ستراتفور: نتنياهو يقود إسرائيل لانتخابات جديدة بلا هامش للخطأ

الثلاثاء 11 يونيو 2019 01:06 م

مرة أخرى بناءً على طلب رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو"، تتجه (إسرائيل) للانتخابات، حيث يسعى تيار الوسط ممثلا في حزب "أزرق - أبيض" بقيادة رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي السابق "بيني جانتز" إلى الإطاحة بحكم الليكود الطويل، بينما يتنافس حلفاء الليكود مع بعضهم البعض على السيطرة على الأصوات اليمينية للحفاظ على أقصى قدر من التأثير في محادثات الائتلاف المقبل، ويحاول "نتنياهو" أن يجمع تحالفًا محافظًا بينما يتصدى لهجمات سياسية متزايدة من جانب منافسيه الرئيسيين بسبب اتهامات الفساد.

وستكشف نتيجة الانتخابات الإسرائيلية المفاجئة، والتي تكشف عن انقسامات السياسة والمجتمع في البلاد، كيف ستتطور استراتيجية (إسرائيل) في الداخل والخارج في السنوات المقبلة. وإلى جانب السؤال الفوري حول من سيكون رئيس وزراء (إسرائيل) المقبل، ستسلط الانتخابات مرة أخرى الضوء على مستقبل (إسرائيل).

داخليا، سوف يحسم النصر الانتخابي من له اليد العليا في حروب (إسرائيل) الثقافية المشتعلة بين الناخبين الحريديم والمتطرفين الأرثوذكس وبين مواطنيها العلمانيين والقوميين.

وسوف تختبر الانتخابات مدى قدرة "نتنياهو" على البقاء في الحكم متغلبا على تهم الفساد المعلقة. وخارجيا، سوف يتعين على الحكومة المقبلة أن تتعامل مع النفوذ الإقليمي لإيران، وعدم الاستقرار في غزة، وخطة السلام الفلسطينية المحتملة للبيت الأبيض، والإمكانات الدائمة للحرب مع حزب الله.

جولة انتخابية ثانية

على الرغم من المواضيع المشتركة، فإن انتخابات 17 سبتمبر/ أيلول المنتظرة ليست بمثابة إعادة كاملة لانتخابات الربيع. فمن ناحية، سوف تكون نقاط الضعف السياسية لـ"نتنياهو" أكثر وضوحا، ولا يقتصر الأمر على فشله في تشكيل ائتلاف جديد بعد فوزه ظاهريًا في انتخابات 9 أبريل/ نيسان، ولكن مكائده السياسية لضمان الحصانة من المقاضاة بتهمة الكسب غير المشروع أصبحت أكثر وضوحًا خلال محادثات الائتلاف الفاشلة.

بالإضافة إلى ذلك، سعى "نتنياهو" إلى تأمين ولاء اليمين الديني من خلال تقديم تنازلات، بما في ذلك الفصل بين الجنسين في الخدمات العامة والمساحات، فضلاً عن المرونة في الخدمة العسكرية، مما أثار غضب العلمانيين والقوميين في (إسرائيل).

كما طرح إمكانية إضعاف إشراف المحكمة العليا على الكنيست وتجريدها من قدرته على إسقاط القوانين البرلمانية، وهي خطوات رآها الكثيرون جزء من محاولة "نتنياهو" لكسب الحصانة من المقاضاة.

يخلق هذا السرد تحديا جديدا لـ"نتنياهو" والليكود وأحزاب اليمين في (إسرائيل) حيث ستوفر الانتخابات استفتاء فعالا على حكم القانون في (إسرائيل) وسط محاولات "نتنياهو" المقنعة لإضعاف المحكمة العليا.

وسوف يزن الناخبون أيضًا مقدار التأثير الذي سيعطونه للأحزاب الدينية في مستقبل (إسرائيل)، وهو النفوذ الذي ينمو بالفعل بفضل الثقل الديموغرافي للمتدينين الأرثوذكس والحريديم.

بالإضافة إلى ذلك، سيصدر الناخبون أيضًا حكمًا على استمرار اليمين في الحكم، وإذا ما كانوا سيمنحون السلطة للأحزاب نفسها بعد أن فشلت في الاتفاق على تشكبل الحكومة الأخيرة.

وبالنظر إلى الهوامش الضيقة لفوز اليمين في انتخابات 9 أبريل/ نيسان فإن انتخابات 17 سبتمبر/ أيلول ستكون من نواح كثيرة، معركة شاقة للمحافظين في (إسرائيل).

