صفقة القرن.. فشل متوقع لخطة كوشنر المحفوفة بالمخاطر

الأحد 9 يونيو 2019 01:06 م

"لو كانت لدينا القدرة على شراء حل للصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لقمنا بذلك منذ فترة طويلة.. الأمر لا يتعلق بالمال.. هكذا تحدث الدبلوماسي الأمريكي السابق "أرون ديفيد ميللر" عن رؤية إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" المعروفة إعلاميا باسم "صفقة القرن".

وأضاف "ميللر" الذى عمل بوزارة الخارجية الأمريكية، وقدم نصائحه للعديد من الإدارات بشأن الشرق الأوسط، أن "الإخفاق له ثمن.. وتكرار الإخفاق يكلف ثمنا أفدح".

ووجه الخبير الأمريكي الذي يعمل حاليا زميلا لدى مركز "وودرو ويلسون"، نصيحة إلى مستشار "ترامب" وصهره "غاريد كوشنر"، والذي يتولى هذا ملف الصفقة، بضرورة أن "يتذكر عند الانخراط في قضايا الشرق الأوسط قسم أبقراط الذي يتطلب عدم إلحاق الضرر".

وخلال الأشهر الماضية، عجز "كوشنر" عن إقناع الفلسطينيين بخطته للسلام، والتي من المحتمل أن تقدم حال الكشف عنها، مكاسب مالية، بينما تتجاوز القضية الأساسية، ألا وهي "إقامة دولة فلسطينية".

كما أنه لم يكتب النجاح لأسلوب "العصا والجزرة" الذي يتبعه "ترامب"، في التعامل مع الفلسطينيين، حيث التلويح بخفض المساعدات، مع الحديث عن احتمالات تحقيق نمو اقتصادي.

وفى الوقت نفسه، تتجه (إسرائيل) نحو إجراء انتخابات للمرة الثانية خلال العام الجاري، مما يجعل من المستحيل على الجانب الآخر التوصل إلى أي صفقات في هذا الوقت.

وتعتزم الحكومة الفلسطينية مقاطعة مؤتمر الاستثمار، المقرر أن تنظمه الولايات المتحدة في البحرين، أواخر الشهر الجاري، لتقديم خطة "كوشنر".

والخطة التي وصفها "ترامب" بأنها "صفقة القرن" تهدف إلى تشجيع الدول العربية المانحة على الاستثمار في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل الخوض في القضايا السياسية الشائكة في قلب الصراع.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت الدول العربية سوف تقف وراء هذه الخطة الاستثمارية أيضا.

وتشارك الإمارات والسعودية في الورشة الاقتصادية، والتي تعتبر مقدمة لبدء تنفيذ الصفقة، وذلك رغم دعوات صدرت عن السلطة الفلسطينية وحركات "فتح" و"حماس" و"الجهاد"، تطالب بمقاطعة المؤتمر، باعتباره ترويجا لـ"صفقة القرن".

من جانبه، قال مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة "رياض منصور": "لا نرغب في المشاركة في هذه التمثيلية الهزلية".

وأضاف: "يحاولون أن يبدو الأمر وكأنهم يريدون تحسين مستوى حياتنا، ولكن الأمر المستتر وراء ذلك يتمثل في دفعك إلى القبول باستمرار الاحتلال".

والأسبوع الماضي، قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن وزير الخارجية الأمريكية "مايك بومبيو"، قدم تقييما متشائما لآفاق خطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط التي طال انتظارها.

وفي اجتماع مغلق، الثلاثاء الماضي، مع رؤساء كبرى المنظمات اليهودية الأمريكية، وهي مجموعة تتخذ من نيويورك مقرا لها، وتهتم بأمور الجالية اليهودية، قال "بومبيو": "ربما يجادل البعض أن الخطة (صفقة القرن) غير قابلة للتنفيذ، وأنها ربما لا تكتسب زخما"، معربا في الوقت ذاته عن أمله في أن لا يتم رفضها.

ورغم عدم الكشف بعد عن تفاصيل خطة السلام، يرى الفلسطينيون وبعض المسؤولين العرب أنها منحازة بشدة لصالح (إسرائيل) وتحرم الفلسطينيين من إقامة دولة لهم.

كشف ذلك، "كوشنر"، عندما قال في كلمة أمام معهد سياسات الشرق الأدنى بواشنطن، قبل أيام: "إذا قلت دولتين، فإن ذلك يعني شيئا بالنسبة للإسرائيليين، ويعني شيئا آخر بالنسبة للفلسطينيين (..) لذا قلنا: دعونا ألا نقول ذلك".

وردا على سؤال عما إذا كان يعتقد بقدرة الفلسطينيين على حكم أنفسهم، قال "كوشنر": "اعتقد إنه سؤال جيد جدا، اعتقد أنه سؤال جدير بالدراسة، إننا نأمل أن يتمكنوا بمرور الوقت من حكم (أنفسهم)".

يأتي ذلك، بعد الضرر الذي ألحقته إدارة "ترامب" بالفلسطينيين، عندما قطعت مساعدات تقدر بعشرات الملايين من الدولارات للفلسطينيين، من بينهم سكان قطاع غزة الذين يعانون من فقر مدفع.

وزاد من حدة غضب العرب والمسلمين في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط، قيام "ترامب" بنقل سفارة بلاده إلى القدس، ثم اعترافه بعد ذلك بسيادة (إسرائيل) على مرتفعات الجولان، التي احتلتها (تل أبيب) خلال حرب يونيو/حزيران 1967.

ورغم أن هذه التحركات أدت إلى مزيد من التقارب بين إدارة "ترامب"، ورئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، فإنها أغضبت الفلسطينيين.

هذا الغضب، دفع رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي السابق "غادي إيزنكوت" إلى تحذير الإدارة الأمريكية من مخاطر انفجار موجة عنف فى الضفة الغربية، مشيرا إلى أن الخفض الحاد مؤخرا في المساعدات الإنسانية والأمنية يزيد من التوتر في المنطقة، وفقا لما أوردته القناة "13" الإخبارية.

ولكن "كوشنر" استبعد الفكرة القائلة بأن عدم القيام بشيء ربما يكون أفضل من إلحاق الضرر، وقال: "إذا كنت تريد عمل شيء ما أفضل، عليك أن تتحمل مخاطر إمكانية تدهور الوضع إلى الأسوأ".

ووفقا لتسريبات حول بنود الصفقة، فإنها لن تشمل أي إشارة لقيام "دولة فلسطينية"، وإنما "حكم ذاتي موسع"، وبالتالي لن تكون للكيان الجديد حدود دولية، لكن من المتوقع أن تشمل حدود مساحات للحكم الذاتي التي ستضم غزة وبعض أحياء الضفة الغربية.

والخطة الأمريكية، سوف تتضمن الإشارة إلى بلدة أبوديس الملاصقة للقدس، ليس بوصفها عاصمة، لأن لا دولة هناك، وإنما ستشير لكونها "مقر السلطة الفلسطينية" المسؤولة عن الحكم الذاتي للفلسطينيين.

ولا تتضمن الخطة أي حديث عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين في الصفقة.

المصدر | الخليج الجديد + د ب أ

  كلمات مفتاحية