الإيكونوميست: مبارك يتمتع بتقاعد هادئ ومرسي الديمقراطي يموت بسجنه

الثلاثاء 18 يونيو 2019 07:06 ص

قالت مجلة "الإيكونوميست" إن وفاة الرئيس المصري المنتخب بطريقة ديمقراطية "محمد مرسي"، كانت "أمرا هامشيا في بلد انزلق إلى الديكتاتورية"، واصفة ما حدث بأنه "مقطع أخير تراجيدي في الثورة المصرية".

وشبه التقرير الذي نشرته المجلة القضايا ضد "مرسي"، والتي كان يحاكم على ذمتها على مدار ستة أعوام، بـ"العالم الكابوسي للروائي فرانز كافكا"، ففي كل أسبوع كان على الرئيس الأول المنتخب ديمقراطيا والذي أطيح به بانقلاب عام 2013 الظهور أمام المحكمة لمواجهة اتهام أو آخر.

وأضاف: "اتهم مرسي بالتجسس وسرقة المواشي والتعذيب، ولم يعد المصريون يهتمون بقضيته، إلا أن عجلة العدالة المصرية المعيبة ظلت مستمرة ثم توقفت فجأة، فقبل الساعة السادسة مساء في 17 يونيو/حزيران أعلن التليفزيون الرسمي وفاته نتيجة نوبة قلبية أثناء جلسة المحكمة، وكان عمره 67 عاما".

حياة "مرسي"

وسرد التقرير جانبا من حياة "مرسي" حتى وصوله إلى سدة الرئاسة في مصر، قائلا إنه ولد في دلتا النيل تلقى تعليمه كمهندس وأكمل دراساته العليا في الولايات المتحدة وعاد إلى مصر عام 1985 وبدأ التدريس بجامعة في محافظة الشرقية حيث نشأ.

وأضاف أنه عمل لمدة 15 عاما كأكاديمي وصعد في صفوف الإخوان، الجماعة المحظورة والتي تسامح معها حسني مبارك. وانتخب في عام 2000 نائبا في البرلمان، كعضو مستقل لأن الإخوان لم يسمح لهم تقديم قائمة من المرشحين، وخدم لفترة واحدة.

وأضافت المجلة أن "هذا الأمر لم يكن عاديا لرجل سيبرز كرئيس بعد الإطاحة بمبارك في الربيع العربي عام 2011، وفي الحقيقة لم يكن مرسي الاختيار الأول؛ لأن الجماعة كانت تريد ترشيح نائب المرشد العام خيرت الشاطر، رجل الأعمال الثري والمعروف، لكن الجيش اعترض على ترشيحه بسبب المدة التي قضاها في السجن، وكان مرسي الحل الوسط، وربما لثقة الجماعة فيه".

وأشارت إلى أنه "في الوقت الذي لم يدعم الليبراليون مرسي، وانقسمت أصواتهم حوله. ولم يشاركوه سياسته الإسلامية لكنه كان الخيار الديمقراطي، وبداية تبتعد عن النظام القديم. وصوت العديدون منهم رغم تحفظاتهم له في الجولة الثانية من الإنتخابات بينه وبين أحمد شفيق، رئيس الوزراء في عهد مبارك".

نوايا حسنة ومؤامرات

وأضاف التقرير: "وبعد تأكيد انتصاره كان أول عمل قام به بمخاطبة الجماهير في ميدان التحرير الذي كان قلب الثورة. وهناك فتح سترته لكي يظهر للجماهير أنه لا يرتدي حزاما واقيا، وأنه من الشعب، وكانت تلك لفتة كان يريد أن تقربه من الشعب".

وأردف: "لكن النوايا الحسنة لم تدم طويلا، فمرسي وحلفاؤه لم يسمح لهم بالسيطرة على مصر الكثيرة الأحزاب، ومنذ البداية حاول الجيش تقويض سلطته، فيما عملت المخابرات على الإطاحة به، وأصبحت المحاكم المرتبطة بفترة مبارك المصدر الرئيسي للمعارضة، حيث قام القضاة بحل البرلمان الذي سيطر فيه الإخوان على الغالبية، وعرقلوا جهود مرسي المتكررة لتحديد موعد جديد للانتخابات، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 أصدر مرسوما رئاسيا لحماية قراراته، ما أدى إلى تظاهرات مضادة له حول القصر الرئاسي".

ونوه التقرير إلى أن "هذا المرسوم والعنف الذي تلاه قادا إلى تمزق في العلاقة مع الثوريين الذين ساعدوا في وصوله إلى الرئاسة، وعندما أطاح به الجيش بقيادة وزير الدفاع الذي اختاره بنفسه، عبدالفتاح السيسي، شعر الكثيرون بالفرح لخروجه، وحتى المجزرة التي قتل فيها المئات من أنصار مرسي بعد شهر من الانقلاب، التي تعد غير مسبوقة في تاريخ مصر الحديث، لم تلق سوى نقد صامت".

وأشارت المجلة إلى أنه "تم حظر الإخوان مرة أخرى، ولم يتم التسامح مع الجماعة أبدا، وفقدت هيكليتها المتماسكة، وأصبح قادتها في السجون أو في المنافي في الدوحة أو إسطنبول والعواصم الأوروبية، ولم يعد هناك أي مصدر للمعارضة، وجرى استفتاء في أبريل/نيسان منح السيسي الذي أصبح رئيسا الفرصة للبقاء في الحكم حتى 2030، وعندما حاول مهندس اسمه أحمد بدوي الاحتجاج، اعتقل على الفور".

فرصة لخصوم "السيسي"

ورأت المجلة أن وفاة "مرسي" قد تعطي أعداء "السيسي" نقطة للتعبئة، حيث أعلنت الداخلية حالة الاستنفار العام، واعتقلت بعضا ممن يشتبه بانتمائهم للإخوان المسلمين، ولا يوجد ما يشير إلى وجود من سيقود التظاهرات وإن كان المصريين مستعدين للمخاطرة والانضمام لها.

ولفتت "الإيكونوميست" إلى السرعة التي تحرك فيها النائب العام الذي أصدر بعد 3 ساعات من وفاة "مرسي" تقريرا أكد فيه عدم وجود ما يشي أن الرئيس الأسبق تعرض لسوء معاملة، مطالبا بعدم توجيه اللوم إلى الدولة، لكن عائلة "مرسي" طالما عبرت عن قلقها من حالته الصحية، فقد اعتقل في زنزانة انفرادية في سجن طرة المعروف بظروفه السيئة.

وأورد التقرير نقلا عن منظمة "هيومن رايتس ووتش"، ومقرها نيويورك، قولها إن الرئيس المصاب بمرض السكري لم يحصل على العناية الصحية المناسبة، وألمح في جلسة للمحكمة إلى محاولات الحرس تسميم طعامه، لافتا إلى أن النواب في البرلمان البريطاني القلقين على حالته حاولوا زيارته العام الماضي.

"مرسي" و "مبارك"

وقارنت "الإيكونوميست" بين سنوات "مرسي" الأخيرة، التي تتناقض مع الحالة التي يعيشها سلفه "مبارك"، الرجل الذي أساء حكم مصر لمدة 30 عاما، وواجه "مبارك" المحاكمة بعد الثورة لكنه لم يعتقل في سجن طرة بل في سجن عسكري في حي راق بالقاهرة، ومع إلغاء التهم الموجهة ضده كلها فهو يتمتع بتقاعد هادئ.

وختمت "الإيكونوميست" تقريرها بالقول: "ربما كان مرسي رئيسا غير ناجح، لكنه هو الرئيس المنتخب بطريقة ديمقراطية في تاريخ مصر الطويل، وسنواته الأخيرة وحيدا في السجن هي مقطع تراجيدي أخير في الثورة المصرية، وأمر هامشي في بلد عاش سنوات طويلة تحت حكم الديكتاتورية".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

مصر.. "أبناء مبارك" يدعون إلى مظاهرات إلكترونية يومية