كاتبة سعودية تقترح مبدأ الحصص على أساس الجنس لتمكين المرأة

السبت 1 يونيو 2019 11:06 ص

تسعى المملكة العربية السعودية لتعزيز تواجد السيدات في سوق الشغل وذلك عبر تطبيق مبدأ الحصص على أساس نوع الجنس، حتى ترتفع حظوظ السعوديات في الحصول على حقهن في شغل مناصب حكومية عليا، وزيادة تمثيلهن في الوظائف العمومية المتدنية مقارنة بالوظائف الخاصة.

وفي مقال للكاتبة والصحفية السعودية "نجاح العتيبي"، قالت إن تمكين المرأة  في السعودية يعد "حالة كلاسيكية للتقدم خطوتين إلى الأمام، ثم الرجوع خطوة إلى الوراء".

وتابعت في مقال لها في صحيفة "العرب"، أنه "على الرغم من اعتقال العديد من الناشطات، فإن تعيين هند الزاهد والأميرة ريما بنت بندر بن سلطان في مناصب رئيسية في الحكومة السعودية يمثل علامة مهمة للبلد".

وتعتبر "هند الزاهد" أول وكيل للمملكة لتمكين المرأة، والأميرة "ريما"، التي ستمثل المملكة في الولايات المتحدة، هي أول سفيرة للمملكة العربية السعودية.

وقد أثار تعيينهما في الحكومة طموح العديد من النساء السعوديات اللائي يرغبن في تمثيل الدولة في الحكومة، لكن ذلك يبرز أيضا التباين المتزايد في المكاسب التي تحققها العاملات في القطاعين العام والخاص في المملكة، بحسب المقال.

وبموجب رؤية "2030"، نفذت الحكومة برامج حققت بعض النجاح في رفع معدل مشاركة المرأة في القوى العاملة في المملكة، ولكن لم تنعكس هذه الجهود في القطاع العام.

وتقول الكاتبة "نجاح العتيبي" إنه "من المفهوم أن الحكومة تحاول تقليص رواتبها في ظل انتقالها من اقتصاد تقوده الدولة إلى اقتصاد يحركه السوق. ومع ذلك، ينبغي موازنة هذا الدافع بجهد منسق لزيادة تمثيل المرأة في الحكومة، وخاصة في المستويات العليا. ويمكن للحكومة السعودية تحقيق ذلك من خلال فرض نظام الحصص على أساس نوع الجنس".

وعلى الرغم من أن نتائج دفع المملكة لاستبدال العمال المغتربين في القطاع الخاص بمواطنين سعوديين كانت متفاوتة، فقد حققت النساء السعوديات، في إطار رؤية 2030، مكاسب لا جدال فيها، برأي الكاتبة.

وتتابع "نجاح": "عام 2011، عين القطاع الخاص 90 ألف امرأة، واليوم، ارتفع هذا الرقم إلى 600 ألف، أي ما يعادل 31% من جميع العاملين في القطاع الخاص السعودي".

والجدير بالذكر أن هذا الرقم لا يزال في ارتفاع على الرغم من التباطؤ الاقتصادي الملحوظ الذي صاحبته إجراءات التقشف، بما في ذلك الزيادات الحادة في أسعار الكهرباء والمياه والبنزين، وفقد العمالة الوافدة الأرخص وفرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%.

أما في القطاع الخاص، تحتل النساء السعوديات حوالي 39% من إجمالي عدد موظفيها في جميع الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتحتل العديد منهن مناصب عليا يتمتعن من خلالها بسلطة حقيقية لصنع القرار.

وينطبق هذا بشكل خاص على الخدمات المصرفية والمالية والصحة والخدمات الإنسانية والصحافة والأعمال، بما في ذلك الشركات الضخمة المملوكة للعائلات مثل مجموعة العليان.

وكان قرار الحكومة بتعديل سياسات العمل في المملكة مسؤولا جزئيا عن الزيادة. وفي عهد العاهل السعودي الملك "عبدالله بن عبدالعزيز"، فتحت المملكة العديد من صناعات البيع بالتجزئة التي كانت مغلقة في السابق للموظفات من النساء السعوديات، مثل محلات البقالة ومحلات الملابس ومستحضرات التجميل والصيدليات.

كما عجّلت الحكومة السعودية العملية من خلال تخفيف قوانين الفصل بين الجنسين في مكان العمل، ووضع حد لحظر القيادة على النساء ووقف اللوائح التي تمنع النساء من امتلاك مشروع تجاري دون موافقة الأوصياء الذكور.

وقدمت برامج تدريبية تهدف إلى زيادة عدد النساء العاملات في القطاع الخاص مثل "هدف"، و"وصول"، و"قرة".

وتضيف الكاتبة السعودية: "إذا كانت النساء السعوديات أكبر الفائزين في القطاع الخاص، فيمكن القول إنهن أكبر الخاسرين في القطاع العام، حيث بموجب رؤية 2030، تعهدت السعودية بتقليص حجم الخدمة المدنية بنسبة 20% بحلول نهاية عام 2020. وتتحمل النساء السعوديات كنتيجة لذلك العبء الأكبر من هذه التخفيضات، مع تقلص عدد الموظفات الحكوميات من 700 ألف في عام 2016 إلى 500 ألف في عام 2018، أي انخفاض بنسبة 28% في غضون عامين".

وتابعت أنه بالإضافة إلى الانخفاض السريع في عدد الموظفات الحكوميات، تشغل 1.3% فقط من النساء السعوديات مناصب عليا في الحكومة، وهي أدنى نسبة في مجموعة العشرين. ولا توجد نساء سعوديات محافظات أو وزيرات أو مستشارات كبيرات.

وتم انتخاب النساء لعضوية المجالس البلدية وهن يشكلن 20% من مجلس الشورى، وهو هيئة استشارية شبه برلمانية، ولكن لا يتمتعن بسلطة حقيقية لصنع القرار.

وتعد "تماضر الرماح"، نائبة وزير العمل والتنمية الاجتماعية، أعلى امرأة تشغل منصبا في الحكومة، وهي أيضا نائبة الوزير الوحيدة.

وتستطرد "نجاح العتيبي": "الحكومة وقعت الآن في مأزق. فمن ناحية، تحتاج الحكومة إلى تقليل عدد المواطنين السعوديين في العمل الحكومي، ومن ناحية أخرى، فإن تمكين المرأة السعودية الراغبة في العمل ضروري لتنفيذ التحول الاقتصادي. وقد يكون إدخال أنظمة الحصص على أساس نوع الجنس في الحكومة أفضل طريقة لتحقيق التوازن بين هذه الأولويات المتنافسة".

مشيرة إلى أن "ما يقرب من نصف دول العالم تفرض أنظمة الحصص هذه لتمثيل المرأة في الحكومة، وتضم هذه القائمة العديد من الدول العربية، حيث في دولة الإمارات، على سبيل المثال، سيتم تخصيص 50% من مقاعد المجلس الوطني الاتحادي (هيئة شبه برلمانية) للنساء في الانتخابات المقبلة".

ومع ذلك، ستحتاج الحكومة السعودية إلى المضي بحذر إذا كانت ترغب في تجنب الانتقاد من المحافظين، الذين رحبوا باحتجاز النساء الناشطات في القيادة، ووصفوهن بأنهن يحاولن فرنجة الحكومة، بحسب الكاتبة.

وفي حين أن الحكومة يمكن أن تدعي بشكل معقول أن توظيف النساء في القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق اقتصاد سوقي قابل للتطبيق وقوة عمل وطنية تحتاج إلى إبقاء المملكة على قيد الحياة، إلا أنه لا يوجد مثل هذا الأساس المنطقي للوظائف الحكومية.

وبالتالي، ينبغي أن تهدف المملكة إلى تخصيص حصة أكثر تواضعا من دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يعد ضمان تمثيل المرأة في جميع قطاعات الحكومة أكثر أهمية من فرض المساواة بين الجنسين.

وبعد ذلك، تحتاج المملكة إلى رفع عدد المشاركات النسائية في مناصب السلطة وفقا لرؤية 2030، والتي تهدف إلى زيادة تمثيل النساء في الوظائف الحكومية العليا إلى 5%.

وفي الوقت الذي تتراجع فيه قوة ونفوذ المحافظين السعوديين، فإنها لم تختف تماما، وكذلك الحواجز الاجتماعية والثقافية التي فرضتها منذ عقود. وفي ظل هذه الظروف، فإن تطبيق مبدأ الحصص على أساس نوع الجنس يعد أفضل طريقة لضمان الحفاظ على صوت المرأة السعودية في الحكومة وفي مستقبل بلدها.

المصدر | الخليج الجديد + العرب

  كلمات مفتاحية