لوب لوج: لماذا لن تؤدي اجتماعات مكة إلى حل الأزمة الخليجية؟

الخميس 30 مايو 2019 01:05 م

في 18 مايو/أيار، دعت القيادة السعودية لعقد اجتماعات عاجلة لمجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية لمناقشة التوترات المتصاعدة في منطقة الخليج.

واقترح الملك "سلمان" عقد هاتين القمتين في مكة يوم 30 مايو/أيار لمناقشة "الاعتداءات الأخيرة وتبعاتها" في المنطقة.

وجاء هذا الإعلان بعد عملية تخريبية غامضة في وقت سابق من هذا الشهر قبالة الساحل الشرقي لدولة الإمارات استهدفت 4 سفن، وبعدها بيومين، هاجم متمردو الحوثي في اليمن خط أنابيب "شرق - غرب" في السعودية بطائرات بدون طيار، في حادثة قال مسؤولون في الرياض إن طهران أمرت بها.

أثيرت تساؤلات رئيسية حول كيفية مشاركة قطر، عضو مجلس التعاون الخليجي وعضو جامعة الدول العربية، في هاتين القمتين في المملكة العربية السعودية.

في البداية، لم يتلق أمير قطر الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني" دعوة في الوقت الذي تلقى فيه رؤساء دول عربية أخرى الدعوة، ما أشار إلى أن المسؤولين في الرياض سوف يستخدمون هذه القمم لتعزيز الروايات عن كون قطر أصبحت دولة منبوذة معزولة في الذكرى السنوية الثانية لبداية النزاع الخليجي.

ومع ذلك، في 26 مايو/أيار، قام الملك "سلمان" أخيرًا بدعوة أمير قطر "تميم بن حمد" عبر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، وفي اليوم التالي، هبطت طائرة قطرية في المملكة العربية السعودية على متنها دبلوماسي قطري، في سابقة هي الأولى منذ اندلاع أزمة الخليج في عام 2017.

على الرغم من أن دعوة العاهل السعودي ووصول طائرة قطرية إلى جدة كانت ذات أهمية رمزية، فلن يحضر أمير قطر قمم مكة، بالنظر إلى الوضع الحالي للعلاقات بين الرياض والدوحة، وسيرسل رئيس الوزراء "عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني" مكانه.

علاوة على ذلك، فإن الحديث عن مساهمة القمتين في حل الأزمة الخليجية يعد سابقا لأوانه.

في الواقع، يواصل السعوديون حظر الطائرات القطرية من المجال الجوي للمملكة، وقد سمح للطائرة القطرية التي هبطت في جدة يوم 27 مايو/أيار بالدخول إلى المجال الجوي السعودي فقط بسبب قمم مكة القادمة، وليس بسبب أي تغيير كلي في السياسة السعودية.

وببساطة، لا يزال الحصار قائما، ومن غير المحتمل أن تعطي قطر القيادة السعودية ميزة افتراض حسن النية حتى يتم رفعه.

ودون شك، فإن هذا الحصار الذي دام عامين، والذي صاحبه هجوم إعلامي على قطر وحملات ضغط في الغرب، قد خلق ظروفًا لن تتمكن الرياض وأبوظبي من عكسها بسهولة.

ولم يعط الحصار الاقتصادي وقطع العلاقات الدبلوماسية بين دول الحصار والدوحة، لم يعط الإمارة المحاصرة أي خيار سوى التكيف والتحول إلى دول أخرى، مثل تركيا وإيران والهند والصين وباكستان وعمان والكويت والقوى الغربية، لتوثيق العلاقات والشراكات العميقة من أجل الالتفاف على الحصار.

بالنسبة للقطريين، يبقى من دواعي الفخر الوطني أن بلادهم تمكنت بشكل أساسي من الحصول على استقلالها عن الظلال السعودية والإماراتية.

وفي الدوحة، هناك رأي مفاده أن قطر ستكون في وضع أفضل على المدى الطويل بدون حلفائها السابقين في مجلس التعاون الخليجي، الذين فشلوا في تحقيق أهدافهم في الضغط على الإمارة لإجراء تغييرات كبيرة في سياستها الخارجية والداخلية.

ولو استسلمت قطر، فإنها ستكون تخلت بشكل أساسي عن سيادتها لتصبح دولة تابعة تحت سيطرة الرياض وأبوظبي، ويفخر العديد من القطريين بأن قيادتهم لم تستسلم للسعوديين والإماراتيين.

ومع رفض الأمير "تميم" دعوة الملك "سلمان" وإرسال ممثل من مستوى دبلوماسي أدنى، ترسل الدوحة رسائل مهمة؛ أولها هو أن قطر لا تزال متمسكة بدعم مجلس التعاون الخليجي كمؤسسة من خلال الحرص على حضور ممثلين لهذه الاجتماعات كما فعلت خلال قمة المجلس السنوية في السعودية نهاية العام الماضي والقمة السابقة لها في الكويت.

وربما تعتقد القيادة القطرية أنه في مرحلة ما في المستقبل، يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أن تعود إلى وضعها السابق كشركاء في مؤسسة إقليمية، وتود الحكومة في الدوحة أن تؤكد بثقة أن قطر، كعضو مؤسس في المجلس، لم يبتعد عنه رغم أزمة الخليج.

ومع ذلك، فإن هذا التفكير طويل الأجل لا يغير واقع المشهد الحالي للخليج حيث تنظر قطر إلى المملكة العربية السعودية باعتبارها تهديدًا خطيرًا وإلى المجلس نفسه كمؤسسة بلا أسنان غير قادرة تمامًا على تزويد الإمارة بشكل من أشكال الحماية التي كانت جميع الدول الأعضاء الستة (بما في ذلك قطر) ترغب فيها مبدئيًا حين تم تشكيل المجلس في وقت مبكر من الثمانينات.

وبدلاً من الاعتماد على السعودية والإمارات العربية المتحدة كحلفاء وشركاء دفاع في مواجهة التهديدات المشتركة، تنظر قطر إلى الدول الأخرى - وعلى رأسها الولايات المتحدة وتركيا - كحلفاء أمنيين رئيسيين في مواجهة التهديدات القادمة -للمفارقة- من الزملاء الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي.

ولن ينتهي انعدام الثقة داخل دول مجلس التعاون الخليجي بمجرد مشاركة قطر في قمتي المجلس وجامعة الدول العربية هذا الشهر، ومن الصعب أن نتخيل أن تتغير مواقف السعودية أو الحكومة القطرية بشأن الأزمة الخليجية بأية طريقة مهمة بسبب اجتماعات الطوارئ هذه.

بالطبع لا يعرف أحد ما سيقوله رئيس مجلس الوزراء القطري في مكة، كما أنه من غير الواضح كيف سيتم معاملته وكيف سيتفاعل مع قادة الدول المحاصرة.

ومن الممكن أن تؤدي القمم إلى زيادة حدة الخلاف الداخلي في مجلس التعاون الخليجي، خاصة إذا نظرت الحكومة السعودية إلى رفض أمير قطر الحضور على أنه استخفاف بها، أو إذا ظهرت نسخ متنافسة من التغطيات الإعلامية حول أحداث القمتين.

وفي جميع الاحتمالات، فإن هذه الاجتماعات الطارئة في السعودية لن تنهي أزمة مجلس التعاون الخليجي، ويجب أن تتصالح القيادات في الرياض وأبوظبي مع حقيقة أن تصرفاتهم المتهورة ضد قطر منتصف عام 2017 أدت إلى ديناميكيات جديدة لم تغير النظام الجيوسياسي لشبه الجزيرة العربية فحسب، بل أدت أيضًا إلى تغذية عدم الاستقرار والاستقطاب في جميع أنحاء العالم الإسلامي الكبير من المغرب العربي إلى بلاد الشام، ومن القرن الأفريقي إلى الساحل.

وإذا كان هناك جهد حقيقي من جانب العاهل السعودي لدعم وحدة الخليج العربي في مواجهة تهديد إيراني متصور للمملكة، فإن سلوك ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" ونظيره الإماراتي "محمد بن زايد" تجاه قطر خلال العامين الماضيين سيقوض قدرة الملك "سلمان" على تحقيق هذا الهدف.

المصدر | خالد الجابر وجورجيو كافيرو - لوب لوج

  كلمات مفتاحية