هآرتس: تغلغل الصين بالشرق الأوسط يقلق إسرائيل

الأحد 16 يونيو 2019 01:06 م

سلط المحلل الإسرائيلي "تسفي برئيل" الضوء على ما وصفه بالتغلغل الصيني في أعماق الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن بكين لا تحضر مؤتمرات قمة؛ لإنهاء حروب بين دول ولا تنشغل كثيرا بالصراعات في المنطقة.

وبدلا من ذلك تقوم بكين ببناء موانئ، وإقامة شبكات اتصالات سلكية واللاسلكية، وصفقات أسلحة؛ بغية حشد نفوذها السياسي بشكل غير معلن، حسبما ذكر المحلل الإسرائيلي في مقال بصحيفة "هآرتس" العبرية.

واعتبر "برئيل" أن هذا التغلغل يعطي (إسرائيل) سببا للقلق، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالسعودية، التي تسعي لتطوير برنامج صاروخي عبر استخدام التكنولوجيا الصينية.

واستشهد "برئيل" بالعديد من الأمثلة على التغلغل الصيني في دول الشرق الأوسط، من بينها الوعد الذي قطعته بكين باستثمار 20 مليار جنية في العاصمة الإدارية الجديدة، وحتى الآن حولت قرض بمبلغ 3 مليارات دولار بهدف بناء الحي التجاري بالمدينة التي تتواجد في صحراء مصر.

وأضاف أنه في هذا الشهر، كشفت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن السعودية تنوي تطوير برنامج صواريخ بمساعدة التكنولوجيا الصينية، وفي أكتوبر/ تشرين الأول نشرت "واشنطن بوست" صورا جوية يظهر فيها مصنع لإنتاج الصواريخ قرب مدينة "الدوادي" قرب الرياض.

وأشار "بارئيل" إلى أن الصين قسمت دول الشرق الأوسط (وشرق آسيا) إلى خمس مجموعات، عندما كشفت عن مبادرة "الحزام والطريق" في 2013، لافتا إلى أن المجموعة الأهم شملت السعودية وإيران ومصر والجزائر ودولة الامارات.

وأوضح أن منتديا سنويا للتعاون بين بكين والدولة العربية بدا في 2004 على مستوى وزراء الخارجية، حظي بزخم كبير في العامين الماضيين.

ووفقا للمحلل الإسرائيلي فقد خصصت الصين جزءا كبيرا من استثماراتها في توسيع وبناء موانئ وإقامة مناطق صناعية قرب هذه الموانئ لإنشاء خطوط ربط فعالة بين المصانع ومسارات النقل البحري.

وأضاف أن عملية تطوير الموانئ شملت دول سلطنة عُمان والامارات ومصر والهند وإيران وباكستان، والسعودية، مشيرا إلى سياسة الصين المعلنة تقول إنه ليس لهذه الاستثمارات أهداف سياسية وجميعها موجهة لتحقيق اغراض اقتصادية لصالح الصين والدول التي تقوم بالاستثمار فيها.

وبين الكاتب أن ما وصفه بـ"عدم التبجح" الذي يميز النشاطات السياسية للصين في المنطقة، يمكنها من المناورة بشكل جيد بين النزاعات بدون أن تجلب لنفسها متاعب من أي طرف.

ولفت إلى أن الصين تنسحب من المشاركة في مؤتمرات تهدف إلى إنهاء الحروب، وليست شريكة في الخطوات السياسية في سوريا أو ليبيا، ولا توجد لها رغبة في الانشغال بالنزاع بين (إسرائيل) والفلسطينيين، ويبدو أنه لا موقف لها في قضية النزاع الأمريكي – الروسي.

غير أن بكين، وفقا للمحلل الإسرائيلي، بالرغم من ذلك لا تغيب عن الساحات، فجنودها لا يتواجدون على الأرض في دول الشرق الأوسط، وبدلا من ذلك تضع شبكات اتصالات تمكنها من الوصول إلى أعماق كافة مجالات الحياة في هذه الدول.

