلق بربط الجرائم بالمسؤولين عنها.

وأشارت إلى وثائق لمثل هذا الأمر في 2011 الذي يخول برفع مرتبات موظفي الجيش الذي وقعه "الأسد" القائد الأعلى للقوات المسلحة قد تبدو غير مؤذية.

لكن "أنغلز" يقول إن "هذا حتى هو دليل مهم .. لدينا وثائق متعددة مشابهة لهذا حيث تسمي الأسد وغيره بأنهم هم من يسيطرون ولديهم القدرة على توجيه الجيش وقوات الأمن، والحقيقة أن الجيش وهذه القوات هي من تستمر في اقتراف الجرائم دون أن يقوم هؤلاء الأفراد بأي شيء لإيقافهم".

ووضعت "سيجا" قضايا مختلفة ضد النظام أغلبها ترتبط بالأيام الأولى للثورة والقمع العنيف للمتظاهرين بجانب التعذيب والقتل بحق آلاف المتظاهرين الذين احتجزوا عبر البلاد.

ومنذ 2012 وفي ظل حرب أطلقت العنان لواحدة من أفظع الأعمال الوحشية في وقتنا، تم توظيف شبكة من أكثر من 100 سوري بعد أن تحققت "سيجا" منهم ودربتهم.

وحصلت "CNN" على فرصة نادرة لمقابلة واحد من صيادي الوثائق هؤلاء.

"عادل" وهو الاسم الذي اختاره لنفسه قبل الحديث معه، وكان محاميا، والآن يترأس فريقا خاطر بكل شيء للحفاظ على الدليل.

 ويقول عن مهمته: "جميع أفراد فريقنا رجالا ونساء تعرضوا للاعتقال أو الضرب أو الإذلال أو الخطر. نحن نعمل في منطقة حرب في معظم الحالات. ندخل إلى المواقع مع شن الغارات الجوية، لكن يجب أن ندخل للحصول على الوثائق قبل تلفها".

بالنسبة لـ"عادل" وزملائه من صيادي الوثائق فإن "كنزا من الوثائق تركتها خلفها بيروقراطية النظام سيئة السمعة بعد أن استحوذ الجيش السوري الحر على مناطق من الحكومة مثل مواقع الجيش أو الاستخبارات".

وعن ذلك يقول: "تكون فرقنا مستعدة وتدخل لهذه المواقع، مهمتهم الأساسية هي الحفاظ على هذه الوثائق أو على ما تبقى منها لأنه يتم إتلافها في العديد من الحالات".

لم تعتمد "سيجا" فقط على الوثائق التي تم جمعها من خلال شبكتها الخاصة من المحققين؛ ففي بعض الحالات دمجوا ذلك ببعض الأدلة المرئية الأكثر إدانة من هذا الصراع.

28 ألف صورة مروعة\

هناك 28 ألف صورة مروعة لمحتجزين ميتين تم تهريبها في 2013 من قبل منشق عن الجيش يعرف بالاسم الرمزي "قيصر".

وتمكنت "سيجا" من مراجعة وإحالة الأرقام الظاهرة في الصور مع تلك الموجودة في الوثائق المهربة ما سمح لهم بالتعرف على بعض السجناء وربطهم بسجون معينة والأجهزة الأمنية التي كانت تحتجزهم.

إحدى الصور كانت لـ"محمد الخولاني" (30 عاما)، وهو طالب قانون تزوج حديثا واعتقل في أبريل/نيسان 2012.

شقيقته "آمنة" وهي ناجية من سجون النظام ولاجئة الآن في بريطانيا هي شاهدة حية على وحشية النظام السوري.

تم اعتقال 3 أشقاء آخرين من عائلة "الخولاني"، وتمكن واحد منهم فقط يدعى "بلال" من النجاة.

وحسب تحقيقات "سيجا"، فإن هذه قصة تكررت آلاف المرات في سوريا؛ حيث إن التعذيب شائع ونظامي والاعترافات القسرية هي القاعدة.

فيما زعمت الوثائق التي أصدرها النظام أن الآلاف من المحتجزين في سجونه توفوا لأسباب طبيعية.

ولم يرد المسؤولين السوريين على الطلبات المتكررة للتعليق، غير أن النظام رفض مرارا وتكرارا الأدلة، مشيرا إلى أنها مزيفة وأصر على أنه "يحارب إرهابيين وليسوا متظاهرين سلميين".

ولا تزال "آمنة الخولاني" تطالب بالعدالة بيأس لأشقائها، لكن مثل الكثير من السوريين؛ فهي خائفة من أنها لن تعيش لترى تحميل النظام مسؤولية جرائمه إذ أن "بشار" رجح الكفة لصالحه في الوقت الحالي ونجا من الثورة وعلى وشك الفوز بالحرب.

ويقول "أنغلز": "لقد تغيرت الكفة وما نحاول التأكد منه هو أنه عندما يأتي التغيير وتظهر التساؤلات حول العدالة، ففي غضون 5 أعوام أو 10 أو 20 سوف يكون هناك أدلة".

الأدلة التي جمعتها "سيجا" تم استخدامها فعلا في محاكمات فردين في أمريكا وأوروبا. كما قادت في ألمانيا إلى اعتقال مسؤول واحد على الأقل في النظام متهم بالتعذيب.

وقال صائد الوثائق "عادل": "ودعت زوجتي وأطفالي وقلت لهم إني لست ملكهم أنا ملك لسوريا والعدالة.. العدالة لا يوجد فيها طريق عودة".

المصدر | الخليج الجديد + سي إن إن

  كلمات مفتاحية