استشاري مصري: شرعا لا يجوز للحائض الإفطار خلال رمضان

السبت 1 يونيو 2019 11:06 ص

أعاد استشاري الصحة النفسية والطاقة الحيوية المصري "أحمد عمارة"، نشر مقطع فيديو له تطرق فيه سابقا إلى تشريع صيام المرأة أثناء فترة الحيض في شهر رمضان الكريم.

ونشر "عمارة" الذي يمتلك قاعدة جماهيرية ضخمة في العديد من الدول العربية، بعدد مشتركين في قناتيه على يوتيوب يتجاوز 660 ألف مشترك، فيديو مثير للجدل بشأن شهر رمضان على صفحته على فيسبوك، التي يتابعها أكثر من 3.5 مليون شخص، جاء فيه أنه لا يجب على المرأة الحائض الإفطار في رمضان، وهو ما تسبب بجدل واسع.

وقد شوهد الفيديو أكثر من 650 ألف مرة منذ رفعه قبل نحو 3 سنوات، وأثار الاهتمام وعاصفة من التعليقات نظراً لما تضمنه من آراء مغايرة لما هو معهود ومألوف في شهر رمضان.

ورغم تخصصه وحصوله على شهادات علمية في مجالات الباراسيكولوجي والميتافيزيقيا والطاقة الحيوية وعلم النفس المعرفي، غالبا ما يعمد "عمارة" إلى ربط تلك العلوم بالأديان والشريعة الإسلامية مستشهدا بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ومستندا إلى العلوم التي تلقاها خلال دراسته في الأزهر وفي جامعة إسلامية بالسعودية حيث كان لـ"علم النفس الاسلامي جانبا كبيرا دفعه للتفكير والاطلاع أكثر على الثقافة الإسلامية النفسية" كما يقول.

وقد كانت مسألة حكم صيام المرأة في رمضان خلال أيام الحيض الشهرية، إحدى القضايا التي تطرق إليها "عمارة" في هذا الفيديو، إذ استهجن ما هو متعارف عليه شرعا من امتناع الحائض عن الصيام.

ويرى "عمارة" أنه لم يرد في تلك المسألة أمر ولا نهي قرآني أو نبوي، وأن النساء المسلمات يخطئن بإفطار رمضان خلال أيام الحيض.

وقال مخاطبا متابعاته من النساء: "يوم القيامة ربنا هيحاسبك" متحديا إياهن أن يجدن جوابا غير اتباع السلف عندما يُسألن عن عدم صيام رمضان كاملا.

وأبدى أسفه لإذعان بعض النساء لضغوط المحيطين بهن عندما يُرغمن على الإفطار أحيانا وهن صائمات بدعوى أن هذا الفعل حرام أو منهي عنه.

واستغرب قبول النساء بذلك وإفطارهن "رغم أننا نعرف أن إفطار يوم عمد في رمضان لا يضاهيه صيام الدهر كله" متسائلاً باستنكار: "أنت بتعبدي مين؟!".

وفي الفيديو يحاجج "عمارة" بأن ما ورد في القرآن والسنة بشأن أحكام الصيام يفتقر إلى ما يدعم إفطار الحائض، منوها إلى أن العادة جرت أن يتم ذلك وكأنه أمر مسلم به استنادا إلى "استباطات" بشرية غير صحيحة.

ويرى "عمارة" أنه لا يجوز للمرأة أن تفطر في رمضان خلال أيام الدورة الشهرية، إلا إذا داهمها المرض في هذه الأيام فعندها يمكن أن تأخذ بـ"رخصة المرض" فتفطر في هذه الأيام على أن تقضيها لاحقاً لا أن تفطر كامل أيام الدورة.

وقد أعربت بعض المتفاعلات مع الفيديو عن اقتناعهن بما قاله من حجج وأسانيد وأعلن أنهن لن يفطرن في رمضان كما اعتدن بل أن البعض منهن أعربن عن سعادتهن لذلك نظرا لحالة الاستياء والحزن التي كن يمررن بها إذا ما صادفت أيام الحيض العشر الأواخر من رمضان.

وفي المقابل شكل هذا الرأي صدمة لدى بعض النساء وحتى الرجال الذين اعترضوا عليه متعللين بحاجة المرأة الماسة للطعام والشراب خلال فترة الحيض.

وقالت دار الإفتاء المصرية في رد على "بي بي سي"، لاستيضاح موقفها من رأي "أحمد عمارة" الذي أقنع الكثيرين، وقد جاءت الإجابة قاطعة بأنه "لا يجوز للمرأة الحائض الصوم في نهار رمضان".

وورد في تفاصيل الفتوى: "جاءت أحكام بينها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ونقلت عنه نقلًا صحيحًا ودونها العلماء في كتبهم، وقد جاء فيها إجماع من السلف والخلف، ومن هذه الأحكام الشرعية المرعية: أحكام الحائض؛ ومن أحكام الحائض المجمع عليها سلفًا وخلفًا، أنها لا تصوم إذا نزل عليها دم الحيض، بل يجب عليها أن تفطر ثم تقضي ما عليها من أيام لم تصمها في حيضتها، وهذا التشريع النبوي لا شك ولا ريب أن فيه رحمة بالمرأة".

وقد ساقت دار الافتاء للتدليل على "وجوب فطر الحائض وامتناعها عن الصلاة" الأدلة ذاتها التي ساقها "عمارة" من الكتب الجامعة للأحاديث والسيرة النبوية.

وأشارت في هذا السياق إلى قول الرسول: "أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم ... فذلك من نقصان دينها" إلى جانب ما رُوي عن زوجته "عائشة" التي قالت: "كُنَّا نَحِيضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ نَطْهُرُ، فَيَأْمُرُنَا بِقَضَاءِ الصِّيَامِ، وَلَا يَأْمُرُنَا بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ".

ويرى "عمارة" أن تلك الشواهد ليس فيها ما يقطع بوجوب إفطار أو عدم جواز صيام المرأة الحائض في رمضان وأن هذه الاستنتاجات أو ما يسميها هو بالـ"استنباطات" قد جاوزت القدر المسموح به (وهو الإفطار برخصة المرض) لتشمل الإفطار بالعموم وبمجرد نزول دم الحيض.

كما اعتبر أن في هذا تغليب على ما ورد في القرآن بهذا الشأن وانجرار أعمى وراء السلف والإجماع، ناصحا بالتدبر والتفكر بدلا من الانسياق وراء ما هو سائد ومألوف.

أما فتوى دار الإفتاء فقد نصت على أن َ"الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ دَمَ النِّفَاسِ هُوَ دَمُ الْحَيْضِ، وَحُكْمُهُ حُكْمُهُ. وَمَتَى وُجِدَ الْحَيْضُ فِي جُزْءٍ مِنْ النَّهَارِ فَسَدَ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، سَوَاءٌ وُجِدَ فِي أَوَّلِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ، وَمَتَى نَوَتْ الْحَائِضُ الصَّوْمَ، وَأَمْسَكَتْ، مَعَ عِلْمِهَا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ، أَتَمَّتْ، وَلَمْ يُجْزِئْهَا".

كما نفت الدار أن يكون معنى حديث السيدة "عائشة"، وما ورد فيه من عبارة "نؤمر بقضاء الصوم" هو أداء الصوم حال نزول دم الحيض، منوهة إلى أن فعل "الصوم يكون بعد الطهر، وليس حال الحيض".

المصدر | الخليج الجديد + بي بي سي

  كلمات مفتاحية