هل تحفز سياسات ترامب التقارب بين إيران وجماعة الإخوان المسلمين؟

الأربعاء 26 يونيو 2019 11:06 ص

من شأن قرار الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" تصنيف جماعة الإخوان المسلمين، وهي منظمة إسلامية شعبية ومعتدلة، باعتبارها "منظمة إرهابية" أن يؤدي إلى فرض عقوبات على جميع من لهم صلة بالجماعة.

وفي حين أن جماعة الإخوان المسلمين نفسها لا تفي بالتعريف القانوني للجماعات الإرهابية، فإن هذا القرار الحاسم قد يكون له تداعيات سلبية في العديد من الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة، حيث تتمتع جماعة الإخوان بدعم هائل وقوة سياسية.

وقالت إدارة "ترامب" في 30 أبريل/ نيسان إن الحكومة الأمريكية تعمل على تصنيف حركة الإخوان المسلمين في مصر بأنها منظمة "إرهابية" أجنبية. وفي خطوة غير عادية، استشار الرئيس على ما يبدو فريق الأمن القومي قبل اتخاذ قرار نهائي، وذلك وفقًا للبيان الصادر عن البيت الأبيض.

وجاء بيان الرئيس المفاجئ في أعقاب الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي" إلى واشنطن، والتي حث خلالها "ترامب" على اتخاذ تدابير ضد جماعة الإخوان المسلمين.

وفيما أشاد "ترامب" بنظيره المصري باعتباره "رئيسًا عظيمًا وحليفًا استراتيجيًا"، أثارت مجموعة من أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي مخاوف حول سجل الأخير في عدد من القضايا بما في ذلك حقوق الإنسان، والتشريعات الجديدة الهادفة لإبقاءه في منصبه حتى عام 2030، وشراء مصر الأسلحة الروسية.

ومن المحتمل أن يؤثر قرار تصنيف الإخوان المسلمين كـ"منظمة إرهابية" على المساجد، وكذلك على المنظمات المرتبطة بالإخوان المسلمين في الولايات المتحدة. وقد تضغط جماعات الإسلاموفوبيا داخل الولايات المتحدة من أجل إجراء تحقيقات لمكتب التحقيقات الفيدرالي في كل مسجد أو مستشفى أو منظمة خيرية، يُزعم أن لها صلات بالجماعة.

وتأسست جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 في مصر، وهي واحدة من أقدم المنظمات الإسلامية نفوذاً في العالم. وعلى الرغم من أن المنظمة محظورة قانونًا في مصر منذ بداية تأسيسها تقريبًا، إلا أنها اكتسبت نفوذًا من خلال إنشاء شبكات وفروع في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وحصل الإخوان على زخم بعد الربيع العربي في عام 2011 أتاح للجماعة تحقيق الشرعية والوصول إلى السلطة في مصر. ومع ذلك، أطاح الجيش بأول رئيس منتخب ديمقراطياً "محمد مرسي"، المنتمي لجماعة الإخوان، ووضعه رهن الاعتقال منذ عام 2013، وحتى موته الأسبوع الماضي، ولاحقا، حظرت الحكومة الجماعة بعد حملة قمع عنيفة.

التقارب مع إيران

وأجبر العنف والقمع الداخلي الجماعة على البحث عن حلفاء مؤثرين جدد في المنطقة، مما أدى إلى تقارب ضمني مع لاعب إقليمي بارز آخر هو إيران الشيعية.

وعلى الرغم من كونهما يقعان على طرفي الانقسام السني الشيعي، فإن إيران وجماعة الإخوان المسلمين تشتركان في أعداء ومخاوف مشتركة؛ مثل الرغبة في الضغط من الولايات المتحدة والتكتل الذي تقوده السعودية والذي يتكون من الإمارات والبحرين ومصر.

واجهت إيران نفس المشكلة التي واجهها الإخوان في 8 أبريل/ نيسان، عندما صنفت إدارة "ترامب" الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية أجنبية. ولا شك أن تصرفات إدارة "ترامب" الأخيرة أدت إلى تقارب بين إيران والإخوان في الشرق الأوسط فقد كانت هذه هي المرة الأولى التي تفسر فيها الولايات المتحدة قوانين مكافحة الإرهاب لتشمل كيانًا في حكومة دولة قومية.

في الواقع، أصبحت إيران واحدة من أوائل الدول الإقليمية التي أدانت علانية قرار الولايات المتحدة الساعي لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية. وسوف يؤدي هذا التصنيف إلى تعقيد العلاقات الأمريكية مع دول مثل المغرب وتونس والأردن والسودان وقطر وتركيا، العضو في الناتو.

