كوشنر في مؤتمر المنامة.. وعود معسولة تغفل حقوق الفلسطينيين

الأربعاء 26 يونيو 2019 03:06 م

أطلق "غاريد كوشنر" مستشار الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، مساء الثلاثاء، سيلًا من "الوعود المعسولة" للفلسطينيين والمنطقة بشأن المستقبل والتنمية والازدهار.

لكن صهر "ترامب"، أغفل تمامًا حقوق الفلسطينين الكثيرة، لاسيما إقامة دولة كاملة السيادة، عاصمتها مدينة القدس الشرقية المحتلة، وعودة ملايين اللاجئين.

حديث "كوشنر"، جاء في اليوم الأول من مؤتمر "ورشة السلام من أجل الازدهار"، بالعاصمة البحرينية المنامة، الذي يُعقد بمشاركة عربية رسمية محدودة، مقابل مقاطعة تامة من جانب فلسطين ودول عربية أخرى.

ويهدف المؤتمر، الذي يختتم أعماله الأربعاء، إلى تنظيم الجوانب الاقتصادية لخطة التسوية السياسية الأمريكية المرتقبة للشرق الأوسط، والمعروفة إعلاميًا باسم "صفقة القرن".

وتقاطع القيادة والفصائل ورجال الأعمال الفلسطينيين المؤتمر، باعتباره إحدى أدوات خطة السلام الأمريكية، التي يتردد أنها تقوم على إجبار الفلسطينيين، بمساعدة دول عربية، على تقديم تنازلات مجحفة لصالح (إسرائيل).

تنمية وازدهار

كوشنر بدأ كلمته بالحديث عن مكانة الولايات المتحدة وقوتها في عهد "ترامب"، وقال إن واشنطن ستتمكن من إيجاد ظروف مواتية لتحقيق الازدهار، إذا توحدت الجهود.

وتابع أن "الفلسطينيين لديهم كل المقومات والإمكانيات، هم فقط يحتاجون مساعداتنا المشتركة".

ورأى أن الفلسطينيين تعرضوا لمحاولات خداع حول مؤتمر المنامة، وتوجه إليهم بقوله: الرئيس ترامب لم ينسكم، ولدينا خطة لتوفير المستقبل الأفضل لكم.

وأردف: "إذا استطعتم التفكير بأسلوب جديد ستتمكنون من تحقيق منجزات كثيرة، يجب أن تكون هناك فرص وإمكانيات لكل فرد وعائلة".

وزاد بقوله: "يجب التوقف عن توجيه اللوم إلى الآخرين.. علينا أن نقرر كيفية تحقيق التقدم لحل القضية، التي تم إنفاق أموال كثيرة لتسويتها".

واستدرك: "تصوروا لو استثمرنا هذه الأموال في تدريب الكوادر وحل القضايا الصحية وغيرها"، وتابع: "هذا ما سنقوم به سويًا في المستقبل، نحن نعرف كيفية تهيئة الظروف لجذب استثمارات لهذه المنطقة".

ومضى قائلًا: "مستعدون لتحويل مجرى النزاع إلى الازهار والتطور.. علينا أن نتخذ إجراءات مشتركة لنتقدم إلى مستقبل مزدهر".

تمويل الخطة

رأى "كوشنر"، أن "المنطقة كانت بحاجة لخطة جديدة وصحيحة لتوفير المستقبل والتقدم، لذا كان هذا المنتدى، الذي نحتاج خلاله إلى مناقشات معمقة لإيجاد رؤية مشتركة يدعمها المجتمع الدولي".

وتابع: "الحضور هنا ممثلون عن المؤسسات المالية العالمية الكبيرة والبنوك المركزية وصندوق النقد الدولي والشركات العالمية الكبرى".

وتوجه إلى الحضور، قائلًا: "بفضل اهتمامكم ورؤوس أموالكم سنتمكن من حل القضايا المستعصية، وتحسين حياة الناس في المنطقة والعالم".

فرصة القرن

صهر "ترامب"، تطرق خلال كلمته، إلى جانب من السمعة السيئة، التي باتت تحظى بها الخطة الأمريكية المرتقبة.

وقال "كوشنر": "البعض يسمي هذه الخطة صفقة القرن.. هي ليست صفقة، وإنما هي فرصة القرن، هكذا نسمي خطتنا"، وأضاف: إذا كانت السلطة الفلسطينية مستعدة لاستيعاب واحتواء هذه الخطة فسنتمكن من توفير فرص جديدة للجميع في الشرق الأوسط.

وزاد بقوله: "خطتنا الاقتصادية ستؤدي إلى الازدهار، رؤيتنا مبنية على تقييم عميق لما حدث في السنوات الخمس والسبعين الأخيرة".

وأردف أن إدارة "ترامب"، قامت بدراسة معمقة حول الخطة مع خبراء اقتصاديين عالميين من دول بينها: الولايات المتحدة وبولندا والصين.

وتابع: "نستخدم أفضل التجارب والخبرات، وأخذنا بعين الاعتبار وضع خطة اقتصادية شاملة هي الأضخم، حيث لم تشهدها المنطقة برمتها".

وشدد على أن واشنطن وترامب على استعداد لـ"العمل المشترك من أجل مستقبل فلسطين والشرق الأوسط، وهدفنا هو السلام والازدهار".

50 مليار دولار

"كوشنر"، قال إن الخطة، التي تمتد 10 سنوات، تقوم على ضخ 50 مليار دولار في الاقتصاد الفلسطيني واقتصادات مصر، الأردن ولبنان (دول تستضيف لاجئين فلسطينيين)، لحلحلة الصراع.

ويقول الفلسطينيون، إن "ترامب" يستهدف إسقاط حق عودة ملايين اللاجئين إلى أراضٍ تحتلها (إسرائيل)، ويستشهدون بقراره، العام الماضي، وقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

وأوضح "كوشنر"، أن "الأموال سيتم توزيعها بشكل صحيح، حيث تشمل الخطة إقامة مشروعات في الأردن ومصر أيضا".

وأضاف أنها ستضاعف الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني، البالغ حاليًا 13.8 مليار دولار، وتوفر أكثر من مليون فرصة عمل للفلسطينيين، وتخفض معدل البطالة إلى ما دون 10 بالمائة، وتقلص معدل الفقر بأكثر من النصف.

وقبل أيام، كشف البيت الأبيض عن أبرز ملامح الخطة الاقتصادية، وتتضمن: مشروعات لفتح طريق بري بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وتوفير احتياجات الفلسطينيين من الكهرباء، وكذلك مشروعات لبناء محطة كهرباء في غزة، ومنشآت طاقة متجددة، وشبكات مياه وصرف صحي، ورقمنة الخدمات والاقتصاد الفلسطيني.

كما تعد بتحويل الضفة الغربية وغزة إلى وجهة سياحية عالمية ناجحة، عبر السياحة الدينية والثقافية والترفيهية وسياحة البحر.

وتستهدف العمل مع مبتكري التكنولوجيا المالية، وزيادة فرص الوصول إلى رأس المال، وشراء بذور وأسمدة جديدة، وبناء أنظمة ري حديثة.

وتطرح كذلك زيادة البناء في الضفة الغربية وغزة لخفض أسعار العقارات، وتسهيل الحصول على قروض عقارية من البنوك الفلسطينية.

وتدعم تطوير مناطق صناعية حديثة ومنشآت تصنيع أخرى، تستفيد فيها الشركات الفلسطينية من حوافز ضريبية وتمويلية، من شأنها خفض تكلفة ممارسة الأعمال التجارية.

وتتضمن الخطة تقديم الدعم لتعزيز صناعة الحجر والرخام والمواد الهيدروكربونية ومعادن أخرى في فلسطين.

خرائط بلا حدود

في المنامة، عرض "كوشنر"، مقطعًا ترويجيًا ظهرت فيه خرائط للمنطقة من دون حدود للدول.

ويروّج الفيديو لمشروعات تنموية واستثمارية في المنطقة، لا سيما الضفة الغربية وغزة، دون أي إشارة إلى شكل حدود الدول، بما فيها (إسرائيل) وفلسطين.

ويشير الفيديو إلى مشروعات في قطاعات البنية التحتية والتكنولوجيا والتعليم والطاقة، تشمل الضفة الغربية وغزة والمنطقة عامة، دون التطرق إلى الشق السياسي، أو العراقيل التي تشكلها ممارسات (إسرائيل) من استيطان وحصار واحتلال.

كما لم يتطرق الفيديو، إلى ترتيبات إدارة تلك المشروعات، خاصة في الشق الأمني وتوزيع العائدات، رغم أن الحديث يدور عن قطاعات استراتيجية، بينها الربط بين الضفة الغربية وغزة والغاز الطبيعي في مياه البحر الأبيض المتوسط.

وشهدت دول عربية وغربية، خلال الأيام القليلة الماضية، وقفات احتجاجية رفضًا لمؤتمر المنامة و"صفقة القرن"، إضافة إلى تنديد واسع من جانب مسؤولين عرب حاليين وسابقين ونقابات واتحادات ومنظمات مجتمع مدني.

ويشهد المؤتمر، الذي تراعاه واشنطن، مشاركة متباينة المستويات لدول عربية، أبرزها السعودية والأردن ومصر والإمارات والمغرب، فضلًا عن البحرين المضيفة، إضافة إلى رجال أعمال إسرائيليين.

وترفض القيادة الفلسطينية التعاطي مع أية تحركات أمريكية في ملف السلام، منذ أن أعلن "ترامب"، في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، القدس بشطريها الشرقي والغربي عاصمة لـ(إسرائيل)، القوة القائمة بالاحتلال، ثم نقل السفارة الأمريكية إليها، في 14 مايو/أيار 2018.

ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة، استنادًا إلى قرارات الشرعية الدولية، التي لا تعترف باحتلال (إسرائيل) للمدينة عام 1967 ولا ضمها إليها في 1980.

وتقول القيادة الفلسطينية إن "ترامب"، منحاز تمامًا لصالح (إسرائيل)، وتدعو إلى إيجاد آلية دولية لاستئناف عملية السلام المجمدة منذ أبريل/ نيسان 2014؛ بسبب رفض (إسرائيل) وقف الاستيطان والقبول بحدود ما قبل حرب يونيو/ حزيران 1967 أساسًا لحل الدولتين.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية