التصعيد في إدلب.. توافق روسي تركي أم مواجهة؟

الخميس 30 مايو 2019 02:05 م

مر نحو شهر، على أعنف تصعيد عسكري في منطقة خفض التصعيد السورية، عبر غارات مكثفة ينفذها نظام "بشار الأسد"، وحليفته روسيا، وسط تباين في الرؤى حول موقف تركيا من هذا التصعيد.

وتسببت مئات الغارات والبراميل المتفجرة، على مثلث الشمال السوري، بمحافظة إدلب وبعض الأجزاء من محافظات حماة وحلب واللاذقية المجاورة التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام "جبهة النصرة سابقا"، في مقتل قرابة 300 مدني، بينهم نحو 60 طفلا، ودفع نحو 270 ألف شخص إلى النزوح، حسب الأمم المتحدة.

تفاهم ممكن

ويعتقد قياديون في المعارضة السورية، بوجود تفاهم بين روسيا وتركيا يتضمن مقايضة دخول فصائل معارضة موالية لأنقرة إلى تل رفعت، وإضعاف "وحدات حماية الشعب" الكردية مقابل دخول قوات الحكومة بغطاء موسكو إلى شمال حماة ومثلث جسر الشغور لحماية قاعدة حميميم في اللاذقية.

وقال قيادي عسكري مقيم في تركيا: "المشكلة هي في الإخراج.. صعب على روسيا إقناع النظام والأكراد بقبول التخلي عن ريف تل رفعت. وصعب على تركيا إقناع المعارضة التسليم بخسارة شمال حماة وجنوب إدلب، لذلك فإن الفصائل انسحبت من ريف تل رفعت بعد الدخول إليها، كما عززت روسيا نقاطها قبل أيام"، حسب صحيفة "الشرق الأوسط".

وأضاف: "كما حصل في نهاية 2016 خلال التفاوض الروسي - التركي على مقايضة شرق حلب مقابل مناطق درع الفرات، بقي القصف والمعارك في حلب".

بالنسبة إلى هذا القيادي، الذي يشارك في اجتماعات استخباراتية مع الجانب التركي، فإن الحديث عن تسليح المعارضة له بعدان، الأول، "معظم الفصائل لديها السلاح في المخازن بما فيها صواريخ (تاو) الأمريكية منذ أيام عمل (غرفة العمليات العسكرية) التي كانت تترأسها وكالة الاستخبارات المركزية جنوب تركيا".

وقال القيادي: "كل فصيل لديه 6 أو 7 صواريخ (تاو)، بل إن بعض الفصائل لديها عشرات".

أما البعد الثاني، فخلال عملية التفاوض الروسي - التركي، يبقى "الشيء الطبيعي أن يبقى الضغط كي يحصل كل طرف أفضل الممكن".

وأشار إلى أن "الجيش الروسي لم يدخل إلى الآن في كل ثقله في العمليات العسكرية في إدلب.. رغم شدة القصف من قوات النظام وإلقاء مئات البراميل وتهجير آلاف النازحين".

وتابع: "لو أرادت روسيا لاتبعت سياسة الأرض المحروقة ودفعت خلال ساعتين بنصف مليون نازح إلى حدود تركيا ولكانت قصفت قرب الحدود".

تخوف روسي

في المقابل، يعتقد قيادي عسكري آخر في "الجيش الحر" أنه من الواضح أن ما يحدث في منطقة إدلب الكبرى هو "ترجمة لعدم توافق تركي - روسي بما يتعلق بالشمال السوري أجمعه، الذي يشمل منطقة إدلب الكبرى، ومنطقة شرق الفرات، مرورا بمنطقة تل رفعت".

وقال: "يعود هذا إلى التقارب التركي - الأمريكي حول المنطقة الآمنة شرق الفرات، الأمر الذي يزعج روسيا ومن ورائها إيران، حيث إن الأخيرة تتخوف من حدوث توافق تركي - أمريكي - روسي لإخراجها استراتيجياً من سوريا".

وأضاف: "بالتالي تحاول إيران أن تسحب روسيا وتركيا لصفها في صيغة أستانة، فيما ترى موسكو إمكانية استخدام ورقة النازحين إلى الحدود التركية ورقة ضغط على أنقرة لتبتعد عن واشنطن".

وزاد: "تعزيز الجيش الروسي نقاطه في تل رفعت عبارة عن ورقة منطقية للمقايضة".

وضمن هذا السياق، أشار القيادي إلى أن الاستخبارات التركية اجتمعت بقادة فصائل وأبلغتهم أن "هذه أرضكم ويجب أن تدافعوا عنها، وأن تركيا ستقدم كل شيء مطلوب لذلك"، وأنها بالفعل عززت نقاط المراقبة الخاصة بها في مثلث الشمال، وقدمت السلاح والمعلومات الاستخباراتية والخرائط وضغط لتمرير مقاتلين من درع الفرات إلى شمال حماة الأمر الذي أسهم في استعادة كفرنبودة ومعارك كر وفر.

ومنتصف سبتمبر/أيلول 2017، أعلنت الدول الضامنة لمسار أستانة (تركيا وروسيا وإيران) توصلها إلى اتفاق على إنشاء منطقة خفض تصعيد في إدلب، وفقا لاتفاق موقع في مايو/أيار من العام نفسه.

وفي إطار الاتفاق، تم إدراج إدلب ومحيطها (شمال غرب) ضمن "منطقة خفض التصعيد"، إلى جانب أجزاء محددة من محافظات حلب وحماة واللاذقية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية