تفاصيل محاولة سعودية لقرصنة الغارديان بأوامر القحطاني

الخميس 20 يونيو 2019 04:06 ص

كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية تفاصيل محاولة استهداف إلكترونية منظمة تعرضت لها، في وقت سابق من العام الجاري، من قبل وحدة الأمن السيبراني بالسعودية، بسبب اشتباكها مع الأزمات التي نشبت داخل القصر الملكي السعودي، لاسيما على مستوى العلاقة بين الملك "سلمان"، ونجله وولي عهده "محمد"، وقضية "جمال خاشقجي".

وقالت الصحيفة البريطانية إنها تلقت تحذيرات، في وقت سابق من هذا العام، تتعلق باستهدافها من وحدة الأمن السيبراني بالسعودية، والتي صدر لها أوامر باختراق البريد الإلكتروني للصحفيين الذين يحققون في مختلف الأزمات التي تجتاح البلاط الملكي.

وأشارت الصحيفة إلى أن التهديد المحتمل أثاره في بداية الأمر مصدر في الرياض، فيما تم دعم هذه الرواية لاحقا بنسخة من وثيقة تبدو أنه أمر داخلي سري، بصدور تعليمات لفريق فني لتنفيذ عمليات اختراق الخوادم الحاسوبية لـ"الغارديان" بسرية تامة.

ووفق الصحيفة البريطانية، فقد حملت الوثيقة توقيعا من "سعود القحطاني"، أحد المساعدين والمقربين من ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، والذي سبق اتهامه بالإشراف على قتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي".

وذكرت الصحيفة أنه في الأسابيع التي تلت علمها بالوثيقة السابقة، طلبت "الغارديان" مرارا وتكرارا من السعودية التعليق على التهديد المزعوم، غير أن الرياض رفضت القيام بذلك.

وبدلا من ذلك، بحسب "الغارديان"، أقر دبلوماسيون سعوديون بجدية هذه المزاعم، لكنهم أثاروا في الوقت ذاته تساؤلات حول صحة الوثيقة، وطالبوا الصحيفة بالاطلاع على الوثيقة حتى يتمكنوا من إجراء تحقيق كامل في هذا الأمر.

ومع ذلك، قال خبراء إنه ليس أمرا غير عادي أن تتبع أنظمة استبدادية مثل المملكة العربية السعودية أساليب الاختراق ضد الصحفيين والكتاب، لاسيما وأنها واقعة تحت ضغوط دولية، منذ مقتل الصحفي "جمال خاشقجي" داخل قنصلية بلاده قبل 8 أشهر في مكيدة يعتقد على نطاق واسع أن "القحطاني" أشرف على تنفيذها.   

وأشارت الصحيفة إلى أن وجود اسمه في الوثيقة المكونة من صفحة واحدة تشير إلى أن "الغارديان" ربما أصبحت هدفا لفريق الأمن السيبراني في السعودية، والذي يعتقد أنه يدار من المكتب الخاص بولي العهد.

ولفتت "الغارديان" أنها علمت بالتهديد المحتمل ضدها عقب نشر قصة في شهر مارس/آذار، كشف عن وجود توترات بين الملك "سلمان بن عبدالعزيز"، وولي عهده المثير للجدل "محمد بن سلمان".

وأثارت القصة التي نشرتها "الغارديان" في هذا الوقت، جدلا واسعا في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ما أثار نكهنات بأن الملك كان يحاول لعب دور أكثر مركزية للمساعدة في توجيه المملكة، خلال فترة مضطربة ناجمة جزئيا عن أخطاء ارتكبها ولي العهد أول مساعديه المقربين.

وأوضحت أنه جرى حث مراسلي "الغارديان" على ضرورة اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة، لأن عناصر من البلاط الملكي تحاول تحديد هوية الأفراد الذين تحدثوا إليها، وقيل للصحيفة إنه ينبغي تنبيه السلطات المختصة في المملكة المتحدة وأمريكا، وقال مصدر للصحيفة: "أنتم بحاجة لحماية أنفسكم".

وفي وقت لاحق حصلت "الغارديان" على نسخة من وثيقة مكتوبة باللغة العربية، والتي يبدو أنه تدعم المزاعم الأولية حول صدور أوامر بعمليات اختراقها.

ولم تتمكن الصحيفة من التحقق بشكل مستقل من صحة المذكرة، على الرغم من أن جميع تفاصيلها قدمت إلى السلطات السعودية.

وذكرت الصحيفة البريطانية أن الوثيقة صدرت بتاريخ 7 مارس/آذار 2019، وكانت موجهة إلى رؤساء الإدارات التكنولوجية والفنية، بما يسمي مديرية الأمن السيبراني، ضمن المكتب الخاص لولي العهد.

وأشارت الوثيقة إلى "المعلومات الحساسة" الواردة في قصة "الغارديان"، والحاجة إلى تعقب مصادرها.

ونصت المذكرة على ما يلي: "بناءً على ما تم نشره في الجريدة البريطانية (ذا غارديان)، في عددها الصادر بتاريخ 28/6/1440 هـ (6 مارس/آذار 2019)، والذي يتضمن معلومات حسّاسة عن العلاقة بين خادم الحرمين الشريفين وصاحب السمو ولي العهد حفظه الله، وبسبب ما يشكله هذا من تهديدات أمنية جسيمة وما عرفناه مقدماً من وجود بعض التحركات ضد موقف سمو ولي العهد".

وتابعت: "لقد أجرينا تتبعاً أولياً لتسريبات الصحيفة، وقررنا أن لديهم نقطتي اتصال رئيسيتين في لندن بالمملكة المتحدة وواشنطن في الولايات المتحدة، يبدو لنا أن هناك علاقة قوية بين الأفراد المذكورين أدناه ومصدر (أو مصادر) التسريبات".

وأردفت المذكرة: "بناءً على ذلك، نفذوا تغلغلاً في خوادم صحيفة (ذا غارديان) وأولئك الذين عملوا على التقرير الذي تم نشره، والتعامل مع القضية بسرية تامة، ثم أرسلوا لنا جميع البيانات في أقرب وقت ممكن".

وحددت المذكرة، بشكل خاص، صحفيين اثنين، هما البريطاني "نيك هوبكنز"، والأمريكية "ستيفاني كيرشغسنر".

وقالت الصحيفة إنه على الرغم أن المفترض أن ولي العهد استبعد "القحطاني" عقب الغضب العالمي من قضية "خاشقجي"، فإن مصادر داخل المملكة وخارجها، أكدت أنه لايزال في عمله.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وضعت وزارة الخزانة الأمريكية "القحطاني" على قائمة العقوبات، قائلة إنه كان جزءا من عملية التخطيط والتنفيذ لاغتيال "خاشقجي".

وأدرجت وزارة الخارجية الأمريكية "القحطاني" في قائمة تضم 16 شخصا ممنوعين من دخول الولايات المتحدة بسبب دورهم المزعوم في عملية القتل السابقة.

وقدمت "الغارديان" للسفارات السعودية في لندن وواشنطن كافة التفاصيل ذات الصلة بالوثيقة، بما في ذلك تاريخ توقيعها، ورقمها المرجعي.

وفي ردهم، قالت السفارات إن القول إن المملكة كانت تسعى لاختراق نظام البريد الإلكتروني لصحيفة "الغارديان" مسألة بالغة الخطوة.

وذكر بيان أن "المملكة العربية السعودية تشعر بقلق بالغ إزاء مصدر الوثائق، وتطلب نسخا حتى يمكننا التحقيق من هذا الأمر بشكل كامل".

وأضاف: "لدى السعودية قوانين صارمة للغاية فيما يتعلق بمكافحة جرائم الإنترنت، وتأخذ هذه الأنواع من المزاعم على محمل الجد، حيث كانت المملكة ذاتها ضحية لمحاولات اختراق في الماضي".

وأُبلغت "الغارديان"، بأن المملكة كانت تشعر بالقلق من استهدافها بحملة تضليل تهدف إلى الإضرار بمصالحها.

ولكن على الرغم من طلبات تم تقديمها على مدى عدة أسابيع، رفضت السفارات السعودية تقديم بيان ينفي أي عملية اختراق سواء بدأت أو كانت مستمرة حتى الآن.

المصدر | الخليج الجديد + الغارديان

  كلمات مفتاحية

السعودية تطلق أكاديمية للأمن السيبراني والتقنيات المتقدمة