وتعتبر العديد من الأحزاب السياسية المعروفة في هذه البلدان نفسها جزءًا من جماعة الإخوان المسلمين، أو مرتبطة بها ارتباطًا وثيقًا، وتخدم العديد من الأحزاب الإسلامية ذات الجذور الإخوانية في البرلمانات وفي حكومات هذه البلدان.

في حالة تركيا، على سبيل المثال، يعد الرئيس "رجب طيب أردوغان" مؤيدًا قويًا لجماعة الإخوان المسلمين، وقد كان مؤيدا لحكومة "مرسي"، ومن المرجح أن تعزز السياسة الخارجية المتشددة ضد تركيا وإيران من رغبتهما في العمل ضد الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مما قد يؤدي إلى تعاون أوثق بين تركيا وإيران وجماعة الإخوان المسلمين.

إلى جانب التهديدات والمخاوف الإقليمية، تشترك إيران وجماعة الإخوان أيضاً في وجهة نظر اجتماعية مماثلة لدور الإسلام في المجتمع، بما في ذلك الكفاح من أجل المساواة ومناهضة الظلم. وعلى عكس نظرائهم الإيرانيين، يرفض الإخوان الوسائل الثورية لكسب السلطة، ويراهنون بدلاً من ذلك على الانتخابات الديمقراطية.

وتعد الدعوة إلى إجراء انتخابات ديمقراطية في جميع أنحاء الشرق الأوسط الآن واحدة من المطالب الرئيسية لجماعة الإخوان المسلمين. وتدل محاولات الرئيس الراحل "محمد مرسي" لتشكيل مجموعة عمل إقليمية تضم المملكة العربية السعودية وتركيا ومصر وإيران من أجل وقف العنف في سوريا على أن الجماعة تعتبر إيران لاعباً إقليمياً مهماً. وبعد خلع الرئيس "مرسي" من السلطة، اتبعت الحكومة المصرية الحالية سياسة خارجية أكثر تأييدًا للسعودية، منهية بذلك آمال إيران السابقة في إقامة علاقات دبلوماسية أعمق مع مصر تحت حكم الإخوان.

مستقبل التحالف

ومع ذلك، واصلت إيران تنمية الاتصالات مع الجماعة في المنفى. وفي يوليو/ تموز 2017، انخرطت إيران وجماعة الإخوان المسلمين في أكثر الاجتماعات العامة شهرة، حيث التقى آية الله "محسن عراكي"، مستشار المرشد الأعلى "علي خامنئي"، مع القيادي البارز في تنظيم الإخوان "إبراهيم منير" على هامش اجتماع لمنتدى الوحدة الإسلامية. وفي واقع الأمر، تعد جماعة الإخوان المسلمين شريكا سنيا مثاليا لإيران الشيعية "لتوحيد العالم الإسلامي".

من الواضح أيضا أنه من الممكن تعزيز التحالف الناشيء بين الإخوان وإيران في ضوء الاضطرابات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وخاصة المواجهة السنية الشيعية، وسوف يكتسب مثل هذا التحالف المزيد من الزخم بدعم من تركيا وقطر، وربما من روسيا أيضا التي زادت من نفوذها الإقليمي في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة.

ويبقى مسار التحالف المحتمل بين الإخوان وإيران ذا طبيعة سياسية أكثر من كونه مسارا دينيا. ويبغض الطرفان فكرة ترسيخ النفوذ الغربي عبر العملاء الإقليميين مثل (إسرائيل) وممالك الخليج.

وعلى الرغم من العقوبات والقمع الجماعي، ما زالت جماعة الإخوان المسلمين هي المنظمة الإسلامية الأكثر شعبية في الشرق الأوسط. لذلك، يمكن أن يكون التحالف المدفوع سياسياً بين هذين الممثلين مصدر قلق للقوى القائمة، ويمكنه أن تغيير قواعد اللعبة. وإذا كان التزامهما التعاوني قويًا، فلن تكون هناك فرصة كبيرة لأن تتمكن الكتلة التي تقودها السعودية من الحفاظ على الوضع الهش الحالي في المنطقة ومنع نشوب صراع إقليمي آخر واسع النطاق.

المصدر | فؤاد شهبازوف - إنسايد أرابيا

  كلمات مفتاحية

البرلمان المصري يصيغ قانونا لطرد الإخوان من الوظائف الحكومية