غزاويات يواجهن الفقر بزراعة قطعة أرض

السبت 1 يونيو 2019 12:06 م

في حقل زراعي، ببلدة خزاعة، جنوبي قطاع غزة، تعمل خمس نساء بجد، في تجربة جديدة، يأملن أن تغير حياتهن، وتساعدهن على مواجهة تحديات معيشية.

ولا يعد عمل النساء في الزراعة، في هذه المناطق الحدودية، المحاذية للسياج الفاصل مع (إسرائيل)، أمرا مألوفا، لكن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعشنها، هي من أجبرتهن على ذلك.

وتمكنت النساء الخمس، من تحدي الظروف، ونجحن في زراعة عشرة دونمات (الدونم 1000متر مربع)، بخمسة أصناف مختلفة من البطاطس.

ومع بزُوغ أشعة الشمس، تخرج "ابتهال النجار" (45 عاما)، تعمل في المشروع الزراعي الذي يشرف عليه مركز العمل التنموي-معا (غير حكومي)، وتموله مؤسسة (أوكسفام)، برفقتها زميلاتها "نسرين قديح" (39 عاما/أم لـ5)، و"إيمان قديح" (27 عاما/4 أطفال)، وسحر أبو يدة (44 عاما/4 أطفال)، و"مي قديح" (31 عاما).

ويتعاون خمستهن في ري وتسميد وتعشيب الأرض، ورش المبيدات بأنفسهن، منذ استئجارها وزراعتها بالبطاطس.

وتعيش النساء الخمس، تجربتهن الأولى هذه، بهمة عالية، وعمل دؤوب، لإنجاح المشروع البالغ مدته عام، وإثبات قُدرتِهن على تحدي الظروف والواقع.

وتقول "ابتهال النجار"، وهي أم لستة أبناء، أعمارهن بين 25 و15 عاما، لذات المصدر: "قبل بداية المشروع، تلقينا مع 60 امرأة ريفية، ندوات ودورات، حول التمكين الاقتصادي والنفسي والاجتماعي، والتعلم على طرق الزراعة، ثم تم اختيارنا نحن الخمس لتنفيذ هذا المشروع".

وأنهت "ابتهال النجار" دراسة الرياضيات بالجامعة، قبل 23 عاما، لكنها لم تتمكن من العمل، وانخرطت في مهنة الزراعة منذ سنوات لمساعدة زوجها المريض، غير قادر على العمل، كي تُعيله وأطفالها.

وتضع "ابتهال النجار"، على أنفها كمامة طبية، وفي يديها قفازات طبية، لتقي نفسها مخاطر السماد الزراعي الكيميائي، وتضع كمية منه في برميل مياه، قبل رشه على الأرض؛ قائلة: "أعلم جيدا أنها مهنة شاقة، لكن لم نجد بديلا، وحياتنا أصبحت صعبة، إما أن نعيل أنفسنا أو نقف عاجزين مستسلمين للظروف".

وتشير "ابتهال النجار" إلى أن المؤسسة الممولة (مركز العمل التنموي-معا) تدفع أجرة استئجار الحقل الزراعي، وتوفر البذور وخراطيم المياه، والسماد والأدوية الزراعية.

وتوضح أنهن تلقين "تدريبات عملية ونظرية في حقل زراعي على كيفية الزراعة، بإشراف من مهندس زراعي، ما زال يتابع ويشرف ويتفقد المشروع بين فينة وأخرى".

وتضيف "ابتهال" بثقة: "بالإمكان أن نتحدث عن أننا حققنا نجاحا".

وتلفت إلى أنها تصل الحقل، قرابة الساعة السابعة صباحا وتعود وزميلاتها لمنازلهن ما بين الرابعة والسابعة مساء بشكل شبه يومي، وهو ما كان يمثل صعوبة في كيفية التوفيق بين المنزل والعمل.

لكنها تشير إلى أن أزواجهن اقتنعن بالفكرة، وقبلن لهن بالعمل في هذا المجال.

وتبين "ابتهال" أنهن تغلبن على مشكلة الموازنة بين العمل المنزلي والزراعي، وغيرن نظرة المجتمع تجاه عمل النساء في هذا المجال.

وتابعت: "في البداية، البعض شكك في المشروع وجدواه، وعندما نجح، تشجعت نساء أخريات، وأصبحن يسألن عن كيفية الحصول على مشاريع مماثلة".

على بعد أمتار من "ابتهال"، بدت "إيمان قديح" مُجهدة تلتقط أنفاسها، وهي تمسك بفأس تُزيل به الأعشاب الضارة؛ قائلة: "عندما وقع علينا الاختيار للعمل في المشروع، لم نكن نعلم شيئا عن زراعة البطاطس، وشق علينا الأمر".

وأضافت: "ذهبنا لمزارع وتعلمنا منها كيفية العمل نظريا وعمليا؛ وهو ما جعلنا نباشر العمل منذ حراثة الأرض وحتى نضوج المحصول في منتصف الشهر الجاري كما هو متوقع".

وتتابع "إيمان": "علمنا أنفسنا، وتحملنا مشقة العمل، وأشعة الشمس الحارقة، وتخطينا الصعوبات، ونظرة المجتمع، وضغوط العمل المنزلي، خاصة وأنني كنت أخرج في الصباح وأعود مساء مجهدة، لكننا تأقلمنا تدريجيا، حتى نجحت في التوفيق بين رعاية أبنائي وأعمالي المنزلية والزراعة".

وتوضح "إيمان" أنهن "يتعاون في كل شيء، ويعتنين بالمحصول كي تنجح التجربة، لتكن حافزا للاستمرار في الزراعة الموسم الثاني في فصل الصيف القادم، بمحاصيل أخرى".

وتوضح "إيمان" أنها أم لأربعة أطفال، أكبرهم عمره ثمان سنوات وأصغرهم عام ونصف، وحاصلة على شهادة جامعية في إدارة الأعمال، قبل خمس سنوات، لكنها لم تجد فرصة عمل في تخصصها.

وتشير إلى أنها تعمل بغرض مساعدة أسرتها حيث أن زوجها عاطل عن العمل، وتضيف: "يجب على المرأة عدم الالتفات لمحاولات التثبيط والإحباط من قبل البعض، وتحاول أن تثبت نفسها وتغير النظرة تجاهها".

وختمت حديثها قائلة: "نحن نستطيع أن نفعل، ونصنع التغيير بأنفسنا، ونقف جنبا لجنب الرجل". 

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية