ترامب يدعو الفلسطينيين للتنازل عن دولتهم مقابل المال

الأربعاء 26 يونيو 2019 02:06 م

اجتمع رجال الأعمال والمستثمرون والدبلوماسيون في الشرق الأوسط في البحرين، الثلاثاء، لحضور مؤتمر بقيادة البيت الأبيض يهدف إلى تعزيز خطة سلام طال انتظارها عبر وعود بفرص اقتصادية قد تؤدي إلى الازدهار في المنطقة.

وتعد "ورشة السلام من أجل الازدهار"، التي استمرت ليومين بحضور شخصيات عربية في اللباس العربي الخليجي، ويهود وأرثوذكس يرتدون القلنسوات من (إسرائيل) والولايات المتحدة، من بين بنات أفكار صهر الرئيس "ترامب"، وصهره ومستشاره "جاريد كوشنر".

لكن الاقتراح الاقتصادي اللامع الذي كان من المفترض أن يعجب الفلسطينيين تمت مقابلته برد سلبي إلى حد كبير.

ورفض النقاد المبادرة باعتبارها إعادة صياغة للأفكار التي تم طرحها في الجهود السابقة لحل النزاع، وأبدوا غضبهم من الصور الفوتوغرافية للفلسطينيين الذين استفادوا سابقا من برامج المساعدات الأمريكية، التي قطعتها إدارة "ترامب" منذ ذلك الحين، وهاجموا إغفال تلك النقطة.

وقاطعت السلطة الفلسطينية الحدث، ولم تتم دعوة الحكومة الإسرائيلية.

ووافقت العديد من الدول العربية على الحضور، ولكن، امتثالا لطلبات الفلسطينيين، امتنعت عن إرسال كبار المسؤولين، حيث أرسل الأردن على سبيل المثال نائب وزير المالية لحضور الورشة.

وكان المتحدث الفلسطيني الوحيد على جدول الأعمال هو "أشرف الجعبري"، وهو زعيم عشيرة كبيرة في الخليل في الضفة الغربية يقيم علاقات مع المستوطنين اليهود، وساعد في تشكيل غرفة تجارة تضم الشركات الفلسطينية والمستوطنات للعمل معا.

وانتقد الزعماء الفلسطينيون "الجعبري" باعتباره منبوذا سياسيا.

وتجنب قادة الأعمال الفلسطينيون الأكثر شهرة، في قطاعات البنوك والعقارات والتصنيع والتكنولوجيا وغيرها من القطاعات، حضور الورشة، مرددين ما تقوله السلطة الفلسطينية بأن الحديث عن التحسن الاقتصادي قبل إيجاد حل سياسي يعد أمرا مهينا، كما لو أن الفلسطينيين مستعدون لبيع طموحاتهم لإقامة دولة مقابل حفنة من المال.

ولم يصدر المنظمون قائمة بالحضور، لكن من الواضح أنها كانت مجموعة منتقاة بعناية، ومن بين هؤلاء "شلومي فوغل"، وهو أخصائي شحن إسرائيلي يعتبر صديقا حميما لرئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو"، وقد تم النقل عنه قوله إنه يعتقد أن العالم العربي "سئم" من الفلسطينيين، ويريد الخروج من الصراع.

ولا تتمتع (إسرائيل) بعلاقات دبلوماسية مع البحرين، وهي مملكة جزرية صغيرة في الخليج العربي مربوطة بجسر مع المملكة العربية السعودية، لكن البلاد وافقت على تسهيل القيود على التأشيرات لاستيعاب المدعوين، وكذا المؤسسات الإخبارية الإسرائيلية التي تم منحها أوراق اعتماد لتغطية المؤتمر.

مدافعون ومعارضون

وتراوحت نغمة الجلسات الافتتاحية للمؤتمر بين المدافعين عن الصفقة، وعلى رأشهم "كوشنر" الذي قدم عرضا مسرحيا، وبين القائلين بأنها فكرة غير واقعية.

وفي حلقة نقاش، قال "ستيفن شوارزمان"، الرئيس التنفيذي لمجموعة "بلاكستون"، إن الخطة واقعية.

وقال: "نحن نتحدث عن 27 مليار دولار للفلسطينيين وهو ليس رقما كبيرا. لقد وضعنا في بلاكستون أكثر من 5.5 مليار دولار في استثمار واحد. وسوف يسهم هذا المبلغ في إعادة تشكيل المنطقة. لذلك لا أعتقد أن جاريد يتحدث عن شيئ غير قابل للتحقيق".

وقلل "محمد علي العبار"، المطور العقاري الإماراتي لبرج خليفة في دبي، أطول مبنى في العالم، من تأثير مقاطعة السلطة الفلسطينية للمؤتمر.

