السودان وحرب اليمن.. لماذا تدعم السعودية والإمارات المجلس العسكري؟

الثلاثاء 25 يونيو 2019 09:06 ص

لا يمثل تمرد الحوثي في ​​اليمن أي تهديد لأمن السودان أو لمصالحه الوطنية، ولا توجد أي جماعة في اليمن سبق أن هاجمت أو استهدفت السودان، ولم يكن المواطنون السودانيون قلقين بشأن وصول الحوثيين إلى السلطة في صنعاء وأجزاء أخرى من اليمن منذ حوالي خمس سنوات.

ومع ذلك، منذ أن بدأت السعودية والإمارات حملتهما العسكرية في اليمن منذ مارس/ آذار 2015، لعب السودان دورًا مهمًا في الصراع. ومن أجل تأمين قوة عسكرية برية على الأرض، اتجه السعوديون والإماراتيون لجلب قوات من السودان من ذوي الخبرة القتالية في دارفور وأجزاء أخرى. في الواقع، يقاتل حاليا ما بين 8 آلاف إلى 14 ألف من المرتزقة السودانيين، بمن فيهم جنود أطفال تتراوح أعمارهم بين 13 و 17 عامًا، في صفوف التحالف العربي ضد المتمردين الحوثيين.

كانت مشاركة السودان في التحالف العربي تدور حول المال. تقاتل القوات شبه العسكرية السودانية في الحرب الأهلية اليمنية بسبب مشاكلها الاقتصادية الرهيبة في الداخل وحاجتها إلى كسب المال. وتقوم دول الخليج العربي في التحالف بدفع تعويضات لكل من المرتزقة السودانيين والجنود الأطفال تصل إلى 10 آلاف دولار مقابل المشاركة في القتال الذي تسبب تسبب في أسوأ أزمة إنسانية مستمرة في العالم. وأبقت هذه السياسة عدد الضحايا السعوديين والإماراتيين منخفضًا نسبيًا ولكن على حساب مئات السودانيين الذين فقدوا حياتهم في هذه الحرب.

المقاتلون السودانيون

ينتمي العديد من المقاتلين السودانيين في اليمن إلى ميليشيات الجنجويد المؤلفة من عرب من غربي السودان وشرقي تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى. وعلى الرغم من أن الجنجويد ظهروا في منتصف الثمانينات، إلا أنهم اكتسبوا اهتمامًا عالميًا بعد أن رعى نظام الرئيس المعزول "عمر البشير" هذه الميليشيات لمحاربة الجماعات المسلحة في دارفور خلال العقد الأول من القرن العشرين. وأدت انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها الجنجويد في دارفور إلى اتهام المحكمة الجنائية الدولية "البشير" بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وإبادة جماعية.

وكما أوضح "نبيل خوري" من "ذي أتلانتك"، فقد ذهب بعض من "أسوأ العناصر وأفقر العناصر" في السودان إلى اليمن للقتال على الرواتب السعودية الإماراتية. كما فتح السودان حدوده أمام المرتزقة من الدول الأفريقية الأخرى للانضمام إلى القتال في اليمن.

خدم الانضمام إلى التحالف العربي المصالح الجيوسياسية لـ"البشير"، لاسيما بعد اندلاع أزمة مجلس التعاون الخليجي في يونيو/حزيران 2017. وبعد أن قطعت الكتلة بقيادة السعودية والإمارات العلاقات مع قطر، كان "البشير" في موقف صعب للموازنة بين شراكته القوية مع الدوحة، وبين علاقاته الجيدة مع السعوديين والإماراتيين. وكان "البشير" قادرًا على فعل ذلك، برفضه دعم الحصار على قطر في الوقت الذي استجاب فيه للسعودية في ملفات أخرى على رأسها قطع العلاقات مع إيران، ودعم التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات في اليمن.

تداعيات المشاركة

لكن قرار "البشير" إبقاء السودان في التحالف العربي كان أحد العوامل التي ساهمت في نهاية حكمه الذي استمر ثلاثة عقود في أبريل/ نيسان الماضي. وإلى جانب الغضب الناجم عن الفساد والفقر والبطالة، كانت المعارضة الواسعة لدور السودان في حرب اليمن موضوعًا للاحتجاجات ضد "البشير". وستظل مشاركة البلاد في تلك الحرب مصدراً للخلاف خلال فترة الانتقال الهشة.

وقام أعضاء الجنجويد السابقون، الذين ينتمون الآن إلى قوات الدعم السريع، بممارسة العنف ضد المتظاهرين في الخرطوم في 3 يونيو/ حزيران الحالي. وتفيد التقارير أن الحملة القمعية أعقبت اجتماعات بين مسؤولين رفيعي المستوى في المجلس العسكري الانتقالي ونظرائهم في الرياض الذين قدموا للحكام العسكريين في السودان الضوء الأخضر لشن مثل هذا العنف لإنهاء الاعتصامات. وهكذا برزت قوات الدعم السريع كوكيل للسعودية والإمارات في السودان واليمن.

يواصل المواطنون السودانيون المطالبة بالحكم المدني والديمقراطية والمساءلة والشفافية وحماية حقوق الإنسان في مواجهة الطغمة العسكرية التي أبدت استعدادها لقصف وتعذيب واغتصاب المتظاهرين العزل. ويرى هؤلاء المحتجون إمكانات بلادهم وأصبحوا محبطين من عقود من الفساد وسوء الإدارة والنزاعات المسلحة التي لا نهاية لها والتي أعاقت تطور البلاد. ويوجد لدى السودان العديد من الموارد الطبيعية القيمة، ويمكن للأراضي الزراعية السودانية أن تغذي معظم العالم العربي مع تلبية الاحتياجات الأساسية في الداخل. ومع ذلك، وبسبب الظروف الاقتصادية القاسية في السودان، والتي تفاقمت بسبب العقوبات الأمريكية، خلص عشرات الآلاف من السودانيين إلى أن أفضل خيار لهم هو التقاط السلاح للقتال في صراع مروع  ليس للسودان مصالح وطنية فيه.

تفهم دول الخليج العربي التي تخوض الحرب في اليمن أن أي حكومة يقودها المدنيون في الخرطوم ستنسحب على الأرجح من التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات. لذلك، تتشبث الدولتان بالحكومة السودانية "المؤقتة"، التي يقودها المجلس العسكري الانتقالي من أجل الحفاظ على حصصهما في التأثير على قرارات الخرطوم. وستحصل أي حكومة سودانية صديقة للسعودية والإمارات على دعم من هاتين الدولتين بغض النظر عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها ضد مواطنيها. وبالنظر إلى أن الحكومة العسكرية في السودان قد وعدت بمواصلة قتال الحوثيين، ستواصل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بدورهما تعزيز شرعية المجلس العسكري.

وبالمثل في مصر، دعم القادة السعوديون والإماراتيون نظام "عبد الفتاح السيسي" كخيارهم الوحيد القابل للتطبيق. ويخشى الكثير من السودانيين أن تصبح بلادهم مثل مصر، خاصة وأن بعض دول مجلس التعاون الخليجي تشعر بالقلق إزاء صعود الإسلاميين إلى السلطة في السودان ما بعد "البشير". وإذا استمرت الحرب الأهلية اليمنية، فمن المرجح أن يستخدم السعوديون والإماراتيون نفوذهم المالي على الحكام العسكريين السودانيين لضمان استمرار تدقق المرتزقة السودانيين والجنود الأطفال للقتال. وفي الوقت نفسه ، فإن الدعم الذي تقدمه دول الخليج إلى المجلس العسكري سوف يشجع السلطات العسكرية السودانية في مواصلة حملتها على النشطاء وجماعات المعارضة.

المصدر | جورجيو كافييرو- لوب لوغ

  كلمات مفتاحية

السعودية والإمارات ترسلان سفينة أسمدة زراعية للسودان