ونوه إلى أن الصين تستخدم قوتها الناعمة أيضا عبر تطوير السياحة وتشجيع السياح على الوصول إلى دول المنطقة، وبذلك تزيد تعلق هذه الدول بها.

وأضاف أن بكين تقيم أيضا تعاونا في مجال التعليم والفنون، وفي نفس الوقت تعتبر نفسها "دولة محايدة" ليس لها أجندة سياسية.

وبحسب الكاتب، فإن هذا التصنيف يمنحها دعم الشعوب في الدول العربية التي يكره مواطنوها أمريكا، أو يخشون من التدخل الروسي في شؤونها.

وذكر "بارئيل" أن ولي العهد السعودي أبرم، خلال زيارته الأخيرة إلى الصين، اتفاقيات في مجال تزويد السلاح والتكنولوجيا العسكرية بقيمة مالية وصلت إلى 28 مليار دولار.

وأكد المحلل الإسرائيلي أن بيع السلاح الصيني للسعودية ليس أمرا جديدا، ففي عام 1988، وقبل سنتين من اقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين الصين والمملكة، اشترت السعودية من الصين صواريخ متوسطة المدى يمكنها حمل رؤوس نووية.

وأشار الكاتب إلى أن مئات المستشارين الصينيين يتواجدون في السعودية للمساعدة في تشغيل أنظمة تكنولوجية وعسكرية.

ونوه إلى أن المشكلة هي أن العلاقة بين الصين والسعودية لها تأثيرات عسكرية يجب أن تقلق أمريكا و(إسرائيل).

وبين أنه إذا كانت الصين بالفعل تشتري تكنولوجيا الصواريخ، وإذا كانت ستكون من الدول التي ستقوم ببناء المفاعلات النووية في السعودية للطاقة، فان الصين ستضع قدمين ثابتتين في تطوير السعودية التكنولوجي.

وتابع: "في حين أن المملكة ستكون متحررة من الشروط المقيدة والرقابة الوثيقة التي ترافق بشكل عام مشاريع التكنولوجيا، بالأحرى، العسكرية والنووية التي تقيمها شركات أمريكية في أرجاء العالم".

وقال "بارئيل" إن المفارقة هي أن أمريكا، التي تستخدم ضغطا شديدا على (إسرائيل) للامتناع عن التعاون التكنولوجي العسكري مع الصين، تصمت عندما تدخل السعودية التكنولوجيا العسكرية الصينية إلى بيتها، بما في ذلك التي تستخدم في صناعة الصواريخ البالستية.

وأشار المحلل الإسرائيلي إلى أن ولي العهد السعودي أعلن مؤخرا أنه إذا أصبح لدى إيران قنبلة نووية فان السعودية أيضا سيكون لديها قنبلة كهذه.

وذكر المحلل الإسرائيلي أن صحيح أنه ليس لدى السعودية قوة بشرية مهنية ومدربة في مجال الذرة بشكل عام وفي مجال الذرة العسكرية بشكل خاص، لكن أصدقاء السعودية في الصين وباكستان والهند (التي فيها تنوي المملكة استثمار مليارات الدولارات في السنوات القادمة) لن يترددوا في تزويدها بحاجاتها في هذا المجال.

وقال: "عندما يرى ويسمع ابن سلمان النقاشات حامية الوطيس بين الكونغرس الامريكي والرئيس الامريكي حول بيع السلاح التقليدي للسعودية، وبالنظر إلى انتهاء ولاية صديقه دونالد ترامب في البيت الأبيض بعد عامين، فمن الطبيعي أن تسارع السعودية الى أن تبني لنفسها حزام أمان اقتصادي وعسكري بمساعدة الصين وروسيا".

وختم "بارئيل" مقاله متسائلا: "لكن السؤال الذي سيتم طرحه مستقبلا هو من الذي سيشرف على التطوير الباليستي والنووي في للسعودية؟".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية