لماذا فشلت قمم مكة في تحقيق أهدافها؟

الاثنين 3 يونيو 2019 11:06 ص

لمدة 3 أيام بدأت من 30 مايو/أيار، استضاف الملك السعودي "سلمان بن عبدالعزيز" القادة العرب والمسلمين لكل من مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.

وتم استدعاء هذه التجمعات ظاهريًا لمعالجة العديد من القضايا في المنطقة، من بينها إيران وسوريا والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بما في ذلك "صفقة القرن" التي تمت مناقشتها كثيرًا في واشنطن ولكن لم يعرف عنها إلى القليل.

وغني عن القول، إن إيران هي التي تحتل الصدارة في الأذهان السعودية، بالنظر إلى الانتقادات الأخيرة المتبادلة بين الولايات المتحدة وإيران والحوادث في الخليج.

المزيد من السياسة نفسها

لا شك أن هذه الاجتماعات ليست أكثر من مجرد تجمعات عرفية شوهدت خلال الأربعين سنة الماضية من العلاقات الفاترة بين البلدين.

من ناحية، تأرجح الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بين التهديد بـ"النهاية الرسمية لإيران" إلى التأكيد على أنه لا يريد حربًا.

من ناحية أخرى، يشير مستشار الأمن القومي، "جون بولتون" بإصبع الاتهام إلى إيران للهجمات الأخيرة على ناقلات النفط والأهداف السعودية، وهو أبرز الصقور الذين يدفعون الولايات المتحدة نحو الحرب.

من جانبها، ردت إيران بالمثل، وألقت باللوم على واشنطن في تصاعد التوتر، وتسببت عدة حوادث في الشرق الأوسط في تفاقم حالة عدم اليقين وعلى رأسها 4 ناقلات نفط في 12 مايو/أيار في خليج عمان والهجمات الصاروخية على أهداف نفطية سعودية في 14 مايو/أيار من قبل المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

وفي وقت سابق من الشهر نفسه، أرسلت الولايات المتحدة مجموعة حاملة الطائرات "يو إس إس إبراهام لينكولن" و4 قاذفات "بي-52" إلى المنطقة المضطربة في ضوء تهديدات غير محددة من إيران.

يبدو التوتر حول إيران في المنطقة قديما، ولكنه زاد بفعل نظام العقوبات الأقصى الذي فرضته إدارة "ترامب" على إيران منذ أن انسحب رئيس الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عام 2018.

ونجحت القيادات العنيفة المناهضة لإيران في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ناهيك عن (إسرائيل)، في إثارة الاهتمام الأمريكي بإيران. ومع ذلك، سيكون عليهم أن يجيبوا في أنفسهم عن سؤال حول ما إذا كانت الحرب مع الجمهورية الإسلامية هي بالضرورة في صالحهم.

وهكذا فإن التكهنات تقول إن المقصود باجتماعات مكة المكرمة كان هو تخفيف حدة التوترات من الاحتماء بالجهود الدبلوماسية، رغم أن إيران لم تكن جزءا من هذه الجهود، وأيضا إظهار توحد جعل جميع المسلمين/العرب حلف النهج السعودي.

ولمحاولة إظهار المزيد من مظاهر الوحدة، دعا العاهل السعودي الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني" لحضور الاجتماعات رغم استمرار الحصار الذي فرضته السعودية ضد قطر منذ عام 2017 بسبب علاقة الدوحة بإيران وكذلك علاقاتها الودية مع جماعة "الإخوان المسلمون".

ورغم ذلك، لم يسافر أمير قطر إلى مكة، بل أرسل رئيس وزرائه الشيخ "عبدالله بن ناصر آل ثاني" مكانه، ولم "ينحن" قطر في مواجهة ضغوط المملكة العربية السعودية ودول الحصار وتواصل الدوحة الحفاظ على علاقاتها الوثيقة مع طهران.

ولكن من الناحية النظرية على الأقل، فإن فكرة دعوة قطر للعودة إلى الحظيرة الخليجية ومحاولة استخدام الدبلوماسية القطرية لفتح القنوات بين دول الخليج وإيران بدت خطة معقولة.

تبدد الآمال

لكن وقائع اجتماعات مكة بددت هذه الفكرة، واستخدم الملك "سلمان" منصة المضيف في مكة لإلقاء اللوم على إيران في الهجمات الأخيرة على الناقلات والمنشآت النفطية، فيما حصل رئيس الوزراء القطري على استقبال فاتر من قبل ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، رغم أن موقف الملك السعودي "سلمان" كان أكثر احتفاء.

ولا تتعلق العقوبات، التي فرضت بالفعل خسائر فادحة على الاقتصاد الإيراني، بإلحاق الأذى بطهران، ولكن يفترض أنها تهدف إلى معالجة قضايا حقيقية، مثل برنامجها النووي والصاروخي وتدخلاتها في الشؤون الإقليمية.

وكي تنجح العقوبات حقًا، يجب أن يكون هناك مسار دبلوماسي يسمح للإيرانيين بمعالجة مخاوف واشنطن وشواغلهم الخاصة دون حدوث نزاع، وفي الوقت الحاضر، فإن هذا غير موجود.

وأكد "ترامب" في وقت سابق إنه مستعد للتحدث مع طهران، ولا تزال إيران مهتمة بالحفاظ على الاتفاق النووي، وتبقى المنطقة في حاجة ماسة إلى دبلوماسية حقيقية، ليس فقط بشأن مسألة إيران.

وتعد الدبلوماسية المدروسة والهادئة والهادفة الوسيلة الأكثر نجاعة في حل الخلافات، وعلى الأقل، فإنها يمكن أن تكون بمثابة فترة راحة مرحب بها من الخطابة القبيحة غير المناسبة بين واشنطن وطهران، وتهدئة للأعصاب المتوترة في المنطقة.

لكن سيتعين على العالم انتظار نتائج ملموسة في سلوك السعودية وواشنطن قبل أن يتنفس الصعداء، ولا يبدو أن الإشارات المبكرة توحي بالخير.

المصدر | غاري غرابو - فير أوبزرفر

  كلمات مفتاحية