جيوبوليتيكال فيوتشرز: تركيا وروسيا تشتبكان في سوريا مجددا

السبت 1 يونيو 2019 11:06 ص

يبدو أن مقاتلي "الجبهة الوطنية للتحرير"، وهم من المعارضة السورية التي تدعمها تركيا، هاجموا القوات الخاصة الروسية المتمركزة في محافظة حماة السورية في أحدث تطورات المعارك في الحرب الأهلية شمال غربي سوريا. ويمكن أن يكون للهجوم آثار أوسع على العلاقات بين روسيا وتركيا والولايات المتحدة.

لا تزال التفاصيل نادرة. لكن 3 مصادر أكدت أن الهجوم حدث بالفعل، في 25 مايو/أيار، وأن "الجبهة الوطنية للتحرير" مسؤولة عنه. وقالت مصادر روسية إن الهجوم وقع على بعد 7.5 كم (4.6 أميال) من المكان الذي تعمل القوات فيه الخاصة الروسية.

يأتي الهجوم في الوقت الذي يشن فيه جيش النظام السوري، بدعم جوي روسي، هجوما على المحافظات الشمالية الغربية في سوريا، التي تتمركز فيها المعارضة المدعومة من تركيا. ويعد الأمر الجدير بالملاحظة حول هجوم "الجبهة الوطنية للتحرير" هو أنه لم يستهدف القوات السورية أو الوكلاء المدعومين من روسيا ولكن القوات الروسية نفسها. ويمكن للهجوم أن يعني بضعة أشياء، وقد يكون مؤشرا على أن تركيا بدأت تفقد السيطرة على المعارضة السورية التي تدعمها؛ ما أدى إلى قيام إحدى وحدات "جبهة التحرير الوطني" بعملها بشكل منفرد. ومن المحتمل أيضًا أن تكون تركيا أجازت الهجمات، أو على الأقل لم توقفها، في محاولة للضغط على روسيا لإجبار دمشق على التراجع عن هجومها على محافظات الشمال الغربي.

ورغم أنه من الصعب تحديد أي من هذه التفسيرات هو الأكثر ترجيحًا، فإن أيًا منهما سيكون له عواقب تمتد إلى ما وراء سوريا. وإذا فقدت تركيا السيطرة على بعض مجموعات المعارضة التي تدعمها شمال غربي سوريا، فسيكون من الصعب على روسيا وتركيا العمل سويًا للتوصل إلى حل لعمليات التصعيد الأخيرة. ولدى تركيا عدد من المصالح في محافظتي إدلب وحماة، لكن ربما تكون مصلحتها الأكثر إلحاحًا هي منع التدفق الجماعي للاجئين عبر الحدود، والذي قد ينجم عن هجوم بري واسع النطاق. وتكتسب تركيا نفوذها مع روسيا من قدرتها على التحكم في تصرفات الفصائل المعارضة في شمال سوريا، وكان جزء من اتفاق تركيا مع روسيا يتضمن تحجيم  "هيئة تحرير الشام"، وهو التزام فشلت تركيا في الوفاء به.

ومع ذلك، تقود معظم الإشارات في الوقت الحالي إلى أن روسيا وتركيا تعملان معًا بشكل وثيق لتثبيت وقف إطلاق نار جديد. وذكرت وكالة الأنباء الروسية "تاس" يوم 31 مايو/أيار أن البلدين كانا على وشك الوصول إلى شكل ما من الاتفاق، وكان هناك عدد من التقارير على مدى الأسبوع الماضي يفيد بأن تركيا قامت بزيادة تسليح المعارضة التي تدعمها في الشمال الغربي من أجل صد هجوم "الأسد". ومن الصعب أن نتخيل أن تركيا تفقد نفوذها على أي من هذه المجموعات في الوقت الذي تزيد إمداداتها من الأسلحة إليهم.

في الوقت نفسه، لا تفصل تركيا سوى أسابيع قليلة عن تلقي أنظمة "إس-400" الروسية، وهي قضية ألقت بظلالها هلى العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا، بل دفعت الولايات المتحدة إلى منع تركيا من استلام مقاتلات "إف-35" الأمريكية التي تشارك تركيا بنشاط في تطويرها منذ بداية برنامح تطوير الطائرة. ومن المؤكد أن أنقرة تدرك أن السماح بالهجمات على القوات الروسية في سوريا يمكن أن يكون وصفة لإفشال الصفقة التي خاطرت بعلاقاتها مع الولايات المتحدة من أجلها، ما لم تكن تركيا تعتقد أن لديها خطة احتياطية يمكن الاعتماد عليها. وما زال الحوار بين الولايات المتحدة وتركيا حول بدائل "إس-400" مستمرًا لذلك من الممكن أن يكون الطرفان قد توصلا إلى بوادر اتفاق أعطى تركيا حرية أكبر للتصريح بمواجهة القوات الروسية. وهذا يعني المزيد من الأخبار السيئة بالنسبة لروسيا التي كانت تأمل في أن تضر العلاقات الأمريكية التركية الضعيفة بموقع تركيا في الناتو.

وإذا كانت تركيا على استعداد للسماح بهجوم على القوات الروسية، فقد تكون على استعداد لتحمل مخاطر أكبر للدفاع عن موقعها في شمال غربي سوريا ضد أي هجوم من قبل النظام وحلفائه الروس. وفي الوقت الحالي، تبدو روسيا مستعدة للتفاوض بشأن شمال غرب سوريا؛ لأنها ليست في عجلة من أمرها لدفع تركيا بقوة للعودة إلى معسكر أمريكا.

ومهما كان الأمر، فإن هذا الهجوم يذكرنا بوضوح أنه على الرغم من التغطية المتفائلة لتحسن العلاقات بين تركيا وروسيا، فلا تزال هناك مصالح متضاربة بين البلدين، بما في ذلك في سوريا. وحتى لو تمكن البلدان من التعاون في أنظمة الطاقة والأسلحة، فإنهما يظلان عالقين في حرب بالوكالة في شمال غرب سوريا. وهناك أسباب جوهرية وراء خوض هذه الحرب مرات لا تحصى منذ ظهور الإمبراطورية الروسية، ولا تزال هذه الأسباب التي أدت إلى هذه المنافسة طويلة الأمد مهمة وقائمة حتى اليوم.

المصدر | جيوبوليتيكال فويتشرز

  كلمات مفتاحية