السياسة الخارجية

وسوف تتدخل السياسة الخارجية لـ(إسرائيل) بقوة في حسم النتيجة النهائية. وروج "نتنياهو" لنجاحاته مع إدارة الرئيس الأمريكي "ترامب" كسبب للتصويت له، وخاصة بين القوميين الإسرائيليين. ونجح "نتنياهو" في الضغط على البيت الأبيض للتخلي عن الصفقة النووية الإيرانية، وحصل على اعتراف أمريكي رسمي بالسيطرة الإسرائيلية على كل من القدس ومرتفعات الجولان، ويبدو أن الإدارة تصوغ خطة سلام تؤيد (إسرائيل) بشدة. وأعطته هذه النجاحات "نتنياهو" القوة التي احتاجها للفوز في انتخابات أبريل/ نيسان.

ولتكرار هذا النجاح الانتخابي مرة أخرى، من المرجح أن يلاحق "نتنياهو" أهدافًا وطنية أخرى خارج حدود (إسرائيل)، جزئياً لتقويض منافسيه اليمينيين مثل "أفيغدور ليبرمان" القومي العلماني (الذي أسهم خلافه مع نتنياهو في إسقاط الحكومة الأخيرة ومنع تشكيل ائتلاف يميني جديد بعد انتخابات 9 أبريل/ نيسان).

وتتلخص استراتيجية "نتنياهو" الانتخابية في إقناع الناخبين اليمينيين بالتخلي عن التصويت للأحزاب اليمينية المتنافسة - خاصة حزب "ليبرمان - وبالتالي منعها من الوصول إلى حاجز الـ 3.25% من الأصوات اللازم لدخول الكنيست.

على مستوى السياسة الفلسطينية، من المرجح أن يمضي "نتنياهو" قدما في ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية، لا سيما في الضفة الغربية، لجذب الناخبين اليمينيين إلى جانبه. لكنه يخاطر برد فعل من الفلسطينيين أنفسهم، خاصة في الضفة الغربية، ويمكن أن يتراوح رد الفعل من الاحتجاجات إلى الاضطرابات العنيفة.

وفي الوقت نفسه، ستكون غزة أيضًا جزءًا من السجالات الانتخابية، وسوف يستخدم "نتنياهو" لتويجه ضربات انتقامية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي. وأعادت (إسرائيل) إحياء سياستها المتمثلة في اغتيال قادة الفصائل الفلسطينية. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي ذلك إلى سوء تقدير قد يقود في النهاية إلى حرب كبيرة.

في سوريا، فإن نجاح (إسرائيل) في ضرب الأهداف الإيرانية دون إشعال حرب إقليمية سيمنح "نتنياهو" الفرصة السياسية لتكرار هذه الضربات واستغلالها.

وستكون هذه الحملة إعلامية أكثر من كونها استراتيجية عسكرية، وسوف يهدف "نتنياهو" من خلالها إلى تعزيز أوراق اعتماده الأمنية لدى الناخبين الإسرائيليين بدلاً من التصعيد العسكري الفعلي ضد إيران. لكن هذا ينطوي أيضاً على مخاطر: فكلما أصبحت (إسرائيل) أكثر علنية في أعمالها المناهضة لإيران، كلما كانت طهران مضطرة للرد ولو بشكل محدود. وسوف تخاطر هذه العملية بإشعال صراع أكبر بين الطرفين.

عندما يذهب الناخبون إلى صناديق الاقتراع في سبتمبر/أيلول، سيواجهون مجموعة مماثلة من الخيارات التي واجهوها في أبريل/ نيسان، وإن كان ذلك على خلفية قضايا مختلفة، خاصة تلك المتعلقة بسيادة القانون مثل جهود "نتنياهو" لتجنب المقاضاة بتهمة الكسب غير المشروع.

وكانت مهارة "نتنياهو" السياسية في إدارة المخاطر واستغلال الفرص مفيدة له في الماضي، لتجاوز مثل هذه التحديات، لكن مع توتر المنطقة بسبب المواجهة الأمريكية الإيرانية وخطة السلام الفلسطينية وتحدي غزة، فإن رئيس الوزراء ليس لديه مجال للخطأ هذا المرة بينما يسعى لتأمين بقائه في السلطة لولاية جديدة.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

استطلاع: مفاتيح حكومة إسرائيل القادمة لا تزال بيد ليبرمان