وقال: "نحن فلسطينيون في الحقيقة، لأن القضية الفلسطينية هي قضيتنا. لذلك، لسوء الحظ أنهم لم يكونوا هنا، وكان من الجيد وجودهم، لكنني أشعر أنني أمثلهم لأنها قضيتي أيضا".

وجعل التناقض بين مقاربة إدارة "ترامب" العقابية تجاه الفلسطينيين خلال العامين الماضيين ورغبتها المعلنة في دعم حل للنزاع، من الصعب على الفلسطينيين قبول جهود الإدارة الأمريكية.

وتناول "كوشنر" هذا التصور. وقال: "رسالتي المباشرة للشعب الفلسطيني هي أنه على الرغم مما يقوله لكم أولئك الذين خذلوكم في الماضي، فلم يتخلَّ الرئيس ترامب أو أمريكا عنكم".

وفي إشارة إلى استهزاء الزعماء الفلسطينيين بخطة "ترامب" للسلام قال "كوشنر" إن اقتراحه الاقتصادي سيكون "فرصة القرن"، إذا ما كان لدى القيادة الفلسطينية الشجاعة للانخراط بها، على حد وصفه.

ودعت الخطة الاقتصادية إلى استثمار 50 مليار دولار لتحسين حياة الفلسطينيين وجيرانهم العرب، بما في ذلك الخطط طويلة الأمد مثل إنشاء ممر للنقل بين قطاع غزة والضفة الغربية.

لكنها لم تشر إلى الحصار المفروض على غزة من قبل (إسرائيل) ومصر، أو الموقف من حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة. ولا تذكر صفحاتها الـ 136 كلمة عن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، الذي يشكل عقبات هائلة ومتعددة لأي تنمية اقتصادية فلسطينية.

وقال "ديفيد ماكوفسكي"، الزميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، الذي شارك في جهود إدارة "أوباما" للتوسط في السلام عامي 2013 و2014، إنه يراقب الأمر لمعرفة ما إذا كان المؤتمر قد يؤدي إلى خطوات ملموسة لتحسين الحياة، على سبيل المثال من خلال زيادة إمدادات الكهرباء أو مياه الشرب إلى غزة.

واعترف "خالد بن أحمد آل خليفة"، وزير الشؤون الخارجية البحريني في مقابلة أجريت معه، بأن البعض في المنطقة قد تعبوا من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الطويل.

وقال: "كل من تعامل مع القضية سئم منها، بما في ذلك الفلسطينيون. لكن لا ينبغي لنا أن نغلق الباب في وجه أي جهد من شأنه أن يأخذ المنطقة إلى مسار أفضل".

نحو التطبيع

في سياق آخر، يثير عقد المؤتمر آمالا كبرى في زيادة التعاون بين (إسرائيل) وجيرانها العرب، أو على الأقل وجود تعاون أكبر في العلن.

وقال "ماكوفسكي": "لقد استمر هذا الأمر لأعوام في الكواليس، لكن يبدو أنه يظهر للعلن الآن".

وقال "إسحاق كريس"، المدير العام لمركز "شيبا" الطبي، أكبر مستشفى في (إسرائيل)، إنه عقد بالفعل اجتماعات مع القادة البحرينيين الذين منحوه الأمل في الشروع في مشاريع بحثية مشتركة ومشروعات أخرى في العالم العربي. وقال إن الطب يعد وسيلة مثالية للبدء في عبور هذه الحدود لأنه لا يتعلق بالسياسة.

وقد تزامن اجتماع البحرين مع مؤتمر في الأمم المتحدة لمناقشة تمويل "الأونروا"، الوكالة التي تساعد نحو 5 ملايين فلسطيني مسجلين كلاجئين في الضفة الغربية وغزة والأردن ولبنان وسوريا.

وتخلت الولايات المتحدة، التي كانت في السابق أكبر مانح للوكالة، عن تمويلها العام الماضي، مما أدى إلى أزمة مالية وتفاقم الاستياء المتزايد بين إدارة "ترامب" والقادة الفلسطينيين.

وتحركت دول أخرى لملء الفراغ، لكن "الأونروا" لا تزال عرضة للعجز المالي.

وقال "بيتر مولرين" مدير مكتب "الأونروا" في نيويورك، إن المؤتمر حصل على تعهدات بأكثر من 110 ملايين دولار، مقارنة بـ 40 مليون دولار في نفس الحدث العام الماضي.

وأضاف: "ما زلنا بحاجة لجمع المزيد من الأموال، وسنواصل جهودنا، لكن اليوم يمثل خطوة مهمة إلى الأمام في عام 2019".

المصدر | نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية