ناشيونال إنترست: مخاطر تصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية

الخميس 20 يونيو 2019 06:06 ص

أعلن الرئيس "دونالد ترامب"، في أبريل/نيسان، أنه يدعم تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية أجنبية.

وأثبت هذا القرار أنه مثير للجدل إلى حد كبير، بسبب عدم وجود مبرر قانوني للتصنيف، فضلا عن تداعيات ذلك على المصالح الإقليمية للولايات المتحدة، وعدم وجود أي مكاسب استراتيجية من تبني مثل هذه السياسة.

وتحدث "ستيفن بروك"، الأستاذ المساعد بجامعة "لويزفيل"، و"بريان كاتوليس"، الزميل البارز في مركز التقدم الأمريكي، مطولا عن تأثير هذا القرار، في مأدبة غداء استضافها "ناشيونال إنترست" في 6 يونيو/حزيران.

وخلال هذا الحدث، تمت مناقشة موضوعين رئيسيين، وهما الدور الأساسي للإخوان المسلمين في البلدان التي يعملون فيها، وعواقب التصنيف المنتظر على السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

وفي الواقع، من شأن إدراج الجماعة في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية أن يستتبع فرض عقوبات اقتصادية واسعة النطاق ومنع من السفر على الشركات والأفراد الذين ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين أو يتعاملون معها.

وهناك مخاوف بين صانعي السياسة من أن الحكومات التي تعارض جماعة الإخوان، كما هو الحال في مصر، ستستخدم القرار لتبرير سياساتها القمعية ضد الجماعة، من خلال مصادرة أصولها ودفعها إلى العمل تحت الأرض.

ومع وضع ذلك في الاعتبار، كان هناك إجماع من قبل المشاركين في المناقشة على أن جهود إدارة "ترامب" لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية أجنبية كانت مضللة وذات نتائج عكسية. وكشف هذا أيضا عن عدم فهم الإدارة الحالية لكيفية تأثير التصنيف بشكل كبير على السياسة الإقليمية للولايات المتحدة.

وأوضح "كاتوليس" أنه خلال الأعوام الـ 5 إلى الـ 6 الماضية، كانت المنافسة متعددة الأقطاب بين الجهات الإقليمية الفاعلة في الشرق الأوسط تتصاعد، وكان الإخوان جزءا أساسيا من هذه المنافسة.

وعلى هذا النحو، يجب أن تأخذ أي سياسة تتبناها الحكومة الأمريكية في الاعتبار هذا التنافس المستمر من أجل الهيمنة الإقليمية والشرعية السياسية. وكان النجاح السياسي للإخوان المصريين، ثم إخراجهم من السلطة في انقلاب عسكري عام 2013، مؤثرا في هوية البلاد.

سوء الفهم الاستراتيجي

وتتمثل المشكلة المستمرة لصانعي السياسة الأمريكيين في الافتقار إلى الفهم الاستراتيجي لجماعات الإسلام السياسي وكيفية تأثيرها في سياسات النفوذ الإقليمي.

ويرجع ذلك في المقام الأول إلى صدمة 11 سبتمبر/أيلول، التي أدت إلى اتخاذ الولايات المتحدة نهجا متشددا تجاه جميع الجماعات الإسلامية.

ويتطلب تطوير استراتيجية أمريكية فعالة في الشرق الأوسط فهم أيديولوجيات هذه الجماعات. على سبيل المثال، في الشرق الأوسط الكبير، هناك ثلاث كتل رئيسية. الأولى هي الكتلة المؤيدة للإسلاميين والتي تسعى إلى استيعاب الجماعات الإسلامية في أنظمتها السياسية، وتشمل دولا مثل تركيا والأردن والكويت وهي كتلة ترعاها الدوحة ماليا وإعلاميا.

والثانية هي الكتلة التي تقودها إيران، التي تهدف إلى توسيع النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط والخليج العربي. ويقود الكتلة الثالثة كل من السعودية والإمارات ومصر، وتهدف إلى تقليص نفوذ جماعة الإخوان المسلمين واحتواء نفوذ إيران في وقت واحد.

وبسبب هذه الشبكة المعقدة من الخصومات، نشأ التفرق السياسي في المنطقة وغاب الإجماع الإقليمي حول دور الإسلام السياسي وتحديدا جماعة الإخوان.

وبينما حاولت إدارة "أوباما" تغيير المسار وإشراك الإسلام السياسي ضمن الأطر السياسية القائمة، فقد صممت استراتيجية إدارة "ترامب"، التي يدعمها متشددون مثل وزير الخارجية "مايك بومبيو" ومستشار الأمن القومي "جون بولتون"، بدلا من ذلك، لمحاربة هذه الجماعات بغض النظر عما إذا كانت تتجنب العنف أم لا. وتم تعزيز هذه السياسة من قبل حلفاء حكومة "ترامب" الإقليميين المناهضين للإخوان في الكتلة التي تقودها السعودية.

وإذا قام "ترامب" رسميا بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين على أنها "منظمة إرهابية أجنبية"، فلن يكون ذلك مدفوعا بضرورة استراتيجية بقدر ما يأتي خدمة لتطلعات الطموحات الإقليمية للكتلة التي تقودها السعودية. ويضيف عنصر آخر من التعقيد إلى المشكلة، وهو تأثير "السياسات المتطرفة المعادية للإسلام" التي اكتسبت قوة في السياسة الأمريكية، فضلا عن الضغط المستمر من قبل الجهات الفاعلة المناهضة للإخوان في الشرق الأوسط. ومن شأن هذا الإجراء أن يسرع من انقسام المنطقة، وأن يدعم سياسات البلدان المناهضة للإخوان.

في المقابل، يتجاهل النهج الحالي عن الطبيعة الحقيقية لعمل الإخوان المسلمين.

وجادل كل من "بروك" و"كاتوليس" بأن الحركة تفتقر إلى هيكل مركزي، وأنها تحولت إلى سلسلة من الجماعات المستقلة التي تشكل استراتيجياتها حسب الظروف الخاصة للبلدان التي تعمل فيها.

كما أكد "كاتوليس" على أنه على الرغم من أن جماعة الإخوان المسلمين تمثل قوة سياسية إسلامية في جميع أنحاء المنطقة، إلا أنها نبذت العنف بشكل كامل، باستثناء فرعها الفلسطيني الممثل في حركة "حماس".

وفي الكويت والأردن وتونس والمغرب وتركيا والعراق، وبدرجة أكبر في البحرين، تعد الأحزاب السياسية المرتبطة بالإخوان مشاركة بنشاط في أنظمة البلاد السياسية. وعلى أي حال، يتم الاتفاق بشكل عام بين علماء القانون على أن جماعة الإخوان المسلمين لا يمكن تصنيفها على أنها جماعة إرهابية، منذ أن نبذت الجماعة العنف منذ عقود، وشاركت بنشاط في العملية الديمقراطية. ومع أخذ كل هذه العوامل في الاعتبار، ليس من المنطقي بالنسبة للولايات المتحدة تصنيف الحركة برمتها على أنها منظمة إرهابية.

اعتقادات خاطئة

وهناك أيضا جانب إنساني في كل هذا يجب مراعاته. ووفقا لـ "بروك"، يوجد اعتقاد خاطئ شائع بأن جماعة الإخوان المسلمين يتم تمويلها من قبل رعاة خارجيين أثرياء، أو من خلال وسائل مؤسسية مثل الزكاة، لكن هذا غير صحيح. وبدلا من ذلك، تدر جماعة الإخوان المسلمين جزءا كبيرا من إيراداتها من خلال توفير الخدمات الاجتماعية، مثل الرعاية الطبية والتعليم الخاص، وتمتد هذه الخدمات إلى أي شخص يرغب في استخدامها، بغض النظر عن الانتماءات الدينية أو السياسية.

وتوفر المؤسسات التابعة للإخوان خدمات عالية الجودة، ويُنظر إليها على نطاق واسع على أنها غير فاسدة، وتحظى باحترام الناس لمعاملتها الإنسانية والمهنية للمرضى والعملاء.

وأكد "بروك" هذه النقطة من خلال الإشارة إلى أن 95% من المرضى المصريين الذين يستخدمون المرافق الطبية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين يدفعون نقدا مقابل خدماتهم، مما يزود الجماعة بتدفق الإيرادات اللازم لدعم عملياتها، على الرغم من الاستيلاء على أصولها وحساباتها البنكية من قبل الحكومة المصرية.

وإذا تم إغلاق هذه المرافق، فسوف يؤثر ذلك سلبيا بشكل غير مناسب على الفقراء الذين يعتمدون على خدماتها. ويتفق الجميع على أن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية أجنبية قد يؤدي إلى رد فعل عنيف قوي ضد أمريكا، ويدفع أولئك الذين يعتمدون على الخدمات الاجتماعية لجماعة الإخوان المسلمين إلى النظر إلى واشنطن كعدو. وبالنسبة إليهم، قد يبدو التصنيف بمثابة أداة مصممة لمساعدة الحكومة المصرية في زيادة قمع الجماعة.

وإذا كانت الولايات المتحدة ترغب في مواجهة أيديولوجية الإخوان بفاعلية، فعليها بدلا من ذلك التركيز على استراتيجية مواجهة الإخوان من خلال تبادل الأفكار في البلدان والمجتمعات التي يكون فيها الإخوان أقوياء. وسيكون ذلك صعبا بسبب الافتقار إلى حرية التعبير والحركة في المنطقة.

ومع ذلك، في الوقت الحالي، فإنه لا يمكن إحصاء أي فوائد لتصنيف الإخوان على قوائم الإرهاب، فضلا عن المخاطر المحتملة المرتبطة بالتصنيف. لذا، يجب أن يتوقف "ترامب" عن السعي لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية أجنبية.

المصدر | جوي بويز - ناشيونال إنترست

  كلمات مفتاحية

البرلمان المصري يصيغ قانونا لطرد الإخوان من الوظائف الحكومية

أمين التعاون الإسلامي: الإخوان أخطر من تنظيم الدولة وقاتلوا مع هتلر

الأمن الوطني العراقي يرفض اعتبار الإخوان منظمة إرهابية (وثيقة)